مجلس أمناء اليرموك الذي يصب الزيت على نار غضب العاملين فيها
وفي آخر أخبار اليرموك الحزينة التي باتت تستحق وبجدارة لقب رجل التعليم العالي الأردني المريض، أن حالة من الاحتقان والغضب باتت تسيطر على عقول العاملين فيها كما في صدورهم. وأما مبعث الغضب ومصدره هذه الأيام فهو ذلك الإمعان في نهج اختطه ومنذ اليوم الأول لتوليه موقعه كرئيس لمجلس أمناء جامعة اليرموك، وهو نهج عجز وبصورة فاقعة عن رؤية العاملين في الجامعة، باعتبارهم زملاء أو شركاء فاعلين في عملية تطوير الجامعة وتحديثها وتمكينها من مواصلة الدور التحديثي الذي قامت به، في بداياتها على صعيد محافظة إربد، بل وعلى صعيد الوطن كله، ولكنه وبدلا من ذلك فضل اختطاط نهج يقوم على افتعال الصدام والمواجهة مع العاملين في الجامعة بدلا من إنتاج الشراكات، كما فضل الصدام والاستفزاز بل والاستهداف للعاملين في الجامعة بدلا من إنتاج مساحات للالتقاء والتفاعل وتطوير لغة للحوار وتبادل الأفكار والمعلومات والرؤى.
وليس أدل على صدق تلك المقدمة التي سقتها عن حال اليرموك مع رئيس مجلس أمنائها، هي تلك الفيديوهات المتوافرة التي توثق للأيام الأولى من عهد رئيس مجلس الأمناء حينما امتدت يده لتنال من حقوق العاملين في جامعة اليرموك وحيث أججت قرارات رئيس مجلس الأمناء بخصوص احتساب نسبة مكافآت الموازي شعورا عارما بالغبن والغضب لدى العاملين في الجامعة، فكان أن قام عدد من العاملين في الجامعة باقتحام مبنى رئاسة الجامعة وحيث كان يجلس رئيس مجلس الأمناء وحيث سادت ممارسات خطابية لم تكن تليق مطلقا لا بالجامعة ولا باسمها ولا بمهمتها النبيلة أو تاريخها المجيد. فكانت النتيجة أن خسرت الجامعة والتعليم العالي عموما جزء من هيبته ورصيده الاجتماعي والعلمي وقدرته على التأثير في المجتمع الكبير.
يحاجج رئيس مجلس أمناء اليرموك أنه أنما جاء كي ينفذ بنود وقوانين تتعلق بالتعليم العالي وتتعلق بجامعة اليرموك، ويسوق رئيس مجلس الأمناء هذه الديباجة كي يبرر سلسلة من القرارات والاستفزازات بحق العاملين في الجامعة من أكاديميين وإداريين وحيث تقول المعلومات المؤكدة أن رئيس مجلس الأمناء قد وضع وعلى نار حامية جملة من التنسيبات والقرارات التي تتعلق بحقوق العاملين في مجالات احتساب نسبة الموازي، ومكافآت الفصل الصيفي، ومكافآت نهاية الخدمة. وفي تبريره لقرارته، يتخذ رئيس مجلس الامناء من الجامعات الشقيقة بمثابة حالة معيارية للقياس كي يقول للعاملين في اليرموك أنني سوف أخفض لكم حقوقكم في الموازي وفي العمل في الفصل الصيفي وفي مكافاة نهاية الخدمة.
وفي الرد على حجة رئيس مجلس الأمناء المتهافتة في الاختباء وراء القانون وفي استخدام القانون شماعة لنوايا لا نعلم بالضبط ما هي ماهيتها ولا طينتها ولا كنهها، نقول لمعالي رئيس مجلس الامناء أننا نحن العاملين في اليرموك من يتمنى أن تتم مساواتهم باشقائهم ونظرائهم العاملين في الجامعات الاخرى، واننا كنا نعول على معاليه في أن يضطلع بدوره، ويمارس بطولاته وصولاته وجولاته كي يساوينا بأشقائنا في الجامعات الاردنية الاخرى, بدلا من تمتد يده لتسحب تلك الدراهم القليلة المتبقية في جيوب العاملين في الجامعة والتي تم أقرارها على أيدي قامات وطنية وعلمية قادت اليرموك ذات يوم عظيم.
فالعاملون في اليرموك كانوا ينتظرون من معاليه، أن يحقق لهم المساواة التي يكفلها القانون في علاوة النقل التي استثنيت اليرموك منها دون كل الجامعات الاردنية، وكان العاملون في اليرموك ينتظرون من معاليه أن يساويهم بالعاملين في الجامعات الاخرى لجهة الحقوق في الموازي وحيث مبلغ الموازي هو ربما الاقل في اليرموك. وبدلا من أن يجد معاليه في تلك المكتسبات القليلة التي تم تثبيتها للعاملين قبل عقود حلا إبداعيا وخلاقا لمشاكل اليرموك المالية، كنا نتمنى لو شاهدنا معاليه، وهو يشن الغارات والغزوات داخل أروقة الدولة الأردنية ومؤسساتها، كي يقوم بتحصيل عشرات الملايين من الدنانير المسستحقة على مؤسسات الدولة الأردنية للجامعة، وباتت تهدد الجامعة بالإغلاق والاحتضار والموت.
وليسمح لي معاليه الذي يصر كل يوم على تذكيرنا بالقانون رغم أننا نحن من نقدس القانون ونحتمي فيه، ونعلمه لأبنائنا وطلبتنا، في زمن بات فيه القانون مستباحا من الكبير ومن الصغير, أن نذكره نحن بقانون التعليم العالي الأردني الذي ينص من بين بنوده الرئيسة؛ على أن مهمة مجلس الأمناء ورئيسه هي مساعدة الجامعة في ابتداع مصادر تمويل وبما يرفد الجامعة ماليا ويعزز من ملاءتها وكفاءتها المالية. وعليه، فالعاملون في الجامعة، كما صناع القرار في التعليم العالي ينتظرون من معاليه أن يوضح لنا حجم الجهد الذي بذل من قبل معاليه في توسيع مصادر الدخل المالي للجامعة، وما هي هوية الشراكات التي نسجها مع جهات التمويل المحلية والدولية؟
وأما على صعيد دور مجلس الامناء الرقابي على الجامعة وهي تقوم بدورها الاكاديمي والاجتماعي خدمة للمجتمع الاردني الكبير ولمجتمع محافظة إربد، فان كثيرا من الاسئلة تغص بها حناجر العاملين في جامعة اليرموك، وتدفع الكثير منهم حد البكاء، نتيجة للسلسلة الطويلة من الممارسات والانتهاكات والارتكابات التي حصلت بحق الجامعة والعاملين بها بل وبحق العلم واخلاقياتها في نفس الفترة التي كانت عيون معاليه الساهرة تظل اليرموك والعاملين بها.
فالعاملون في اليرموك، رأوا وبأم أعينهم كيف يتم ارتكاب مجزرة بحق أشجار الجامعة المعمرة تحت مرأى معاليه وسمع مجلس أمنائه، ولم يسمع العاملون في الجامعة صوتا لمعاليه. ويتذكر العاملون في الجامعة وبمرارة وبغضب كيف يتم استنزاف خزينة الجامعة التي لم تعد موجودة أصلا في تعيين أكثر من أربع ماية شخص على نظام الكارت في التفاف معيب على قانون الخدمة المدنية، وقانون الجامعة نفسها، دون أن يتخذ مجلس الامناء أي إجراء لوقف التعيين ووقف النزف ومعاقبة كل من تورط في هدر الملايين من أموال دافعي الضرائب الاردني المسكين.
والعاملون في جامعة اليرموك لن ينسوا تلك الارتكابات بل والموبقات التي مورست على صعيد اختيار القيادات الاشرافية في جامعة اليرموك خلال السنوات الأخيرة، وحيث سجلت سوابق في عهد رئيس مجلس الأمناء الحالي لم يجرؤ أي مجلس أمناء سابق أو أسبق أن يرتكبها، بل أجزم أن جميع المجالس السابقة كانت تأنف أن ترتكب هذه الخطايا والموبقات لخطورتها.
ففي عهد رئيس مجلس الأمناء الحالي، سجلت سابقة الدوس على تعليمات التعليم العالي الاردني التي انيط بمجلس الأمناء تنفيذها بدقة، كما وأتمن على حسن العمل بها. واقصد هنا اشتراط رتبة الاستاذية والجدارة وحسن السير والسلوك في تاريخ العميد الذي يجري اختياره. ففي عهد معاليه، حصلت مجزرة بحق كلية الإعلام في جامعة اليرموك، حينما تم الدعس على منظومة كاملة عملت على مدى سنين على خلق تراتبية داخل الكلية لتفرز من هو أحق بالعمادة دون غيره، فتم الدعس على حقيقة أن هناك خمسة ممن يحملون رتبة الاستاذية في الكلية، وممن يمتلكون خبرة عشرات السنين، ليتم تسمية من لا يحمل رتبة الاستاذية ولا تتعدى سني خدمته الخمس او الست سنوات.
ولأن ارتكاب المحرمات يكون في الغالب أكثر صعوبة لحظة ارتكابه في المرة الأولى، فقد تكررت المجزرة الثانية في كلية الهندسة في جامعة اليرموك، حينما تم الدعس والدوس مرة أخرى على منظومة نسجت وانتجت على مدى عشرات السنين، فأفرزت لنا تراتبية معينة داخل الكلية، تتيح لنا وبسهولة اختيار من هو أكثر كفاءة وجدارة وقدرة على تحديد الرؤى والاستراتيجيات لتطوير الكلية، كما هو الأكثر قدرة على التواصل مع زملائه في الكلية الذين يمثلون المصادر البشرية التي يمكنها تحويل هذه الرؤى والاستراتيجيات الى حقائق ووقائع على الأرض. في كلية الهندسة في جامعة اليرموك ارتكبت مجزرة قانونية واخلاقية أنتجت حالة من الاضطراب بل وربما العقم ستعاني منه الكلية والجامعة لعشرات السنين.
وفي سلسلة الارتكابات نود تذكير معالي رئيس مجلس الأمناء، أن في قائمة من اختارهم لموقع العميد في أكثر من كلية، من سبق وخضعوا للجان تحقيق، وان هناك من سجلت بحقهم إنذارات وعقوبات أكاديمية شديدة، وان هناك من سبق وأن رفض مجلس قسمهم بالإجماع، كما مجلس الكلية بالإجماع تثبيتهم لما اعترى مسيرتهم الأكاديمية ملاحظات وارتكابات. وكنا نتمنى لو أن معاليه تحقق من سجلاتهم الأكاديمية ومن سيرتهم الذاتية قبل أن يصر أو يصادق على تعيينهم في مواقعهم الإشرافية. كما كنا نتمنى على معاليه، أن يضطلع بدوره على صعيد جلاء الحقيقة حول ما يقال عن اتفاقية وقعتها الجامعة مع جمعية وقفية تركية، يتم بموجبها منح الشهادات في تركيا لخريجين لا تعرف اليرموك ومجالسها عنهم شيئا.
نتمنى على معالي رئيس مجلس الأمناء في جامعة اليرموك، كما نتمنى على معالي وزير التعليم العالي كما على كل المؤسسات ذات الشأن في ملف التعليم وفي ملف جامعة اليرموك، الانتباه لما يجري في جامعة اليرموك ومنذ سنين طويلة وجعل من الجامعة مصدرا لكل التغطية الإخبارية السلبية التي تتعلق بالجامعات والتعليم العالي الأردني، كما جعل الجامعة ترزح تحت مديونية هي الأعلى بين شقيقاتها، كما هي الأعلى في تاريخها. كما أتمنى الانتباه لتلك الجبال من الغضب والحنق والإحباط التي تراكمت لدى العاملين في الجامعة، وبات يمكن لأي عود ثقاب يشعله رئيس مجلس الأمناء أن تصل الأمور إلى ما لا يحمد عقباه، ولنا فيما جرى في اليرموك في العام 1986 عبرة ودرسا.