باحثون يكتشفون أن تنظيم حاجتنا للنوم قد يتم من خلال قشرة الدماغ

النوم جزء أساسي من الروتين اليومي، وعلى الرغم من وجود العديد من الفوائد الصحية له، إلا أنه ضروري أيضا للعديد من وظائف المخ.

ويحتاج الجميع إلى النوم، لكن الغرض البيولوجي منه ما يزال غامضا، مثل: لماذا ننام؟، وما هي العملية وراء النوم؟، وما إلى ذلك من الأسئلة المثيرة للاهتمام.

 واكتشف باحثون في جامعة أكسفورد هدفا جديدا لدراسات النوم داخل أدمغة الثدييات، وهو القشرة الدماغية.

وتشكل القشرة الدماغية نحو 80% من حجم الدماغ وهي مسؤولة عن العديد من الظواهر المعقدة، بما في ذلك الإدراك والفكر واللغة والانتباه والذاكرة.

وبينما يتم استخدام النشاط في القشرة بشكل طبيعي في دراسات النوم لتسجيل أنماط النوم/ الاستيقاظ، وجدت أحدث دراسة من جامعة أكسفورد أن العمليات داخل القشرة نفسها قد تكون في الواقع مسؤولة عن التحكم في النوم، مثل مدة النوم ومدى عمق النوم.

ورصدت الدراسة نشاط الدماغ في فئران المختبر، والتي تمتلك تشابها أساسيا في الدماغ مع البشر من حيث التشريح وآليات النوم.

ووقع "إسكات" الخلايا العصبية في منطقتين من القشرة، الطبقة القشرية الحديثة 5 وجزء من الحُصين، في أدمغة الفئران.

وعندما وقع تعطيل الخلايا العصبية في هذه المناطق من الدماغ، بقيت فئران المختبر فجأة مستيقظة لمدة ثلاث ساعات على الأقل كل يوم.

ولفهم هذه النتائج، يعيش الفأر العادي لمدة عامين تقريبا، ما يعني أنه اكتسب ثلاثة أشهر كاملة من وقت "الاستيقاظ" على مدار حياته. ومن الناحية البشرية، هذا سيعادل نحو 10 سنوات.

وعلى الرغم من أن الفئران كانت مستيقظة لفترة أطول، إلا أن حاجتها للنوم العميق لم تتأثر. وعادة، عندما تبقى الفئران (والبشر) مستيقظين لفترة أطول من المعتاد وتصبح أكثر إرهاقا، فإننا ننام بعمق أكثر للتعويض.

 ووجدت هذه الدراسة التي أجريت على فئران التجارب أنها لم تنم بعمق أكثر من المعتاد. لا يبدو أن ساعتها الجسدية تتأثر على الإطلاق بساعات الاستيقاظ الإضافية في أيامها.

وقال الدكتور لوكاس كرون من قسم علم وظائف الأعضاء والتشريح وعلم الوراثة بجامعة أكسفورد والمؤلف الرئيسي للدراسة المنشورةفي مجلة في مجلة Nature Neuroscience: "اكتشافنا أن القشرة المخية جزء من نظام تنظيم النوم يفتح آفاقا جديدة لطب النوم. ومن الممكن استخدام تقنيات تحفيز الدماغ غير الغازية المثبتة بالفعل لتغيير النشاط القشري وبالتالي النوم المعتدل لغرض علاجي، مثل علاج اضطرابات النوم".

وقال البروفيسور فلاديسلاف فيازوفسكي، رئيس مختبر النوم والدماغ والسلوك في قسم علم وظائف الأعضاء والتشريح وعلم الوراثة وعضو في معهد علم الأعصاب والنوم (SCNi)، وهو مؤلف مشارك في الدراسة: "إن القشرة المخية هي بنية معقدة للغاية، من الناحيتين التشريحية والوظيفية، وبالتالي يصعب دراستها، وهذا هو السبب في أننا نعتقد أن دورها في التحكم في النوم قد تم التغاضي عنه سابقا. وتقدم تأثيرات الإسكات القشري على النوم منظورا جديدا حول آليات التحكم في النوم، ولديه إمكانات قوية لتغيير مجال البيولوجيا العصبية للنوم".

وفي حين أن هذه الدراسة هي خطوة أولى مهمة، إلا أنه يجب القيام بالمزيد من العمل. قال الدكتور كرون: "نأمل أن تقوم العديد من المجموعات البحثية الأخرى الآن بالتحقيق في كيفية مساهمة القشرة الدماغية في تنظيم النوم. وسيساعدنا نهج متعدد التخصصات على فهم الآليات الخلوية والدوائر العصبية التي تنظم القشرة من خلالها النوم".

المصدر: ميديكال إكسبريس