جيل من "يتامى كورونا".. أضرار صحية ونفسية على ملايين الأطفال

يتوقع خبراء الصحة العامة عواقب دائمة على الأطفال الذين تيتموا بسبب فقدان أحد الوالدين أو كلاهما، بما في ذلك مخاطر أكبر في التعرض لمشاكل الصحة العقلية والفقر وسوء المعاملة.

ويقولون إن الحكومات تغاضت إلى حد كبير عن محنة هذه العائلات التي لا تزال تكافح لدحر الفيروس الذي قتل كبار السن بشكل أساسي، قبل أن تؤدي التحورات الشرسة إلى وفيات بين الأصغر عمرا.

قال أندريس فيلافيس، الطبيب وعالم الأوبئة في المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها والذي شارك في كتابة دراسة "لانسيت"، "إن السرعة التي يحدث بها هذا الشيء مذهلة".

يضيف في حديث لصحيفة "وول ستريت جورنال"، "إنها مشكلة تؤثر على كل جزء من العالم، وهي أزمة ستبقى. إذا أصبح الشخص يتيما في سن مبكرة، فسيكون عرضة للخطر لسنوات عديدة".

تسبب الوباء في فقدان ما يقدر بنحو 1.1 مليون طفل من جميع أنحاء العالم لأحد والديهم خلال الفترة ما بين مارس 2020 إلى أبريل 2021، وفقا لدراسة أجرتها مجلة "لانسيت" الطبية".

وتقع العديد من البلدان الأكثر تضررا في قارة أميركا اللاتينية، والتي تمثل حوالي ثلث وفيات الفيروس التاجي على الرغم من وجود 8 بالمئة فقط من سكان العالم فيها.

كانت بيرو الأكثر تضررا، حيث فقد ما يقدر بنحو 10.2 طفل من كل 1000 أحد والديه بحسب الدارسة التي نشرتها المجلة الطبية. كما احتلت المكسيك والبرازيل وكولومبيا المراكز الخمسة الأولى في الدراسة التي نشرت خلال يوليو الماضي.

ورغم الإغلاق المبكر، إلا أن الوباء ضرب دول أميركا اللاتينية بشدة، حيث تركت أنظمة الرعاية الصحية المتهالكة المستشفيات مكتظة، ونفدت إمدادات الأكسجين بشكل متكرر، مما أدى إلى وفاة العديد من الأشخاص في منازلهم.

في وقت سابق من هذا العام، اجتاحت المتغيرات الأكثر فتكا التي تسببت في وفاة المزيد من الشباب في أميركا الجنوبية، حيث كافحت الحكومات في البداية لتأمين اللقاحات.

في الهند، فقد أكثر من 78 ألف طفل أحد والديهم أو كلاهما بسبب مضاعفات كوفيد-19 بين أبريل 2020 ويوليو من العام ذاته، وفقا للجنة الوطنية لحماية حقوق الطفل.

وقالت المنظمة في إفادة خطية للمحكمة العليا إن ولاية ماهاراشترا وهي موطن المركز المالي بمدينة مومباي، تضرر فيها أكثر من 13 ألف طفل.

متاعب الفقد
تساعد بعض البلدان الأيتام ومقدمي الرعاية الجدد للأطفال، الذين تثقل كاهلهم فجأة التكاليف المالية والمطالب العاطفية لتربية هؤلاء الصغار.

تقدم بيرو تحويلات نقدية للأطفال الذين مات آباؤهم بسبب الفيروس، بينما تقدم الهند المساعدة في التعليم والقبول في المدارس القريبة، إلى جانب إيداع حوالي 13 ألف دولار لكل طفل في حسابات يمكن الوصول إليها بين سن 18 و23 عاما.

في ماناوس، التي كانت نقطة ساخنة للوباء بالبرازيل، بدأ المتطوعون برنامجا لمساعدة أيتام كوفيد من خلال توفير الطعام والحفاضات لمقدمي الرعاية الجد لهؤلاء الأطفال. في الوقت الحالي، يتلقى 175 طفلا ومراهقا - كثير منهم من أسر فقيرة – المساعدة، بحسب غلاوس جاليسيو الذي أطلق البرنامج.

في بيرو وخلال عدة ليالٍ في الأسبوع، تستيقظ صوفيا فيليس البالغة من العمر 4 سنوات وهي تنادي والدتها التي اعتادت احتضان ابنتها الصغرى في السرير.

توفيت والدة صوفيا بسبب فيروس كورونا في أبريل، لذلك فإن رعاية الطفلة الصغيرة تقع الآن على عاتق الخالة، جانيت نافارو.

قالت نافارو، التي لديها ثلاثة أطفال لكنها أصبحت تقدم الرعاية لأطفال ابنة أختها الخمسة، "إنها تبكي وتبكي. تصرخ وعيناها مغمضتان، أريد والدتي .. أريد والدتي".

نزل رايان وروان لوكاتو مع عائلة خالتهما في مدينة جوندياي البرازيلية بعد وفاة والديهما في غضون أسبوعين.

استأجرت عمتهم، إلين كريستينا دي سوزا، منزلا جديدا لإفساح المجال لرايان، 20 عاما، وروان، 11 عاما، بالإضافة إلى كلبيهما. قال رايان عن خالته وعائلتها: "الحمد لله، نحن لديهم. هناك أطفال انتهى بهم الأمر بمفردهم في العالم".

اضطرت دي سوزا، 37 عاما، إلى ترك العديد من وظائف التنظيف للمساعدة في رعاية روان الذي يعاني من التوحد، حيث ساءت حالته عقب وفاة والديه. وتقول عائلته إنه أصبح أكثر قلقا، وتزايد تلعثمه، وبدأ يرمش عينيه في كثير من الأحيان.

قالت دي سوزا، التي تساعد روان في الواجبات المدرسية: "سأفعل كل ما بوسعي من أجلهم. كثيرا ما كانت والدتي تسألني إذا كنت سألد طفلا آخر. الآن أعطاني الله ولدين".

الحرة