دودين يضع الصحفيين امام خيارين؛ الشارع او الحوار .. والصحفيون: ما هكذا تورد الابل!
مالك عبيدات -
مازالت حكومة الدكتور بشر الخصاونة تصرّ على عدم الاستجابة لمطالب الأسرة الصحفية بسحب أنظمة الاعلام المعدلة، وتتجاهل موقف الصحفيين الرافض لتلك التعديلات، ظنّا منها أن ذلك التجاهل سيطفئ جذوة الاحتجاجات لتتمكن لاحقا من تمرير تعديلاتها العرفية على أنظمة الاعلام.
اليوم، توجهت الاردن24 بسؤال واضح وصريح ومحدد لوزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة المهندس صخر دودين، فقلنا: "هل هناك نية بسحب تعديلات أنظمة الاعلام؟"، ليأتي ردّ دودين الصاعق ويقول: "أبواب الحكومة مفتوحة ومشرعة دائماً للحوار المنتج والمثمر والبنّاء، وهناك حوار ايجابي مع نقابة الصحفيين حول هذا الامر، ولكن لا يستقيم مبدأ الحوار والوقفات الاحتجاجية، فإما هذه أو تلك، والكرة في مرمى من يقرر الانخراط في أيهما".
الواضح أن هذه الحكومة لا تدرك الحقوق الأساسية للانسان، فالاحتجاج والتعبير عن رفض أنظمة وتشريعات سالبة للحرية هو حقّ دستوري وشرعي وانساني، وكان على الحكومة أن تقلق إذا لم تجد من يتحرّك ويعارض ممارساتها العرفية، فالصمت مؤشر على حالة يأس عميقة من النظام السياسي، فهذه ممارسة ديمقراطية تشي بوجود حياة في النظام السياسي لأي بلد، والأصل بالحكومة -إن كانت تؤمن بالديمقراطية والحوار- أن تبدأ بالحوار قبل أن تشرع بالتعديلات، ولو فاتها ذلك دون تقصّد لرصدت ردود الفعل وتصرّفت وفقها ولم تتردد في الغاء التعديلات والعودة إلى طاولة الحوار من جديد.
الصحفيون اليوم يدافعون عن مصالحهم وقطاعهم وقيمه، وأما محاولة الوزير دودين وضعهم بين خيارين اثنين (الحوار أو الشارع) دون أن يقدّم أي تنازل أو بادرة حسن نية، بل ويتمسّك بعدم سحب أنظمة الاعلام العرفية، فالحكومة كمن يضع سيفا على رقبة أحدهم ويقول له نحن مستعدون للحوار! ماهكذا تورد الإبل، ارفع هذا التهديد والسيف أولا ليجلس الطرف الآخر للحوار!
حديث دودين يؤكد بما لا يدع مجالا للشكّ بأن الحكومة هي الطرف الذي يتمترس خلف موقفه الخاطئ، وأنها لا تريد الوصول إلى صيغة عادلة ترضي جميع الأطراف. وكان الأصل بالحكومة عند رصدها انتفاضة الصحفيين أن تُسارع إلى سحب التعديلات العرفية وتدعو إلى حوار من أجل الوقوف على أسباب الرفض والاحتجاج، لا أن تعيب عليهم لجوءهم إلى الشارع من أجل التعبير عن رفضهم الأنظمة المعدّلة، خاصة وأن النزول إلى الشارع جاء بعدما استنفد الصحفيون الوسائل في ايصال وجهة نظرهم، سواء من خلال الرسائل التي حمّلوها مجلس نقابة الصحفيين أو من خلال المواد الصحفية التي جرى بثّها عبر المواقع الالكترونية والمحطات الاذاعية.
من حقّ أي مواطن أو قطاع متضرر من التشريعات والقرارات التي تتخذها الحكومة أن يحتجّ على تلك التشريعات ويطالب باسقاطها، وأن يطالب باسقاط الحكومة إذ لم تستجب له ومضت في غيّها على هذا النحو المستهجن والمستغرب الذي نلمسه اليوم، خاصة إذا كان الهدف من القرار أو التشريع الجديد تصفية هذا القطاع وانهاء وجوده، فالتعديلات التي أُقرت على أنظمة الاعلام تستهدف تصفية الاعلام ولا علاقة لها بالتنظيم أو رفع مستوى الاعلام أو التخلص من دخلاء المهنة.
وأما الزعم بوجود حوار بنّاء مع النقابة، فنحن نريد مؤشرا واحدا على نجاح هذا الحوار البنّاء؛ النقابة تحاور الحكومة منذ اليوم الأول لاعلان التعديلات والنتيجة "صفر"، الحكومة لا تريد تقديم أي تنازل، بل وحاولت الالتفاف على مطالب النقابة والأسرة الصحفية من خلال رفع الأنظمة المعدّلة عن موقع ديوان التشريع والرأي دون سحبها من الديوان، وذلك في محاولة لاقناع الوسط الصحفي بأن الرفع عن الموقع الالكتروني يمثّل استجابة كاملة وعظيمة يجب علينا أن نزفّها ونحتفي بها، رغم أن الأمر ليس كذلك، فالتعديلات مازالت لدى الديوان.
الواقع أن هذا العناد الحكومي والجنوح نحو المكاسرة هو ما جعل جزءا كبيرا من الأسرة الصحفية تقتنع بعدم جدوى الحوار، والذهاب نحو خيار الشارع، وقد جاءت تصريحات دودين اليوم لتثبت أنه والحكومة ينظرون إلى المواقع من برج عاجي وبفوقية، الأمر الذي يشكّل دافعا اضافيا لاستمرار حراك الصحفيين وعدم توقيفه..