هل تراودك أحلام متكررة بالسقوط من أعلى؟ تعرف على الأسباب

يرى نحو ثلثي العالم تقريبا أحلاما متكررة، فكم مرة راودتك أحلام تسقط فيها من مكان مرتفع، أو تنسى أداء امتحاناتك، أو أنك تفقد أسنانك؟

تعد كل هذه السيناريوهات أنماطا متكررة يراها معظم الأشخاص باختلاف لغاتهم وثقافاتهم، بل وتتكرر بالسردية نفسها أحيانا ليلة بعد أخرى.

 
 وقد تكون الأحلام المتكررة ممتعة أو كابوسية، بيد أن أغلب هذه الأحلام تنطوي على مشهد يكون فيه الحالم في خطر، ومن ثم يعاني من مشاعر سلبية مثل الخوف أو الحزن أو الغضب أو الإحساس بالذنب، فما السبب وراء هذه الظاهرة؟

نرى عادة الأحلام المتكررة في أوقات التوتر، ولكنها قد تراودنا أيضا فترة طويلة من الزمن، وأحيانا تستمر مدى الحياة؛ إذ يشير علم الأحلام إلى أن الأحلام المتكررة تعكس وجود صراعات عالقة لم تُحَل في حياة الحالم.

 
نزاعات لم تحل
وحسب التقرير -الذي نشره موقع "ذا كونفرزيشن" (The Conversation)- فإن الدراسات تشير إلى أن الأحلام تساعدنا على تنظيم عواطفنا والتأقلم مع المواقف الصعبة، ومن ثم معالجة الأحداث المؤلمة في حياتنا.


وتتفق العديد من النظريات حول ارتباط الأحلام المتكررة بوجود صعوبات أو صراعات عالقة في حياة الحالم لم تحل؛ إذ قد تكون هذه الأحلام محاولة يدمج فيها العقل تجاربه الصعبة.

وتعد الأحلام المتكررة مثل سيناريوهات مُعدة مسبقا يستخدمها العقل لاستيعاب مشاعرنا المتضاربة تجاه صراع أو تحدٍ عالق جديد؛ فعند شعورك بالتوتر إزاء موقف ما، يحاول عقلك استيعاب ذلك باستحضار توتر مشابه مررت به أثناء أدائك امتحان الرياضيات في المرحلة الثانوية، على سبيل المثال.

إضافة إلى ذلك، فإن الأحلام المتكررة ترتبط باعتلال الصحة النفسية ووجود أعراض كالقلق والاكتئاب؛ إذ تتكرر هذه الأحلام أثناء مرور الحالم بمواقف عصيبة، وينتهي تكرارها عندما تُحل تلك النزاعات العالقة.

الأشخاص الذين يعانون من "اضطراب ما بعد الصدمة" تراودهم كوابيس مؤلمة (بيكسابي)
تكرار مستمر
ومن المعروف أن الأشخاص الذين يعانون من "اضطراب ما بعد الصدمة" تراودهم "كوابيس مؤلمة"، تعيد إنتاج الصدمة التي تعرضوا لها من جديد.

وعلى النقيض من ذلك، فإن الأحلام المتكررة من النادر أن تعيد استرجاع الحدث المؤلم بشكل مباشر، بيد أنها تعكسه على نحو مجازي يرتكز على الشعور بالعاطفة نفسها لا على إعادة الحدث ذاته من جديد.

وهناك استمرارية لتكرار هذه الأحلام يحاول فيها العقل استيعاب بعض المخاوف العاطفية بتكرار الحلم، وإن كان بمستويات مختلفة، إلى أن يتم حله. ويتدرج مستوى الحلم كلما بُتّ في مصدر المخاوف، كأن ترى أنك تتأخر عن القطار بدل تخلفك عن حضور الامتحان في موعده.

الظواهر الفسيولوجية
لماذا يرى أغلب البشر على اختلافهم نفس الأنماط المتكررة من هذه الأحلام؟ ويعزو أحد التفسيرات السبب في ذلك إلى منشأنا التطوري؛ إذ إن سيناريو المطاردة والهرب يعد من أقدم المشاهد التي تعرض لها العقل أثناء الهرب من الحيوانات المفترسة؛ وبالتالي فقد احتُفِظ بهذا المشهد ليتم استحضاره حال تعرض الشخص لعاطفة شبيهة به لاحقا.


وأرجعت دراسة أخرى السبب في ذلك إلى حالة الجسم الفسيولوجية؛ إذ أشارت إلى أن الحلم المتكرر بسقوط الأسنان يرتبط بالحالة غير الجيدة للأسنان.

بعض الإستراتيجيات العلاجية تتطلب كتابة الكوابيس فور الاستيقاظ مع تغيير نهاياتها (بيكسابي)
وقد تكون هذه الأحلام نتيجة استمرار أدمغتنا في إدراك بعض المحفزات الخارجية أثناء النوم، مثل الصوت والرائحة. وبالتالي، فإن تكرار الحلم في هذه الحالة يكون مدفوعا بمحاولة الاستجابة للمحفزات المحيطة بنا أثناء النوم.

وترتبط بعض هذه الأحلام بمرحلة النوم التي تعرف باسم "حركة العين السريعة"، التي تكون عضلات الجسم فيها متصلبة كأنها مقيدة. واقترح بعض الباحثين أن الحلم المتكرر بالسقوط من أعلى هو حالة لإحداث توازن مع حالة الشلل التي نمر بها أثناء مرحلة "حركة العين السريعة".

غير أن هذا التفسير غير كاف لشرح السبب في تكرار هذا الحلم عند بعض الأفراد دون غيرهم، كما أنه لا يفسر سبب رؤيتنا إياه أثناء أوقات التوتر.

وهناك بعض العلاجات التي تحاول التصدي لهذا التكرار المفرغ للكوابيس؛ إذ تطلب بعض الإستراتيجيات العلاجية من الأشخاص كتابة الكوابيس التي يعانون منها فور استيقاظهم مع تغيير نهاية السردية إلى نتيجة إيجابية، مما قد يساعدهم على الوصول بالحلم إلى نتيجة مختلفة.

المصدر : ذا كونفرسيشن + مواقع إلكترونية