اخليف الطراونة يرعى المؤتمر الدولي حول الوضع الاجتماعي والاقتصادي لدول حوض البحر الاحمر

 
القى الدكتور خليف الطراونة كلمة خلال رعايته المؤتمر الدولي حول الوضع الاجتماعي والاقتصادي لدول حوض البحر الاحمر، والذي عقد في رحاب جامعة العقبة للتكنولوجيا.

وتحدث الطراونة خلال كلمته عن البحر الأحمر واهميته الجيوسياسية، واحتلاله مكانة بارزة في الاقتصاد العالمي، والملاحة البحرية.

وتاليا كلمة الطراونة التي نشرها عبر الفيسبوك:-
بسم الله الرحمن الرحيم

يسعدني بداية أن أحيي جمعكم الطيب هذا: ضيوفاً أفاضل، وعلماء أجلاء، وحضوراً كراماً وطبتم وطاب صباحكم: فرحاً وألقاً وبهجة، وأنتم تزينون مؤتمركم هذا بحضوركم البهي، ولتملأوا نفسي:فخاراً و زهواً بكل واحد منكم. فلكم مني وافر المحبة وبالغ التقدير على تلبية دعوة جامعة العقبة للتكنولوجيا التي تتجمع عندها السُبل ولا تتفرق، ويلتقي فيها الباحثون والمؤرخون والعلماء وأهل المعرفة.

يأتي عقد هذا المؤتمر المعرفي، تأكيداً على معنى الشراكة الحقيقية بين الجهات المشاركة فيه وما يربطها من عُرى الصداقة والتعاون التي نأمل أن تتعزز وتتوطد في المقبل من الأيام.

كما يأتي انطلاقاً من حرص جامعة العقبة للتكنولوجيا على تعزيز أسباب الالتقاء والتفاهم المشترك والحوار الرصين. فالفكر الذي تغنيه التعددية، ويثريه الحوار العلمي المتنوع هو الفكر الأبقى والأجدر بالتقدير والاحترام. و هو أداة التعاون والتفاهم بين الشعوب.

ولست أحسب أن هناك من هو معني باستكشاف سُبل التفاهم المشترك وتعزيزها، والوصول إلى الحقيقة المعرفيه أكثر من الجامعات ومراكز الأبحاث التي هي منطلق إشعاعي حضاري، و رمز من رموز العلم والمحبة والتلاقي.
ونحن في الأردن - و على نهج قيادتنا الحكيمة - نسعى دوماً إلى التواصل ونشر رسالة المحبة والصداقة والسلام، والمشاركة في كل لقاء يقرب القلوب، ويجمع الأحبة، ويزيل الحدود المصطنعة، فما يجمعنا من جوار و أخوة و روابط أكثر بكثير مما نختلف فيه.

ولعل لقاءكم اليوم، يشكل رافداً مهماً لتوطيد هذه العلاقات، ويسهم في بناء رؤى و قواسم مشتركة من خلال تناوله لموضوع بالغ الأهمية، و هو البحر الأحمر، الذي يكتسب أهمية جيوسياسية، ويحتل مكانة بارزة في الاقتصاد العالمي، والملاحة البحرية. ويشهد تنافساً محموماً، وصراعاً خفياً ومعلناً من أجل بسط النفوذ عليه: أمنياً واقتصادياً، تظهر أبرز تجلياته في هذا الكم الهائل من الاتفاقيات الموقعة بين قوى اقليمية و دولية مع الدول الواقعة على ضفتيه. وما الاحتشاد العسكري المتنامي في جغرافيته، إلا امتداد واضح للتدخل الخارجي الذي عرفته جغرافية البحر الأحمر عبر تاريخه القديم والحديث، بدءاً من إسبانيا والبرتغال في عصر الاستكشاف ومروراً بفرنسا وبريطانيا وسائر الدول الأوروبية الأخرى في عصر الاستعمار، ثم روسيا والصين والولايات المتحدة.

من هنا يبرز الدور الايجابي والآمال الواسعة على نتائج ملتقاكم هذا، والمسؤوليات العظيمة الملقاة على عاتقكم- أيها العلماء والمؤرخون والباحثون - فأنتم تلتقون اليوم وفي ضمائركم أهداف سامية، وغايات نبيلة تتجه إليها جهودكم، وترغبون في تحقيقها من خلال محاور مؤتمركم؛ فتوضحوا الصورة: ماضياً و حاضراً لهذه الدائرة الاستراتيجية الهامة التي كانت وما زالت مكاناً للتعاون حيناً، ومسرحاً للتنافس والنزاع أحياناً كثيرة، بما تمثله من منفذ بحري مهم للتجارة العالمية ولموارد الطاقة. وهو ما سمح لقوى دولية كثيرة بالتدخل في شؤون الدول المطلة على ساحل البحر الأحمر، و إقامة قواعد عسكرية لها حتى أصبحت ظاهرة معتادة ومألوفة.

ويكفي أن نشير إلى احصائيات الأمم المتحدة لنتبين الأهمية الاستراتيجية لمنطقة البحر الأحمر وخليج عدن، إذ سيتجاوز عدد سكان هذه الدول المليار نسمة بحلول عام ٢٠٥٠.

و سيصل حجم الناتج المحلي لهذه الدول ثلاثة أمثال حجمه الحالي البالغ الآن (٢) تريليون دولار ليصل إلى (٦) ستة تريليونات دولار. كما سيرتفع حجم التجارة الخارجية العابرة للبحر الأحمر من ٨٨٠ ثمانمائة وثمانين مليار دولار إلى نحو ٥ خمسة تريليونات دولار
إن التزاحم والتنافس المحموم للسيطرة على هذه المنطقة الاستراتيجية، يدعوان دول المنطقه وشعوبها إلى التكاتف والتعاون و وضع أسس علمية لتحديد مستقبلها، تقوم على التوافق بينها، وتعزيز التكامل الاقتصادي الذي يعود بالنفع المشترك عليها، كما يتطلب ذلك دعم الاستقرار والأمن بين دولها، ليبقى البحر الأحمر وخليج عدن ممرين آمنين، يسهمان في ازدهار ونماء وتطور بلدانه بخاصه والعالم بعامة.

وأنا على ثقه أن اخلاصكم للحقيقة العلمية وتمثلكم لأمانتكم التاريخية النزيهة، سيكسب المؤتمر بُعداً مميزاً في الإحاطة والتنبيه بمخاطر الاطماع والسياسات والصراعات التي تواجهها الدول المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، بوصفها تهديداً لأمنها واستقرارها الذي يقتضي التعاون والتنسيق والتشارك فيما بينها.

أختم بالقول، أهلاً وسهلاً بكم في جامعة العقبة للتكنولوجيا التي تحتضنها العقبة- ثغر الأردن الباسم، و رئته الاقتصادية والمتنفس السياحي للأردنيين وسائر مواطني دول العالم.
وليبارك الله مسعاكم هذا وجهدكم العلمي لما فيه خير العمل وأجله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته