الكلمة رسالة
ما أجمل أن يتدبر الإنسان تعابيره و يفكر بها ملياً قبل ان يبثها و يكتبها و ينشرها، فهي إن خرجت ربما أحرجت ، و الكل يدرك أن الكلمة اذا بثت و خرجت من مرسلها فمن الصعب التكهن بآثارها سلباً أو إيجاباً ، و هذا الذي يجب أن يتوقف عنده الانسان و يتدبر و يفكر ثم يعبر ، فالكلمة أنكى من الطلقة ، لأن الكلمة تجرح أمةً و شعباً و مجتمعاً و الطلقة ربما تؤذي شخصاً واحداً ، فالكلمة مادة حرب و سلام ،فأجعلها سلاماً بسلام ، تغنم و لا تندم تجبر و لا تكسر ، فلكل مقام مقال ، و لكل قفل مفتاح ، فإنك إن تسرعت بالكلام و لم تضبط لسانك فإنك لن تستطيع أن تعتقل ألسنة البشر عن نفسك و إيذائك و التمادي في التجريح و بث سموم الكلام الذي يخرج كما السهام المسمومة.
و يقول الشاعر :
إذا نطق السفيه فلا تجبه فخيرٌ من إجابته السكوت.
لقد علمنا ديننا بل و جاء في كل الشرائع السماوية ما يدل مباشرة أو بالفهم و التدبر بأن خير الكلام ما قل و دل ، وأن الاغراق في التفاصيل سيحتمل كل التحاليل و التأويل فينبري لك أولئك الذين يحرفون الكلم عن مواضعه ، ولا يبحثون الا عن الغث فاختصر تنتصر ، و لا تدع للمتربصين فرصة،و تدبر قبل أن تعبر و فكر برسالتك و نبرة صوتك و تقاسيم جبينك و وجهك و نظرات عيونك و حتى حركات يديك و تعابيرك الارادية و اللاارادية فكل هذا سيجعل رسالتك في صواب أو عذاب فوق عذاب.