توصيات اللجنة الملكية.. اندحار الاعلام الرسمي وانكشافه، وتقليعةُ الهوية الجامعة
تزامن اطلاق توصيات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية -هذا الاسم الكبير الذي لم يجر التعبير عنه ابدا-، مع جلبة واسعة احدثها نشر اوراق باندورا، وهو الامر الذي وجه بوصلة الرأي العام نحو مكان اخر تماما..
محاولات كتبة السلطة توجيه السجال نحو مخرجات اللجنة الملكية، كان مثار تندر وازدراء، وكان الرد حينها: انتو وين واحنا وين ..
بعد مضي ايام على نشر الوثائق، وبعد ان ادرك الناس الموضوع جيدا وفهموا ابعاده ومعانيه واطلعوا على الوثائق والرد الرسمي، وكلٌ بنى موقفه الشخصي منها ، توجه البعض لمتابعة الموقف من التوصيات ورصد ردود الفعل عليها..
اللافت ان وسائل الاعلام بمجملها، الرسمية وشبه الرسمية والمنضوية تحت الوصاية الرسمية، تبنت المخرجات، واخذت تسلط الضوء على محاورها ، وانبرت لتوضيحها ، و تعليلها وتبريرها والدفاع عنها ، كيف لا وقد اعلن احد كبار المسؤولين الامنيين دعمه لهذه المخرجات ودفاعه عنها (..) ..
المهم في الموضوع ان وجهة نظر واحدة غزت وسائل الاعلام الرسمية ، في محاولة مكشوفة لتضليل الرأي العام ، و توجيه قناعات الناس نحو وجهة يرضونها ، ولكنهم نسوا ان السجال كله كان قد انتقل الى شبكات التواصل الاجتماعي وفيها جرى تشريح المخرجات ، ومحاكمتها شعبيا ، فباءت جهودهم جميعا بالفشل ، و انكشفت عوراتهم للقاصي والداني ، وتبينت درجة ارتهانهم وتبعيتهم وانتهازيتهم ..
وعلى صعيد متصل ، تبين للاردنيين ان اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية ، او التيار المسيطر عليها ، المرتبط بالديوان الملكي، قد ابتكر ،شكلا و مضمونا جديدا للهوية الوطنية الاردنية ، واليوم المطلوب منا جميعا ان نفكر ونؤمن بهوية اخرى اطلقوا عليها اسم جديد وهو الهوية الجامعة ، وكأننا بهم يقولون : هويتكم الوطنية الاردنية القديمة ليست جامعة وليست صالحة اليوم ، و يراد لنا ان نستعيض عنها بهوية جديدة حداثية وعصرية و مرنة ، اكثر تعبيرا عن اهداف اللجنة وغاياتها الاساسية غير المعلنة ..
الاردنيون يفهمون جيدا ما يراد من اللجنة ، وما هو المطلوب من الاردن الرسمي في قادمات الايام ، و مدى استعداده - اي الاردن الرسمي - للتنازل و المقايضة ، ولذلك نقول بان ردود الفعل لا يمكن التنبؤ بها هذه المرة ، لان عملية الفورمات format والرست reset للاردنيين ليست امرا ممكنا ، و كل محاولة بهذا الاتجاه سيكون مصيرها ومصير منظريها الفشل الذريع ..