مكتبة في كتاب.. ليس كمثله جهد



ذكّرني كتاب الدكتور كامل العجلوني أو بدقة أكثر المكتبة الكاملة التي أنتجها بعنوان: تاريخ الطب الحديث في الأردن وفلسطين في القرن التاسع عشر، ذكّرني بجهود علماء كبار عاشوا قبل ألفي سنة، وأعدوا مؤلفات مازالت تلهم الإنسانية حتى الآن.

فما كتبه سقراط وأفلاطون وأرسطو، مازال منطلقًا لجميع العلوم التي نشأت في القرن الخامس عشر فما بعد، مثل علم الاجتماع والأحياء والكيمياء وعلم النفس وغيرها!! وبما كتبه الباحثون العرب والمسلمون في العصور الوسطى من أدب وفن وفقه وفكر!! لماذا هذه المقدمة؟

ما قام به العجلوني جهد باحث تاريخي اجتماعي وأخيرًا طبي وصحي! والبحث التاريخي أكثر تعقيدًا من البحث التجريبي، لأنه يبحث عن مصادر، ويدقق في صدقها وموضوعيتها، ويحلل ويغربل! يبحث في ملفات ووثائق ومصادر شفهية، عدا عن مهمة البحث عنها. فالصدر التاريخي نادر والحصول عليه معقد، والتدقيق فيه أكثر تعقيدًا. وعلينا أن نعترف ونقدر جهدًا بحثيا وفكريا خالصًا ليس فيه جمل إنشائية، بل كلام يحتاج إلى الدقة والصحة والموثوقية!! أربع آلاف صفحة، اشتمل عليها الكتاب المكتبة، أو المكتبة الكتاب، فلو حسبنا أن البحث عما يملؤ صفحة علمية، وتدقيقها وكتابتها وإخراجها يستغرق في البحث التاريخي ساعتين على الأقل، فإن تقديري للجهد يعادل ثماني آلاف ساعة عمل، وليس ساعة وقت!! أي ما يعادل سنة كاملة من عمل متواصل، وهذا جهد يصعب تصوره على شخص عامل نشط في عمله.

لم أقيّم الكتاب لأنه ليس كتابًا أولًا، ولأنني لست مختصًا بمحتواه، وذلك تحدثت في الشكل وحجم العمل لأنني أدرك صعوبة الحصول على معلومة تاريخية صادقة ودقيقة وقد يتناول تقييم الموضوع كثر من الباحثين المختصين.

أقتصر على:
-الإشادة بضخامة الجهد من حيث الصعوبة.
-تهنئة المجتمع بهذا الجهد.
-تهنئة الباحث بجهد ليس كمثله جهد!!