السياحة في العالم العربي يمكن أن تعني الكثير للمنطقة
السياحة هي مصدر رئيسي للنمو الاقتصادي في العالم العربي، لكنها لم تصل بعد إلى إمكاناتها في خلق فرص العمل لا سيما بين الشباب والنساء والمجتمعات المحلية.
حظيت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA) بجاذبية قوية للسياح بفضل مزيجها العالمي من عوامل الجذب الثقافية والطبيعية،لقد جعلت السياحة مصدرًا مهمًا للإيرادات والنمو، تساهم هذه الصناعة بما يقدر بـ 107.3 مليار دولار وهو ما يمثل 4.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة قبل أزمة فيروس كورونا، كما أنها تشكل حوالي 4.5 مليون وظيفة أي ما يقرب من 7% من إجمالي العمالة.
وعلى الرغم من المكانة الكبيرة التي تلعبها السياحة في اقتصاد المنطقة، إلا إنها لا تزال لديها المزيد من الامكانات لتفعل أكثر من ذلك بكثير، يمكن أن تخلق مزيدًا من فرص العمل خاصة بالنسبة لبعض فئات المجتمع مثل النساء والشباب، يمكن أن تكون السياحة أيضًا مصدر دخل أكبر للمجتمعات المحلية.
عانت السياحة بشكل كبير على مستوى عالمي مثل العديد من القطاعات الأخرى نتيجة أزمة فيروس كورونا، بالإضافة إلى عدم استقرار الاقتصاد العالمي.
وعلى الرغم من ذلك فإن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لديها فرص كبيرة للاستفادة من تاريخها العريق ومنطقتها الجغرافية وثقافتها المتنوعة من أجل تعزيز معدلات النمو في قطاع السياحة، ولابد على الحكومات أن تعمل على خلق رابط بين القطاع العام والقطاع الخاص بهدف تحقيق أقصي فائدة لدعم قطاع السياحة والعمل على تنميته.
استراتيجيات السياحة لتعظيم الفوائد المباشرة وغير المباشرة للقطاع للدولة
هناك حاجة ملحة إلى تطوير استراتيجيات السياحة التي تستثمر في مجموعة كاملة من الأصول البيئية والتاريخية والدينية التي يجب أن تقدمها المنطقة، وهذا يعني الابتعاد عن نهج "الشمس والرمال والبحر" الذي تبنته العديد من الدول في المنطقة نحو تقديم تجارب تنسج الشواطئ بالمواقع التاريخية وعروض الطهي والفنون والعجائب الطبيعية.
ومن المثير للاهتمام، أن هناك حاجة منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للانتقال من السياحة الثقافية "ذات الدافع الخارجي" إلى السياحة الثقافية "الداخلية" التي تركز على تعزيز المعايير المحلية وبناء الصورة في مجال تنمية المهارات.
سيساعد تقديم خدمات ذات قيمة مضافة تلبي الطلب بدقة في جذب السياح ذوي القيمة العالية وتعزيز الزوار المتكررين، يجب أن تكون هذه العروض مدعومة باستثمارات استراتيجية في البنية التحتية (الطرق والمرافقوالإقامة)، وبيئة تنظيمية تعزز الابتكار وتساعد على ضمان تذهب الإيرادات المتولدة لفائدة المجتمعات المحلية.
المهارات السياحية وبناء القدرات لزيادة مشاركة الشباب والنساء
لا يزال تعزيز توظيف الشباب والنساء في قطاع السياحة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا هدفًا مهمًا للسياسة، نظرًا لتنوع الوظائف التي تخلقها السياحة عبر مستويات المهارات (من صيانة المرافق إلى المنسقين والمهندسين المعماريين ومديري المدن) وقدرة القطاع على تعزيز التنمية الاقتصادية في المجتمعات الريفية على المستوى المحلي، فإن القطاع في وضع جيد لتوظيف الشباب والنساء في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات حيث يوجد في معظم المنطقة تفضيل للمرأة للبقاء في المنزل، وفي بعض المجتمعات هناك ثقافة الحذر بشأن العمل في السياحة، ستحتاج الحكومات إلى تنفيذ سياسات تزود النساء والشباب بالمهارات والتدريب اللازمين للاستفادة من فرص العمل في هذا القطاع، لا سيما في المناطق الريفية.
أوقات عصيبة للسياحة في الشرق الأوسط
بعد الانخفاض الكبير في عدد السياح الدوليين الوافدين إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في وقت مبكر من الوباء، استأنفت بعض الدول أنشطتها خلال الصيف مع التركيز على تدابير الصحة والنظافة، ولكن يمكن أن تشل الموجات التالية من كوفيد 19 القطاع وتؤدي إلى إفلاس العديد من الشركات.
على الرغم من أن آثار الموجة الأولى من كوفيد 19 كانت مدمرة لقطاع السياحة في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إلا أن الموجات التالية قد تكون كارثية.
العمالة المباشرة وغير المباشرة في السياحة مرتفعة تاريخيا في بلدان مثل مصر والمغرب وتونس، وستكون هناك حاجة إلى الدعم لأجزاء من هذه البلدان حيث تضرر القطاع بشدة من البطالة، ونظرًا لأن قطاع السياحة في معظم البلدان النامية مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالرحلات الجوية الدولية، فإن التعافي سيعتمد على فتح الحدود الدولية واستئناف الرحلات التجارية المنتظمة، وهو ما قد لا يحدث لمدة عامين أو ثلاثة أعوام.
تعتبر السياحة ركيزة مهمة لاقتصاديات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث تمثل حوالي 5.3% من نمو الناتج المحلي الإجمالي و 6.7 مليون فرصة عمل في جميع أنحاء المنطقة، تسببت مدة الجائحة ونطاقها المجهولين والذعر العالمي المصاحب لها في حدوث أزمة سياحية.
تأثير الموجة الأولى من فيروس كورونا على السياحة في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
تم فرض الإغلاق في جميع أنحاء العالم خلال الموجة الأولى من كوفيد 19 لمنع انتشار الفيروس، وقد أثر ذلك على السياحة في جميع أنحاء العالم بما في ذلك دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حيث كانت الآثار وخيمة بشكل خاص على مصر ولبنان والمغرب وتونس، وكلها تعتمد بشدة على السياحة.
وفقًا لمنظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة انخفض عدد السائحين الوافدين بنحو 57% في الشرق الأوسط وحوالي 62% في شمال إفريقيا، كان لإلغاء الأحداث الكبرى المقرر إقامتها في المنطقة مثل معرض دبي إكسبو 2020 والحج السنوي في المملكة العربية السعودية المتوقع أن يجتذب 25 مليون زائر ومليوني سائح على التوالي آثار مدمرة على اقتصادات المنطقة.
في الأشهر التسعة الأولى من عام 2020 شهدت تونس انخفاضًا في إيراداتها السياحية بنسبة 60%، ومع نهاية عام 2020 انخفضت الإيرادات بنسبة 70%.
يعد قطاع الطيران من أكثر الصناعات تضررًا،حذر الاتحاد الدولي للنقل الجوي من أن الحركة الجوية في المنطقة تراجعت بأكثر من النصف في 2020،وتتأثر شركات الطيران بشدة كما هو الحال في أجزاء أخرى من العالم.
إعادة فتح الأنشطة السياحية مصحوبة بإجراءات أمنية وصحية
بذلت بعض دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا جهودًا لجذب السياح خلال فصل الصيف، أعادت تونس فتح حدودها البرية والبحرية والجوية في 27 يونيو، مما سمح للسائحين بدخول البلاد بناءً على نظام تقييم المخاطر، استأنفت مصر أنشطتها السياحية في 1 يوليو في ظل إجراءات صارمة للنظافة وضوابط على أعداد السائحين الوافدين، مما أدى إلى وصول حوالي 6000 سائح معظمهم من سويسرا وأوكرانيا وبيلاروسيا.
بدأت دبي الوجهة السياحية الأكثر شعبية في الإمارات العربية المتحدة في استقبال السياح في 7 يوليو وانتعشت شركات الطيران الجديدة مثل طيران اديل وغيرها من الشركات الواعدة،واقتصر حجاج بيت الله الحرام على المقيمين في المملكة العربية السعودية، شرع المغرب في إعادة فتح تدريجية لحدوده في 14 يوليو مع مراعاة قواعد صارمة.
قامت العديد من المنظمات بتطوير بروتوكولات وشهادات أمان لمحاولة ضمان بقاء قطاع السياحة وسلامة السياح، ويؤكدون على أهمية استعادة ثقة السائحين من خلال توفير بروتوكولات الأمان والسلامة للحد من مخاطر الإصابة وانتشار فيروس كورونا عبر قطاع السياحة.
تشكل الموجات التالية من الإصابات بفيروس كورونا تهديدا كبيرا لانتعاش السياحة في المنطقة، ولكن قد تكون بروتوكولات السلامة الصارمة والإلزامية التي طورتها منظمة السياحة العالمية وغيرها من المنظمات السياحية يمكن أن تُجنب آثارها السلبية.