اعادة هيكلة تعرفة الكهرباء.. الحكومة تجرّ مزيدا من الاردنيين نحو الطبقة الاكثر فقرا



مالك عبيدات- حذر متحدثون من أن يطال اعادة هيكلة تعرفة الكهرباء وتوزيع الشرائح فئات واسعة من المواطنين وعدم اقتصارها على فئة محدودة لا تتجاوز 7% كما أعلنت عنه وزيرة الطاقة هالة زواتي خلال اجتماعها لجنتي الطاقة والاستثمار والاقتصاد النيابية، الأربعاء، لافتين إلى أن التصريحات والوعود الحكومية عادة ما تختلف عن الواقع، تماما كما جرى لدى اقرار الضريبة المقطوعة على المحروقات.

وأجمع المتحدثون لـ الاردن24 على أن الغموض هو ما يميّز ملف الطاقة في الأردن، مطالبين باعادة النظر في ادارة هذا الملف الذي أصبح لغزا محيرا في ظلّ عدم نشر أي معلومات تخص طريقة احتساب الكلف على فاتورة الكهرباء.


وقال الخبراء إن الحكومة مطالبة بالبحث عن الخلل في هذا الملف وإعادة هيكلة القطاع بشكل عام، والاستفادة من الطاقة المتجددة والربط الكهربائي مع دول الجوار مثل سوريا ولبنان والعراق التي هي بأمسّ الحاجة للطاقة الكهربائية، وبما يمكّن الحكومة من تخفيض الكلف على المواطنين، خاصة وأن أسعار الطاقة تشكّل العبء الأكبر على المواطنين، وأي رفع لها من شأنه التأثير على غالبية المواطنين.

وطالبوا وزارة الطاقة والوزيرة زواتي بنشر كافة التفاصيل المتعلقة باعادة توزيع الشرائح وكيفية احتسابها على المواطنين وهل سيتم تحميل شرائح الاستهلاك المنزلي فرق السعر لتخفيض الكلف والخسائر على شركة الكهرباء الوطنية، لافتين إلى أن أسعار الكهرباء والنفط هي الأعلى على مستوى المنطقة بسبب ضغوط البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

زوانة: الحكومة ستجرّ مزيدا من الشرائح إلى الطبقة الأفقر

وحول ذلك، قال المحلل الاقتصادي، زيان زوانة، إن قطاع الطاقة في الأردن يُدار بطريقة غامضة وأبعد ما تكون عن الشفافية، وهذا هو السائد منذ سنوات، ولم يتوقف، كما يتمّ تعطيل برامج الطاقة المتجددة رغم أهميتها للبلد، مشيرا إلى أن هذا القطاع أساسي وحيوي، وتديره الحكومة بطريقة غير واضحة، وهو ما أفقد المواطنين الثقة بالحكومة والمسؤولين عن ملفّ الطاقة.

وأضاف زوانة لـ الاردن24 إن هذا القطاع يمسّ جيوب المواطنين بشكل مباشر، سواء أكانوا مواطنين عاديين أو رجال أعمال، كما أنه يمسّ الاقتصاد الأردني برمّته، حيث أصبح اقتصادنا غير منافس، مؤكدا أن قطاع الطاقة هو أحد أهم الأسباب التي عصفت بالاقتصاد الأردني وأفقدته تنافسيته على كافة الصعد.

وتابع: إلى أن تتمّ ادارة هذا القطاع بطريقة شفافة وواضحة تحسب حساب قدرة المواطن وتنافسية الاقتصاد الأردني، سنبقى في هذه الدوامة، مشيرا إلى أن الشريحة الدنيا لن تتأثر بشكل مباشر بالقرارات الأخيرة، لكنّ ذوي الدخل المتوسط والمواطنين الذين يعيشون على حدود مستويات الفقر سوف يتأثرون بهذا القرار نظرا لكمية الاستهلاك المحدودة.

ورأى زوانة أن غالبية المواطنين ستلحقهم هذه الزيادة، وهذا ما سيجرّ المواطنين إلى الطبقة الأدنى (الأفقر) بسبب اضعاف قدرتهم الشرائية ومستوى معيشتهم، وبالتالي ستدخل شرائح جديدة إلى مستويات الفقر نتيجة لتزايد فاتورة الكهرباء.

عقل: يجب اعادة النظر بادارة ملفّ الطاقة

ورأى المتخصص في شؤون الطاقة، هاشم عقل، أن حديث الوزيرة زواتي كان عامّا وغير تفصيلي، وقد جاء في معظمه كحديث انشائي، ليبقى السؤال الأهم: "هل سيكون الأمر كما ذكرت الوزيرة؟"، معتبرا أن الايجابية الوحيدة هي امكانية تخفيض الكلف على القطاعات التجارية والصناعية، إذ أن كلفة الطاقة على القطاع الصناعي تصل إلى (40- 60%).

وأضاف عقل لـ الاردن24 إن المطلوب اليوم هو زيادة الاعتماد على الطاقة البديلة حتى تخفض بالنهاية الكلفة على جميع شرائح المجتمع، والعمل على مشاريع ربط كهربائي مع (العراق، وسوريا، ولبنان)، لأنها تزيد الدخل وتخفض تكاليف الانفاق والنفقات الجارية على محطات توليد الكهرباء، خاصة في ظلّ حديث الوزيرة عن امتلاك المحطات الأردنية قدرة توليدية عالية.

وأكد ضرورة اعادة النظر في ادارة ملفّ الطاقة، وأن يكون هناك تخفيض واضح ملموس أثره لدى الصانع والمصدر والمستهلك، فيما رأى أنه من الخطأ رفع التعرفة على شريحة تحت غطاء تخفيضها على شريحة أخرى.

الشوبكي: الحكومة ستحلّ أزمة الكهرباء الوطنية على حساب المواطن

من جانبه قال الباحث في مجال الطاقة، عامر الشوبكي، إن الاتجاهات الحكومية لا تتجاوز كونها تنفيذية لقرارات البنك الدولي وتوصيات صندوق النقد الدولي في 2020، وذلك بهدف معالجة خسائر شركة الكهرباء الوطنية والتشوه في شرائح الكهرباء، وبالتالي التعرفة المرتفعة على قطاع الصناعة، ومعالجة الخسائر، فالحكومة تخسر (9) فلسات على كل كيلو واط، نتيجة بيعها للمواطن، حيث أن معدل سعر البيع لجميع الشرائح هو (7.2) قرشا / كيلو واط، ومعدل كلفة توليد الكيلو واط على شركة الكهرباء الوطنية هو (8.1) قرشا.

وأضاف الشوبكي لـ الاردن24 إن الحكومة تنوي تقليل خسائر الشركة، والسؤال هنا: "على حساب من سيكون هذا التخفيف، فإذا كان على حساب غير الأردنيين كما قالت الوزيرة، فإنهم نسبة قليلة، ولن يتسنى للحكومة تقليص هذه الخسائر".

ورأى أن القطاع المنزلي سيتحمل الخسارة التي تنوي الحكومة تقليصها من مجمل خسائر شركة الكهرباء الوطنية والتي تصل إلى (5.5) مليار دينار، وتقترب من (18%) من نسبة الدين العام الأردني، ولا بدّ من الشفافية في التصريحات الحكومية، وأن لا ننجر وراء بعض التصريحات، مذكّرا بالوعود الحكومية لدى اقرار الضريبة المقطوعة على المحروقات، والتي كانت تزعم أنها في صالح المواطن، ليتبيّن بعد التطبيق أنها ضدّ المواطن، وجعلت أسعار المحروقات ترتفع دون أمل في تخفيضها.

وأكد أهمية كشف الحكومة تفاصيل القرار القادم بالأرقام، خاصة وأنها تدرسه منذ سنتين، مشددا على أن الأسعار الحالية ظالمة، وكلف الكهرباء والمحروقات في الأردن هي الأعلى على مستوى الوطن العربي.

وأشار الشوبكي إلى أن هذه القرارات هي نتيجة الادارة المتخبطة لوزير الطاقة هالة زواتي، وربما تكون شركات التوزيع شريكة فيها، لأن الحكومة ستضمن ربحا معيّنا لهذه الشركات على حساب المواطن، مجددا التأكيد على عدم ثقته بالتصريحات الحكومية.