تعرف على أهم الظواهر المرتبطة بالتغير المناخي وتداعياتها الكارثية على حياتنا

أكد تقرير الأمم المتحدة حول المناخ الصادر مؤخرا أن التغيرات المناخية أصبحت سريعة ومكثفة وواسعة الانتشار. وستواصل هذه التغيرات منحاها التصاعدي في المستقبل لتزيد من تأثيرها على حياة الإنسان عبر زيادة تواتر العديد من الظواهر الجوية والمناخية المتطرفة.
 
 
تواصل ارتفاع درجات الحرارة
يؤكد تقرير التقييم السادس للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أن مستوى الانبعاثات المستقبلية للغازات المسببة للدفيئة بسبب الأنشطة البشرية، سيحدد مدى الارتفاع في درجة الحرارة وشدة تغير المناخ في المستقبل والمخاطر المرتبطة به في المستقبل.

ولا يقتصر الأمر على زيادة تركيزات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي للأرض، بل يشمل أيضا تسارع معدل هذه الزيادة. ويوضح التقرير أن هذه الانبعاثات مسؤولة عن حوالي 1.1 درجة مئوية من الاحترار مقارنة بالفترة ما بين عامي 1850و1900 (يُشار إليها غالبا باسم فترة ما قبل الصناعة)، وستتجاوز هذه الزيادة 1.5 درجة مئوية في المتوسط قبل نهاية العقدين القادمين.

وإذا تواصل هذا الارتفاع فإن تداعياته على دورة الماء الطبيعية وعلى الغطاء النباتي والمحيطات سيكون كارثيا من خلال ارتفاع وتيرة ذوبان الثلوج وارتفاع مستوى البحر وموجات الحرارة الشديدة والجفاف والأمطار الغزيرة والأعاصير المدارية والفيضانات.

ارتفاع مستوى البحار يتواصل حثيثا وقد يزيد عن متر واحد بنهاية القرن (فليكر)
ارتفاع سطح البحر وغرق السواحل
يرتفع مستوى سطح البحر لأن المياه تتمدد قليلا عندما ترتفع درجة حرارتها، ولكن أيضا بسبب ذوبان الأنهار الجليدية الجبلية والصفائح الجليدية القطبية بفعل الاحترار العالمي التي تضيف كميات هائلة من المياه إلى المحيطات.


وبحسب التقرير، فإن مستويات سطح البحر ستستمر في الارتفاع إلى غاية نهاية القرن حتى وإن قمنا بخفض الانبعاثات، ولكن إذا خفضنا الانبعاثات بما يكفي، فسيكون بالإمكان إبطاء معدل الزيادة.

وتُظهر النماذج المناخية أن ذوبان الصفائح الجليدية في القطب الجنوبي سيضيف ما بين 14 و114 سنتيمترا إلى ارتفاع مستوى سطح البحر بحلول عام 2100.

وفي كل الحالات سيتعين على العديد من الأشخاص مغادرة منازلهم المشيدة في مناطق قريبة من السواحل، لكن العدد سيختلف اعتمادا على كيفية تصرفنا، من خلال تقليل الانبعاثات العالمية وتحسين الدفاعات ضد ارتفاع مستوى البحر.

وذكرت دراسات سابقة أن 4 من كل 10 أشخاص (39% من سكان العالم) يعيشون على بعد أقل من 100 كيلومتر من الشواطئ وهم معرضون لخطر الفيضانات إذا استمرت مستويات سطح البحر في الارتفاع. وأن 600 مليون منهم يعيشون في مناطق ساحلية منخفضة، و200 مليون في سهول فيضية ساحلية.

موجات الحر الشديد وفترات الجفاف ستزيد وتيرتها في المستقبل (ماكس بيكسل)
حر وجفاف وحرائق أكثر تواترا
ووفقا للتقرير، فقد شهدت جميع المناطق في العالم تقريبا خارج المناطق القطبية ارتفاعا في موجات الحرارة الشديدة منذ الخمسينيات. وأصبحت هذه الظواهر تحدث بوتيرة أسرع بـ5 مرات أكثر مما كانت عليه بين عامي 1850 و1900.

وكانت موجات الحر غير المسبوقة التي شهدتها أمريكا الشمالية والمملكة المتحدة مؤخرا، خير مثال على زيادة حدة هذه الظاهرة في السنوات الأخيرة.


وقد أكدت دراسات سابقة أن هذه الموجات الشديدة لم تكن لتحدث في غياب الانبعاثات الغازية الملوثة للجو بسبب النشاط البشري.

كما أدى الاحترار إلى تفاقم الجفاف في بعض مناطق العالم. فحالات الجفاف التي حدثت في السابق مرة واحدة فقط كل عقد، أصبحت الآن أكثر تواترا بنسبة 70% مما كانت عليه في حقبة ما قبل الصناعة.

وأكدت دراسات سابقة وجود رابط بين التغيرات المناخية واندلاع عدد أكبر من الحرائق وعلى نطاق أوسع حول ضفاف المتوسط وجنوب أوروبا وشمال أميركا وأستراليا.

زيادة حدة الفيضانات إحدى تداعيات الاحتباس الحراري (بيكسابي)
أعاصير وفيضانات أشد
وبالتوازي مع ذلك، اعتبر التقرير أن العواصف والفيضانات الشديدة هي مشكلة متنامية أخرى. فما كان يحدث في السابق من أمطار غزيرة بمعدل مرة واحدة في كل عقد من الزمان أصبح اليوم أكثر تواترا بنسبة 30%.

وفيما يخص الأعاصير المدارية، من المتوقع أن تزداد نسبة العواصف الكبرى (مرتبة من الفئة 3 أو أعلى) في المستقبل، مما يعني أنها تزداد قوة مع مرور الوقت.

وتؤدي هذه الظواهر المتطرفة إلى حدوث فيضانات تغمر خلالها الأمطار الغزيرة أنظمة الصرف في المناطق الحضرية وترفع مستوى المياه في الأنهار وتزيد في منسوبها. وتتسبب الفيضانات في خسائر في الأرواح وأضرار جسيمة في البنى التحتية مثلما حدث مؤخرا في ألمانيا ودول أوروبية أخرى.

من المتوقع أن تزداد نسبة العواصف المدارية من الفئة 3 أو أعلى في المستقبل (ناسا)
تداعيات أخرى كارثية
مع الاحترار العالمي وتغير أنماط هطول الأمطار، وتواتر موجات الجفاف تؤكد الدراسات العلمية أن أنواع عديدة من الكائنات الحية النباتية والحيوانية ستتعرض لخطر الانقراض في المستقبل.


وفي مقابل الضرر الفادح الذي تسبب به، سيتلقى الإنسان مكافأته من الطبيعة في شكل نقص بالغذاء ومخاطر صحية إضافية وزيادة في عدد ضحايا التغيرات المناخية.

قد يكون من الصعب زراعة ما يكفي من الغذاء في بعض المناطق، فسوف يغير المناخ المحاصيل التي يمكن أن تنمو في مناطق مختلفة.

وقد تكون بعض الأماكن قادرة على زراعة محاصيل جديدة، لكن العديد من الأماكن ستشهد انخفاضا في إنتاج المحاصيل، خاصة في البلدان الأكثر حرارة، مما سيؤثر بشكل جدي في الاستقرار الاجتماعي في تلك المناطق.

وقدرت منظمة الصحة العالمية عدد الوفيات بسبب التغيرات المناخية بحوالي 529 ألفا عام 2050. وسيكون ملياران من البشر عرضة لأمراض متعلقة بهذه التغيرات، كما سيعاني 600 مليون آخرون من سوء التغذية عام 2080.

والمناخ هو أحد العوامل الهامة والمؤثرة في حياة الإنسان، لكن أهميته ستزداد في المستقبل.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية