الرفاعي والبراري: خصومة صفرية
صديقي د. حسن البراري، اسعد الله صباحك، ابتداء. لقد وجدت نفسي لا اتفق معك في الاستقالة من اللجنة كما كنت قد وجدت نفسي سابقا لا اتفق معك عندما قبلت ان تكون عضوا في تلك اللجنة اساسا. انت تعرف بالطبع بالقاعدة الفكرية الراسخة التي تشير الى ان المقدمات الواضحة المجربة لا تقود الى نهايات مختلفة عما قادت له سابقا ولكن بالمقابل فان التراكمات الكمية المشحونة بالفعل المتقن تقود في الغالب الى تغيرات نوعية حاسمة وهامة.
الدولة الاردنية يا صديقي منذ تأسيسها قبل مائة عام اتسمت بصفة لم تتسم بها انظمة الحكم الاخرى في المنطقة، وهي انها تدار من دولة عميقة صارمة متعددة الاقطاب تتقن فن اداء الدور واخراجه ولا تترك شيئا للصدفة، واعتقد لكونك متخصصا في العلوم السياسية وادارة الدول تعلم هذه الحقيقة علم اليقين.
وفي حالة هذه اللجنة التي قبلت العمل بها ومن ثم غادرتها في استقالة مدوية، فهل كنت مثلا تعتقد انك ستساهم فعليا في قيادة الحوار والنقاش وحقن تلك العملية بعناصر الابداع وتكتيكات الاكاديميين في تعميق االفكرة وتحليلها وتعريتها لتظهر ساطعة، مفهومة، واضحة لمن يراها؟ وبالتالي التأثير على مخرجات العملية برمتها والوصول الى نتائج حاسمة تخدم الاهداف المعلنة للجنة.
اذا كان الوضع كذلك وكنت فعلا قد قبلت عضوية تلك اللجنة للمساهمة في الوصول الى نتائج محددة فقد أخطأت، ومن ثم عالجت الخطأ بخطء آخر (الاستقالة). فالاستقالة ستوحى بدوافع شعبوية وهذا الشكل من الدوافع في شخصية الاكاديمي تعتبر تهمة خطيرة، واعتقد جازما انك لا ترغب في ان تتهم بهذه التهمة وانك ايضا لست كذلك.
وااذا اردت التأكد من صحة ما اتكلم به فطالع بتروي تعميم رئيس اللجنة السيد سمير الرفاعي حول استقالتك الموجه الى اعضاء لجنته وخلاصته انه بالرغم من كونه شخصيا قد رشحك لعضوية اللجنة الا انه كان مترددا خشية ان يحدث ما حدث فعلا..
انت وسمير تخوضان خصومة لا تقود الى شئ، انها معادلة صفرية بامتياز.
مع خالص المحبة..
qatamin8@hotmail.com