ساعتان مع المعلمات
في كل زيارة إلى مدرسة تتولد قناعات جديدة ومهمة في أن لا أحد يحق له التحدث عن التعليم إلا من داخل مدرسة أو إنطلاقاً منها.. دعيت أمس للقاء مع معلمات ومعلمي المدارس المستقلة الدولية في حوار : كيف تنتجين أفكاراً وسلوكاتٍ إبداعية في مجال العمل والحياة . بعيداً عن أناقة المدرسة ومن فيها، ونظافتها ومن فيها وما فيها. فإن من السهل أن نلاحظ مدى حاجة الطلبة والمجتمع إلى معلمات متعلمات!
أن نجد وقتاً كافياً لتعلم المعلمات وليس إلى تعليميهن! فالمعلم يعمل طوال وقته في المدرسة بحصص متتالية أو في الإعداد لحصص تالية، أو لمعالجة حصص مرت! وهكذا طوال اليوم ! فمتى يتدرب إذن؟ طبعاً من الصعب إعادتهم إلى التدريب في عطلة الأسبوع. فالعطلة حق للمعلمة وعائلتها! ولذلك يمكن توفير وقت إبداعي – ما دمنا نتحدث عن أفكار إبداعية- وفن إبداعي ، كأن تفرغ المعلمة والمعلم ساعتين أسبوعياً لغايات التعلم . والتعلم الحديث هذه الأيام ليس سوى العمل في " مجتمع تعلم " . ومجتمع التعلم هو مجموعة معلمين ومعلمات وربما أهالٍ وطالبات ، لا يزيد عن عشرة، يجتمعون أسبوعياً ، يناقشون كتاباً أو بحثاً أو تقريراً أو حدثاً في المدرسة أو حتى نكد واجهه أحدهم ، يجلسون معا يتأملون الحدث ، ويتبادلون المعرفة والرأي حول حلول طبقت أو حلول محتملة. ففي الإبداع هناك أكثر من عشرة حلول لحدث ما.
وفي الإبداع أيضاُ أن الحلول التي تخطر ببالنا أولاً هي حلول روتينية غير إبداعية . ولذلك قلت في حواري مع المعلمات : اتركي أول أربعة حلول تخطر في بالك ، ثم فكري بالحل الخامس أو السادس أو الأكثر من ذلك!! ففي الإبداع ليس هناك حل واحد!!
وفي الإبداع عليك أن تتخلص من كثير من مسلماتك في العمل وفي الحياة! وفي معظم الأحيان، فإنك تجد الحل في نفي مسلمتك أو عكسها أو في تشويهها. فلا إبداع إذا عشت في الروتين. والمسلمات الروتينية التي اعتدنا عليها في تدريسنا هي التي تسمى " مانعات الإبداع" . أو " حاجبات الإبداع" ولذلك فإن من أدوات تعلم الإبداع هو التخلص من الروتين اليومي قصداً . والبحث عن سلوك جديد : فالمبدع يمكنه ممارسة استراتيجيات جديدة سميتها:
لا تسر بنفس طريقك أو منهجك اليومي. فهناك طرق أخرى عديدة، قد تكون أكثر صعوبة وتتطلب أكثر جهداً ووقتاً ولكنها أكثر خصوبة.
أغلق مساربك التي اعتدت عليها، وحينها فقط تنفتح تلقائياً أمامك مسارب أخرى جديدة أكثر خصوبة وتنوعاً . فحين تضع سداً أمام مجرى مياه، فإن المياه تجد مسارب عديدة وجديدة .
غير مسربك ، ففي التغيير فد تجد خصوبة أكثر. المهم، إن الإبداع مهارة يمكن تعلمها، والطريق إلى ذلك توفر بيئة قابلة للإبداع ، وهذا ما شعرت أن المدارس المستقلة تسعى إليه . إن كلفة الجمود والثبات أعلى بكثير من كلفة الإبداع والتغيير! فماذا نحن فاعلون؟!!