الأردن للأردنيين فقط.

 الحلقة الأولى
 
 كيف يمكن لشخص لا يجيد القراءة: قراءة التاريخ، كيف له إجادة الكتابة، فالذي لا يقرأ من المؤكد أنه لا يستطيع الكتابة.
الثراء يدفع صاحبه لشراء الكُتاب ليكتبوا له، مثلما يستطيع أصحاب القرار والسلطة شراء الذمم لتمرير برامجهم والاذعان لها وتسويقها، وهكذا صاحب فكرة «ضم الضفة الغربية للأردن، ومنح الجنسية الأردنية لكل فلسطيني» وهي فكرة إسرائيلية، يعتبر أصحابها أن شرق الأردن جزء من خارطة فلسطين-إسرائيل، وأن الحركة الصهيونية تمكنت فقط من تحرير 27 الف كيلو متر مربع من خارطتهم غرباً، وبقي شرق الأردن 96 الف كيلو متر مربع، ولذلك على الفلسطينيين أن يقيموا دولتهم شرق الأردن، والمستعمرة ستعمل على مساعدتهم على تحقيق هذه الرغبة.
يعتبر حسن إسميك أن الضم الأردني للضفة الفلسطينية عام 1950، «من أكثر عمليات الضم السياسي مرونة وأفضلها تصميماً في التاريخ الحديث، حيث أصبح جميع الفلسطينيين في الضفة مواطنين أردنيين».
طبعاً هذا جهل مطبق، فقد تم ضم عشرات المناطق والهويات والقوميات والأثنيات إلى بلدان أخرى، وما نشاهده اليوم من صراعات دموية، أو احتجاجات شعبية ، أو مطالبة بالاستفتاء، أو التصويت بالبرلمان في أوروبا وكندا وأسيا ومنطقتنا، بين الجزائر والمغرب، السودان، سوريا، العراق، إضافة إلى تركيا وإيران أمثلة فاقعة على المطالبة بالانفصال والمطالبة بالاستقلال، من قبل الأكراد أو الأمازيغ أو الأفارقة.
الأردن وفلسطين لم يكونا استثناء، فقد عمل الفلسطينيون وناضلوا لاستعادة هويتهم الوطنية التي تم تمزيقها بعد عام 1948 بين هويات مختلفة: أردنيين، عرب إسرائيل، غزازوة، لاجئين، أو اكتسبوا جنسيات بلدان أجنبية.
وقد استجاب الأردن إلى رغبات الفلسطينيين وتطلعاتهم المشروعة باتخاذ قرار فك الإرتباط يوم 31 تموز 1988، والاعتراف باعلان الدولة الفلسطينية الصادر في الجزائر عن المجلس الوطني الفلسطيني يوم 15/11/1988، مثلما سبق له وأن شارك وأقر بقرار قمة الرباط العربية عام 1974 بالاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني.
سمعتها شخصياً من الراحل الملك حسين، قالها لي مباشرة، وأعادها في حوار صحفي لاحق:
« إننا أخطأنا عام 1950 حينما تمت عملية الوحدة بين الضفتين بدون الحفاظ على الهوية الفلسطينية، وقد حاولت تصويب هذا الوضع، ولكن التطورات المتلاحقة حالت دون ذلك».
الأردن بلد الأردنيين، ووطنهم ولهم فقط، مثلما هي فلسطين وطن الفلسطينيين الذي لا وطن لهم غيره، ولا يقبل أي أردني مواطناً كان أو مسؤولاً، وطنيا أو قوميا أو إسلاميا أو يساريا، أن يكون الأردن وطناً للفلسطينيين، أو أن يفرض هويته عليهم، ولذلك يرفض الأردنيون أي علاقة مع فلسطين قبل استعادة حريتها واستقلالها وعودة اللاجئين لها، إلى المدن والقرى التي طردوا منها واستعادة ممتلكاتهم في اللد والرملة ويافا وحيفا وعكا وصفد وطبريا وبيسان وبئر السبع، استعادة الحق أولاً ومن ثم تبدأ المكارم، لأن البحث عن الحلول وتقديم المكارم تعبير عن الضعف والهزيمة، والأردنيون ومعهم الفلسطينيون لا يقبلون تقديم التنازلات مهما بدت متواضعة لصالح الغزاة ومشروعهم الاستعماري التوسعي الإسرائيلي.
الأردن يُطالب بوقف اقتحامات المستعمرين المستوطنين الأجانب لحرمات المسجد الأقصى والمسجد الإبراهيمي في الخليل وإنهاء أي تدخلات أو محاولات تقسيمهما، لأن المسجدين للمسلمين فقط، كما هي الكنيسة للمسيحيين والكنيس لليهود، ووقف الاستيطان في القدس والضفة الفلسطينية، فهل يملك؟؟ هل يستطيع؟؟ هل يُطالب حسن إسميك حكومة المستعمرة بالاستجابة لهذه المطالب المشروعة المحقة، ويستعمل ما يستطيع من منابر للدعوة لهذه المطالب؟؟ لإظهار حُسن النية، فقط حُسن النية، قبل أن تعود طاولة المفاوضات للفتح والنقاش والحوار والتفاوض؟؟.