"إرمي هالطربوش "

 
 
خجولة هي الكلمة حينما تتشظى مشرأبة من حنجرة نصري شمس الدين في أغنيته الشهيرة " ارمي هالطربوش " مناديا:
 
تركوني لحالي.. لحالي
غني الليالي باليالي
خلوني بالعالي.. العالي العالي ارمي هالطربوش!

أي صقيع هذا يا وطني، ما أبرد حناياك على ابناء جلدتك، ثلج هو رفاة عباءتك، مسدل هو عقالك الأسود ذاك المسجى في الخزانة الخشبية فوق الملابس المنسية الغائبة، حينما رحل الرجالات في ليل عنفوانك، متلفحين ببقايا مجدك وسؤدد تاريخك قبل ان يتسخ بمن يرسمونه اليوم بالزئبق .

يعز علي هذا الضجر العروبي في حروف لغتي، لكنه ذاك المرتع المستفز الذي يجمع الذباب في الغرف المحكمة الإغلاق ، ممن يديرون ملفات الوطن ويسقطونه في مصيدة العدمية والتحقير وممن يرخصون كل نفس حر ويكبتونه في سجن الجويدة إذلالا وإقصاءا بلا ردة!

أي وجع هذا، أن تكون الغريب في سجايا أرضك، أن ترمي طربوش عزك لإنك بت وحيدا تطارد أدخنة سيجارتك في منفظة الذاكرة، هل يعقل هذا العبث التعيس وهل تتوافق التعاسة مع ضريح أعده القاتل وانت تتنفس حيا، لتقول لا أريد الموت سريريا فما زال المشوار طويلا.. طويلا رغم الوهن!

كل الصامتين في وطني مجبرين، يجبرهم الآغا على الصمت ويحملهم وزر رؤوسهم المرفوعة، في وطني يترع الآغا بعد الكأس العاشر ثم يهتف:
امسكوه من حنجرته، ودع الراقصة والطبال يجودون بصورة خليعة فقد آن أوان الرقص فوق تلك الحناجر.!

وإرمي هالطربوش.