لعبة عض الإصبع بين الحكومة والاعلام !!
يكاد لا يختلف اثنان على أهمية وسائل الإعلام والاتصال ودورها الرئيس في دفع عجلة التنمية الشاملة قدما الى الامام لتحقيق أهدافها وغاياتها من أجل رفاه الانسان وتوفير حياة كريمة لجميع أفراد المجتمع بعدالة.
لكن ، يبدو أن الحكومة تختلف مع الجميع ، ومع ذاتها ، فهي منذ تشكيلها أعلنت على رؤوس الاشهاد دعمها لوسائل الإعلام وعزمها التواصل معها والانفتاح عليها ،واميل الى الاعتقاد انها "تمسكنت" وحين "تمكنت" كشرت عن انيابها وسنت في عتم ليل من الانظمة ما يكشف حقيقة جوهرها المعادي للإعلام، والمخالف لاقوالها .
واليوم، يؤكد سلوك الحكومة وممارستها العملية ومجريات الامور على ارض الواقع أن لديها قناعة مغايرة وانها لا تؤمن بأهمية وسائل الإعلام والاتصال ودورها الأكثر حيوية في تحقيق شروط التنمية الشاملة .
وتؤكد ممارسات الحكومة انكارها لهذا الدور ، وهي تشن حربا ضروسا على وسائل الإعلام وجعلت منها خصما لدودا وناصبتها العداء وتسعى بكل السبل الى كسر عظمها وتصفيتها عن بكرة ابيها .
ومن الواضح أن لدى الحكومة نية مبيتة لشن حربها على وسائل الإعلام لتصفيتها ، وقد اختارت توقيتا دقيقا حرجا يمكنها من تحقيق مبتغاها ، اذ تعاني الصحافة الورقية والالكترونية ولا سيما المستقلة من صعوبات مالية جمة تهدد كيانها، وتكاد تقضي عليها ، دون هذه الحرب الظالمة.
ولست متأكدا لمصلحة من تشن الحكومة هذه الحرب التصفوية !! ويخامرني الشك وعدم اليقين بإدراكها لمدى شناعة هذه الحرب والإضرار التي تلحقها بالدولة الاردنية وهي الأهم، اما الحكومة فهي قصر الزمن او طال ، الى زوال اكيد ، فبيتها اوهن من الخيوط التي ينسجها العنكبوت !!.
واشك كذلك أن الحكومة تدرك دور الإعلام في حماية الدولة وتعزيز رفعة شأنها ، وربما تجهل أهميته في حماية المجتمع وتعزيز تماسكه وتمتين عرى السلم بين مكوناته ، والذود عن حياض الوطن وصد اي اعتداء عليه ، من الداخل او الخارج ، على حد سواء ، ونذكر جميعا دور الإعلام الوطني في تعرية الإرهاب وخلق بيئة مناوئة ساندت الاجهزة الأمنية، فردت الإرهابيين على أعقابهم خائبين .
اعتقد ان الحكومة لا تدرك هذه الأدوار الحيوية ،ولو كانت تدركها حقيقة ، لما شنت هذه الحرب اللئمية، التي تضعها في دائرة الشك والنوايا السيئة لقتل هذه الوسائل عن عمد وسابق اصرار وترصد ، لتحقيق مآرب، هي بالتأكيد لا تخدم الوطن وتقدمه .
ورغم حراك الجسم الصحفي والاعلامي الهادئ ، والصوت الناضج للصحفيين والاعلاميين ، فإن الحكومة تدير ظهرها، وتضع في اذن عجين وفي الأخرى طين ، ولا تصغي لكل الأصوات المطالبة بسحب الانظمة التي تسعى لتمريرها من خلف ظهر الجميع ،وفي مقدمتهم نقابة الصحفيين وتنسيقية المواقع الالكترونية ، التي تضم (68) موقعا الكترونيا طالب ناشروها رسميا إقامة اعتصام يوم غد الأربعاء احتجاجا على أنظمة الاعلام المعدلة ، في اطار إجراءات تصعيدية متدرجة شهدت التفاف الاسرة الصحفية حولها بدأتها باعتصام حاشد الأحد الماضي، تلته عاصفة الكترونية في ذات اليوم.
والواضح ان الحكومة تضع رجليها في الحيط وتزيد عنادا وعنتا وإصرارا على التأزيم واتباع نهج المراوغة وتمرير الوقت والتحايل والتذاكي أملا في تكميم الافواه واغتيال الكلمة.
ويعبر وزير الدولة لشؤون الاعلام الناطق بأسم الحكومة عن نهجها المراوغ ، حين يزعم عدم استقامة " الحوار والوقفات الاحتجاجية، فإما هذه أو تلك، والكرة في مرمى من يقرر الانخراط في أيهما"، ولا تخلو دعوة الانخراط التي يطرحها من محاولة يائسة لخلخلة تماسك الاسرة الصحفية واحداث شرخ في صفوفها .
ولا أجد مبررا منطقيا في تصميم الحكومة على جعل وقف الاحتجاجات والاعتصامات شرطا مسبقا للحوار ، ألم تطلع على تاريخ المفاوضات بين الد الأعداء، حين كانت تجرى على هدير صوت المدافع وازيز الرصاص ، فلماذا الاصرار على وضع العربة قبل الحصان ، اهي الرغبة في تعطيل الحركة ؟! .
يوم غد الأربعاء يوم حاسم بين الحكومة والاعلام ، في لعبة عض الإصبع، فكلاهما أصبعه بين اسنان الآخر فمن سيقول اخ اولا ، ننتظر وان غدا لناظره قريب ، ولكن يحدونا الأمل ان يصل الطرفان لحوار هادىء وان تبدي الحكومة حسن النية وتسحب التعديلات لتطفئ نارا الكل يحترق فيها ، والخاسر الأكبر الوطن ، والناس التي من حقها الحصول على المعلومات بقانون وليس منة من احد .