هل بمقدور الأردن توفير المياه دون اللجوء لـ"إسرائيل"؟
أثار توقيع الحكومة الأردنية، الثلاثاء، على اتفاق شراء 50 مليون متر مكعب من "إسرائيل" تساؤلات حول الأسباب الملجئة إلى هذا الاتفاق، وإذا ما كان ثمة بدائل محلية أو عربية وإسلامية لتزويد الأردن بالمياه، وهو الذي يُعد ثاني أفقر دولة في العالم بالمياه بالنسبة لحصة الفرد، وفق المؤشر العالمي للمياه.
ووفق تصريح مقتضب لوزارة المياه؛ فإن "اللجان الفنية المختصة لدى الجانب الأردني والإسرائيلي عقدت صباح الثلاثاء اجتماعا فنيا بحضور وزيري المياه لدى الجانبين، وتم توقيع اتفاق يحصل الأردن بموجبه على شراء كميات مياه إضافية (50 مليون متر مكعب) خارج إطار اتفاقية السلام والكميات المنصوص عليها بالاتفاقية".
وامتنع الناطق الإعلامي باسم وزارة المياه، عمر سلامة، عن الحديث حول الاتفاق، قائلا إن الوزارة تكتفي بالتصريح الصحفي الذي أصدرته.
واكتفى الخبير المائي إلياس سلامة بالقول إن "الحكومة الأردنية لجأت لهذا الخيار تجنباً للضخ من مياهنا الجوفية لأنها مستنزفة، والضخ قد يؤدي إلى تدمير بعض مصادرها".
خيارات وبدائل عديدة
ويرى عضو البرلمان الأردني، النائب موسى هنطش، أنه "لا يوجد أي مبرر من قريب أو بعيد، لتوقيع الحكومة اتفاق مياه مع العدو الصهيوني"، مؤكدا أن "لدى المملكة خيارات وبدائل عديدة متاحة لتوفير المياه، سواء من الداخل، أو من الخارج".
وأضاف هنطش، الذي كان مهندساً بوزارة المياه، أن من هذه الخيارات "تقليل الفاقد المائي الذي يصل في عمان والسلط وبقية مناطق نفوذ شركة مياهنا 48 بالمئة بإقرار الحكومة نفسها، ويصل في بعض المحافظات مثل المفرق والأغوار إلى 80 بالمئة"، لافتا إلى أن "جزءا من هذا الفاقد مسروق، والجزء الآخر فاقد حقيقي".
ولفت إلى أن من البدائل أيضاً؛ سد الوحدة المقام على نهر اليرموك، مبينا أن حصة الأردن التي نص عليها اتفاق جونسون من مياه اليرموك تصل إلى 600 مليون متر مكعب، لا نأخذ منها أكثر من 50 متراً مكعباً، والسبب أن سوريا أنشأت أكثر من 30 سداً على النهر، بينما لم نستفد منه على مدار 50 سنة.
وكشف هنطش عن أنه تحدث مع الملك الأردني عبدالله الثاني وعدد من المسؤولين، عن إقامة مشروع لاستخراج المياه الجوفية العميقة في وادي الأردن، مؤكدا أنه سيضمن استخراج من 50 إلى 60 مليون متر مكعب في السنة بعد التحلية.
وقال إنه تقدم للحكومة بدراسة لهذا المشروع أعدها فريق "جايكا" الياباني، مع ضمان مصادر لتمويله، لافتاً إلى أن "الدراسة متوفرة لدى وزارة المياه والري، ومن السهل تنفيذ هذا المشروع الذي سيسد عجز المياه في أكثر المناطق شحاً، وهي جرش وعجلون وإربد".
وبيّن هنطش أن "الأردن يحتوي على 1500 بئر خاص لمواطنين، نصفها حول العاصمة عمّان، وبإمكان الحكومة أن تشتري هذه الآبار من أصحابها، أو تشتري المياه التي تحويها".
وتابع: "من الحلول أيضاً؛ إرسال وفد للسعودية يطلب من حكومة الرياض منحنا الإذن بمد خط آخر لمياه حوض الديسي، موازٍ للخط الحالي، ولا أظن أن السلطات هناك سترد هذا الطلب عملا منها بالعادات والتقاليد وحسن الجوار".
وأضاف أن الاتفاق مع الاحتلال يعبر عن "فشل حكومي" يجعل من الأردن تابعاً لـ"إسرائيل" في المياه التي تُعد من أهم القضايا في الدولة، منتقداً عدم عرض هكذا اتفاقات على مجلس النواب، ومذكّرا بأن "130 نائباً طالبوا مؤخراً بطرد السفير الصهيوني، ولم تستجب الحكومة لمطالبتهم".
وقال هنطش إن "الشعب الأردني بكل مؤسساته وأفراده، لا يمكن أن يقبل بمثل هذا الاتفاق، ولكن الحكومات المتعاقبة لا تأبه بالشارع، وهو الأمر الذي أوجد أزمة ثقة بين الطرفين".
وتشكّل حصة الفرد المائية في الأردن أقل من 0.8 بالمئة من الحصة العالمية، إذ لا يحصل الفرد على أكثر من 100 متر مكعب سنوياً من المياه، بينما حصص الفرد في الدول المجاورة للأردن تزيد على نحو 1300 متر مكعب سنوياً.
مياه الأردن تذهب لـ"إسرائيل"
ويتخوف الأردن من تفاقم مشكلة نقص المياه، وخاصة مع تزايد عدد السكان وارتفاع الطلب لأغراض التنمية الاقتصادية، بينما يقف الاحتلال الإسرائيلي وراء الأزمة لسيطرته على مجاري مياه نهري الأردن واليرموك والتحكم بهما، وفق مراقبين.
ويؤكد الخبير في شؤون المياه، سفيان التل، أن "الكيان الصهيوني حفر العديد من الآبار الارتوازية العميقة في منطقة الغمر الأردنية، واستمر بضخ المياه منها خلال 52 عاماً"، متسائلا عن مصير هذه الآبار التي تشرح معلومات بأنها تسحب من مياه حوض الديسي.
وقال التل إن "إسرائيل تأخذ مياه الأمطار التي يخزنها الأردن في بحيرة طبرية وفق اتفاقية وادي عربة، وتقدم مقابلها مياها ملوثة، ما أدى إلى إفساد العديد من أراضي الأردن التي باتت غير صالحة للزراعة".
وأضاف أن "مياه سد الوحدة المقام في الجانب الأردني من الحدود مع سوريا، تذهب للكيان الصهيوني"، مشيرا إلى وجود فئات لم يسمِّها تبيع هذه المياه لـ"إسرائيل".
واقترح التل لتوفير كميات من المياه "بدلا من اللجوء لإسرائيل" أن تُعمل حفائر في الصحراء ليتم حجز المياه فيها "كما تصنع ألمانيا وغيرها من الدول"، متوقعا أن يتم تخزين مليار متر مكعب سنوياً في باطن الأرض بهذه الطريقة.
وتجدر الإشارة إلى أنه بموجب اتفاقية وادي عربة الموقعة في 26 تشرين الأول/أكتوبر 1994؛ تزود "إسرائيل" الأردن بما يصل إلى 55 مليون متر مكعب سنويا من مياه بحيرة طبريا، يتم نقلها عبر قناة الملك عبدالله إلى عمان، مقابل سنت واحد (الدولار = 100 سنت) لكل متر مكعب.
وفي عام 2010، اتفق البلدان على إضافة 10 ملايين متر مكعب، مقابل 40 سنتا لكل متر، وهو السعر المقرر أيضا للإمدادات الإضافية التي وافقت "إسرائيل" عليها مؤخرا، وفق إعلام إسرائيلي.
(عربي21)