المناهج والنوع الاجتماعي والوهم المفتعل

 
 مهما قيل في النوع الاجتماعي ، فإن ما تهتم به المناهج في المركز الوطني لتطوير المناهج في الأردن هو الأدوار الاجتماعية والثقافية المترتبة على الجنس، فالثقافة عززت أدوارا للذكور وأدوارا للإناث غير تلك المترتبة على الفروق البيولوجية. ومهمة نظام التعليم في هذا المجال تصحيح وضع المرأة في مجمل مكوناته : حضورا عدديا واسميا، وحضورا نوعيا .

في الحضور الاسمي العددي ؟
الطلبة في المدارس جنسان: ذكور وإناث، والأعداد متساوية تقريبا. وقد اعتادت الكتب المدرسية أن تخاطب الذكور فقط، وأن تضع أسماء ذكورية مع حذف متعمد لذكر أسماء بنات ونساء. وحتى الصور لا يجد الطلبة سوى صور ذكورية، وكأن الإناث غير موجودات في حياتنا! ……..ولا أريد أن أذكًر أحدا أن ذكر أسم الأم عندنا عيب وفي بعض الدول المجاورة مشكلة من المشاكل الهامة .
ولذلك كان من الطبيعي، والأخلاقي والمنطقي إحداث توازن بين الذكور والإناث.
وليس في هذا إلا تصحيح لتراكمات اجتماعية وثقافية ، ومن الطبيعي أن تنتهي! ولذلك عمدت المناهج إلى وضع أعداد وصور نسائية وذكورية بنفس النسبة الطبيعية في المجتمع .
وليقل أحد : ما الخلل الأخلاقي والديني في ذلك؟

هذا عن لحضور الاسمي ، فماذا عن الحضور النوعي؟

اعتادت الثقافة السائدة أن تضع أدوارا خاصة بالإناث، وأخرى بالذكور استنادا إلى قيم مجتمعية ليست مشتقة من الفروق البيولوجية. لأن العلم والواقع يشير إلى أن المرأة تستطيع أن تمارس أدوارا ومهام وأعمالا عديدة كأي رجل !
فالمرأة عاملة ومعلمة ومديرة وسيدة أعمال وصاحبة قرار، وتمتلك قدرة ذهنية وطاقة و حماسة كأي إنسان!
هذا ما يقوله : العلم والواقع والدين، وقد تقدمت المرأة عبر تاريخنا: ملكة، وقائدة عسكرية، ومعلمة، وممرضة ، وإدارية وصاحبة فكر ، وشاعرة وفنانة. فلم يكن هناك دور لم تمارسه امرأة !!
وفي الدين الإسلامي والفكر الإسلامي والأديان الأخرى أن المرأة مكرمة، وأن الدين أعاد إليها اعتبارها وكرًمها وسمح لها أن تفتح مشروعات خاصة بها - كما كانت في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام -، وحسابات بنكية مستقلة! ولم يعترض أدعياء الدين على هذه الحقوق ولم يعتبروها أنتهاكات لحقوق أعطاها الإسلام للمرأة سواء في الأردن أو غيرها من الدول الإسلامية ……وأيضًا لم يعترضوا على إلغاء التمييز أو حتى على الحفاظ على حياتها أو إكمال دراستها في الجامعة.

وحقيقة إن ممارسات المرأة أدوارها بنفسها قد دعمت رحلتها لنيل المزيد من حقوقها وحالت دون مثل هذه الانتهاكات !!
بعيدا عن هذا، وعودة إلى المناهج، فعلى المناهج أن تحرص على تقديم المرأة نوعيا وبأدوار إيجابية: عاملة ، مديرة، سياسية ، فنانة، لاعبة رياضية ! فهل يراد لمليون طالبة أن يقرأوا في المدرسة غيابا كاملا لأدوارهن في الحياة؟ أي نموذج يراد لنا أن نقدمه للمجتمع ؟ إذن على كل تربوي وأخلاقي أن يركز على تقديم المرأة وفق إمكاناتها، وأن يعمل على الدفاع عن حقوقها!!

وبشأن سيداو، الاتفاقية ذائعة الصيت ، فقد التزمت الحكومة الأردنية ببعض بنودها، وكان وفد من الأردن يضم خبراء من وزارة الأوقاف حرصوا على رفض أي بند يتعارض مع الدين!
لذلك فإن القانون الأردني يعترف بالمرأة شريكا كاملا عاقلا قادرا له كل الحقوق الإنسانية التي نص عليها الدين الإسلامي قبل مواثيق حقوق الإنسان الدولية !
وأتوقف قليلا عند الحملات التي يقودها من يخشون من الحرية والكرامة وينحازون للهيمنة الذكورية حفاظا على سلطتهم وفهمهم ونمط تدينهم، فإنني أقول :
1. بدأ قسم النوع الاجتماعي في وزارة التربية والتعليم سنة 2010 وليس 2021 ، فما سر الحملة الحالية على النوع الاجتماعي ؟ بل مارس القسم أنشطة عديدة في تحليل الكتب المدرسية وتنقيتها من التحيزات القائمة على النوع الاجتماعي، ولم يعترض أحد، على الرغم من سيطرة ثقافتهم على الوزارة بالكامل!! فهل تنبهوا الآن إلى أنهم يفقدون سلطتهم المطلقة على التعليم؟
إذن المسألة في هذه الحالة سلطة وسيطرة وليس هبّة أخلاقية ضد الانحلال.
2. ليس في الكتب المدرسية – وخاصة المطورة التي أصدرها المركز الوطني لتطوير المناهج أي انحراف عن القانون والأخلاق ومن العيب أن نقول أن في مناهجنا شذوذ وتفكيك للأسرة كما يزعمون ! لأن من البديهي أن الإطار العام للمناهج وانعكاساته في الكتب، يركز على منظومة متكاملة من القيم الأخلاقية وقيم المسؤولية والاحترام.

وبالمناسبة يهمني أن أوضح أن المناهج المدرسية هي حارس الأخلاق وليس كما يقول أدعياء التأزيم !!
وأخيرا بقي أن نعرف ما دوافع هؤلاء ؟ الذين يحرضون المعلمين والمجتمع الطيب ضد فتنة مزعومة، وانحلال مزعوم، وانحلال أخلاقي قادم !
أتمنى أن يقوم أحد ما بمساءلة من ينشر الفيديوهات الكاذبة والبيانات الحزبية المدعية حرصا على الأخلاق، بل والوقوف بتأمل عند مسؤول في منظمة حقوقية – شبه رسمية – يدعي وصلا بالحقوق والحقوق لا تقر له بذاكا!!