حوارية المنتدى الاعلامي.. لا تعلقوا الفشل على كورونا
تلقيت دعوة كريمة من مركز حماية وحرية الصحفيين لحضور الجلسة الحوارية تحت عنوان (جائحة كورونا .. ماذا تغير ؟ وهل ما زالت خطرا في الاردن؟)، التي يستضيف فيها " المنتدى الاعلامي " وزير الصحة الدكتور فراس الهواري ، وذلك يوم غد الاثنين الساعة السادسة مساء .
ويستضيف المنتدى الاعلامي الذي أطلقه مركز حماية وحرية الصحفيين بشكل دوري " صانعي القرار في حوارات ومناقشات حرة ومفتوحة مع وسائل الإعلام لضمان تدفق معلومات ذات مصداقية ".
وكم كان بودي ان البي الدعوة للحضور والمشاركة في الجلسة التي يكتسب موضوعها وتوقيتها ومشاركة وسائل الإعلام فيها أهمية بالغة ، في مرحلة دقيقة ، اعتقد ان الاردن يقف فيها على مفترق طرق ، وهو يدخل دوامة موجة ثالثة بأعتراف رسمي واضح جاء متأخرا ،ربما تحت تأثير الضغط الذي شكلته الوثيقة الداخلية للمراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، التي نشرتهاصحيفة واشنطن بوست اخيرا ، وتحدثت عنها في مقالة سابقة .
ويحول ظرف خاص ،دون تمكني من المشاركة بالحضور الوجاهي للجلسة ، لكن لا بأس فنحن نعيش اليوم زمن التواصل عن بعد ، وعليه اطرح هنا جملة من الأفكار والتساؤلات ،لتكون غدا على طاولة الحوار ، وقد تبدو للوهلة الاولى غير ذات صلة بعنوان الجلسة الحوارية، لكنها من ‐ وجهة نظري‐ في صلب موضوعها ،وتشكل المقدمات والخلاصات والاسئلة مداخل تؤشر الى المتغيرات ومخاطرها على الاردن في ظل انتشار الوباء وتفشيه وموجاته الضاربة .
السؤال الكبير (جائحة كورونا .. ماذا تغير ؟ ).
بين الحين والحين تضرب البلدان منفرده او مجتمعه ،أوبئة وجوائح على حين غرة ، وهو امر متوقع في اي زمان ومكان ، وانتشار كوفيد ١٩ وتفشيه عالميا ،ليس خارج السياق العام ،وإن كان له خصوصيات غير مسبوقة ، لكنه يبقى في النهاية ،وباء قابلا للمسح والدراسة والتحليل ،والأهم من كل ذلك انه يمكن مكافحته والتصدي له ودحره ،بالعلم والمعرفة والخبرة ،وجلها لا تأتي من فراغ وإنما في اطار النظام الصحي وما يمتلك من هذه القدرات والمقومات .
واعكس السؤال ، ماذا تغير حين ضربنا الوباء ؟
في ظل نظام صحي، تغنينا بتماسكه وصلابته، وتكامل مكوناته والشراكة القائمة بينها في القطاعين العام والخاص، جاء الوباء فوضعنا على المحك، لنكتشف كم هي حالة وهن هذا النظام وتفككه وضعف قيادته والإشراف عليه والمتمثلة في وزارة الصحة.
ولن نتحدث عن القطاع الخاص الذي غاص في وحل الوباء وعبر عن روح "البزنس" في نظرته للمرض فاغتنم ضعف القطاع العام وعدم قدرته على استيعاب اعداد المرضى ، فراح يتقاضى أجور معالجة احدثت ضجيجا وتذمرا وحراكا رافضا عكسته وسائل الإعلام، فأعادته الى رشده عاريا الا من ثوب الربح والتجارة الذي يكتسيه!!.
ودهمنا الوباء في ظل واقع صحي مرير تقوده وزارة في أضعف حالاتها ،واشدها وهنا ، بعد ان افرغت من كفاءاتها الفنية باحالات واسعة على التقاعد ،لا سيما لاصحاب الاختصاصات الطبية الرئيسة التي تعاني من نقص حاد فيها ،فأزداد الطين بلة .
وفي ظل الوباء وتفشيه تكشف المستور وتعرت إدارات الوزارة الهزيلة وخاصة تلك التي تشكل خط الدفاع الاول لمكافحة الاوبئة والحد من انتشارها، وفي عهدها تمرغنا في وحل "الصفر " و "وبنشف وبموت " ، ونظريات " الشماغ " و"الضبع" وكل النكات الرسمية الصادرة عن عباقرة الوزارة في لحظة غياب الوعي!! .
وتجل أقسى واقصى مظاهر الضعف والوهن وغياب الوزارة وفقدانها للقدرة على الفعل ،في إحلال أفراد وهيئات ومؤسسات احتلت طوابق في مبناها ،وتولت فعليا زمام الامور ،وبقيت الوزارة واجهة من زجاج تكشف خلفها رموز التدبير وهم من خارجها لا يمتون لكوادرها بصلة وحلوا محلهم .
ومرة اخرى اعكس الشق الثاني من عنوان الجلسة ، وأسأل هل ما زال الخطر في الاردن من كورونا ؟.
الخطر قائم ، لكن كورونا بريئة من دم البلد، "براءة الذئب من دم بن يعقوب"، ومكمن الخطر كشفته كورونا حين نزعت ورقة التوت عن وزارة تسلمها غير ذوي العلم والمعرفة والاختصاص في شؤونها ، واجهز عليها في انقلاب إحالات واسعة على التقاعد شمل خيرة كوادرها ولا سيما اطباء الاختصاص وهم واجهتها ، وحل في إدارة الوزارة كل من هب ودب من حملة "كرت غوار" فكان الانهيار والسقوط المدوي ، وكل ما نراه اليوم من أوضاع محزنة في مركز الوزارة ومستشفياتها ومراكزها الصحية وفي كل مناحي الخدمة التي تقدمها او حتى رقابتها واشرافها على القطاعات والمؤسسات الطبية والصحة العامة .
باختصار شديد لتبحث الحكومة عن مشجب آخر غير كرونا تعلق عليه فشل وزارة الصحة في المواجهة مع الوباء وفي التصدي لمجمل القضايا الصحية وليس كورونا اخطرها.
اليوم يتيح مركز حماية وحرية الصحفيين فرصة ثمينة لوسائل الاعلام لتطرح على وزير الصحة في مواجهة مباشرة كل الأسئلة التي لطالما تهرب من الاجابة عليها، وتناولتها الماكينة الاعلامية الرسمية بالهرج والمرج والعبارات الفضفاضة حمالة الأوجه القابلة لكل أشكال التأويل والتفسير ،الذي يزيد الامور ضبابية وغموضا .