الصحة.. فسرت الماء بعد الجهد بالماء!!



بعد ثلاثة أيام من مراجعة عديد من المصابين بأعراض التسمم الى مستشفى جرش الحكومي، اكدت وزارة الصحة اصاباتهم بالتسمم، وعزته الى جرثومة شيغيلا، كما أظهرت نتائج الفحوص التي أجرتها.

واثار التزايد اليومي لإعداد المراجعين للمستشفى ممن يشكون من اعراض التسمم هلع الناس وخوفهم ، دون أن يكلف الوزير نفسه بالذهاب الى المحافظة للاطلاع على الوضع عن كثب وإدارة الازمة من المستشفى وسط المرضى وذويهم ، لبث الطمأنينة في نفوسهم ، لكنه بالتأكيد لا يجد الوقت الكافي فهو مشغول بتقبل التهاني بعد عدم شموله بالتعديل الوزاري الاخير !!.

ويبدو ان الوزير اراد ان ينأى بنفسه عما يجري هناك ، واكتفى بتصريح مدير المستشفى ، الذي أكد فيه ان الوزير يتابع الوضع عن بعد ، نعم فكل شيء في البلد يتم بهذه الطريقة ، في الصحة كما في التربية ، والوزير لا يريد أن يورط نفسه في مواجهة مباشرة مع الغاضبين ، حيث يمكن أن تتطور الامور ويصيبه ما اصاب وزراء سابقين من إقالة على خلفية أحداث مماثلة ، على غرار التسمم في منشية المفرق قبل سنوات حين اطيح بوزير الصحة والمياه .

والوزارة هي الأخرى غائبة ، الا من بيان مقتضب كشفت فيه مسبب التسمم ، فيما انشغلت إدارة المستشفى بالإدلاء بتصريحات حول تزايد أعداد الحالات ، ناسين او متناسين ان الناس تبحث عن الحماية من الاصابات وفهم أسبابها وسبل الوقاية منها .

هل نحتاج اليوم الى تذكير الوزارة أن هناك إجراءات تتخذ في مثل هذه الحالات وأولها ما يعرف بالاستقصاء الوبائي ، هل أجرته الوزارة ، وإذا كانت قد فعلت ، لماذا احجمت عن الإشارة اليه في تصريحات مسؤوليها ، فهو يوضح ويعطي صورة علمية تقرب الحدث الى وعي الناس لادراك ما يصيبهم من اعراض حتى يتعاملوا معها بمعرفة تخفف من حدتها ،ويتجنبوا أسبابها ؟

ولم أر في حياتي المهنية بيانا هزيلا ركيكا كبيان الوزارة ، الذي اكتفت فيه بالقول ان " الإصابات تحت السيطرة" دون أن توضح كيف ذلك، وكأن ذلك يريح الناس ويحد من هلعهم ، وتزيد الوزارة الضبابية بالقول :"جرثومة شيغيلا تنتقل من خلال الماء أو الغذاء أو اللمس "دون تفسير وتوضيح ، وكأنها تفسر الماء بالماء بعد طول عناء !! .

وتتجلى عبقرية الوزارة وسرعتها في الوصول إلى التفسير العلمي الدقيق لما يحدث في محافظة جرش ، حين خلصت إلى أن "المصدر الرئيس للتسمم لم يظهر حتى اللحظة، لكن الأكيد أنه من الماء أو الغذاء" هل كانت الوزارة تعتقد أن هناك اسبابا اخرى للتسمم غير الماء والغذاء ، كم انت عبقرية أيتها الوزارة ، لتخلصي الى هذه النتيجة البدهية بعد أيام من وجع الناس والمهم وغوصهم في رمال المجهول بفضل غيابك !! .

وحتى يعوض هذا الغياب ، نشير الى ان عدوى الشيغيلا (داء الشيغيلات) هي عدوى معوية تسببها فصيلة بكتيرية تُعرف باسم الشيغيلا. تبرز أهم العلامات الدالة عليها في الإصابة بها بالإسهال، والذي عادةً ما يكون مدممًا ،وعدوى الشيغيلا معدية جدا ، ويصاب الأشخاص بالشيغيلا عند ملامسة كميات صغيرة من البكتيريا من براز شخص مصاب بالشيغيلا ويبتلعونها. على سبيل المثال، يمكن أن يحدث ذلك في بيئات رعاية الأطفال، حيث قد لا يغسل العاملون أيديهم جيدًا بما يكفي بعد تغيير الحفاضات للأطفال، أو بعد مساعدة الأطفال الرُّضَّع أثناء التدريب على استخدام المراحيض ،ويمكن أن تنتقل أيضًا بكتيريا الشيغيلا من خلال الأطعمة الملوثة أو بسبب شرب مياه أو السباحة في مياه ملوثه .