في ظل الاستعصاء الاستراتيجي للحالة العربية، المنطقة الى اين؟



تحركت الاحداث في افغانستان بطريقة مثيرة للغاية، وفجأة وجد اقوى جيش في العالم نفسه في حالة تعد الاغرب في التاريخ المعروف، حيث امسى هذا الجيش امام خيار وحيد وهو خيار الهروب تحت جنح الظلام سعيا لمنع القتل والاصابات بين جنوده تاركا خلفه "الجمل بما حمل"، وهكذا تبددت حالة الاستعصاء في هذا البد المسلم والتي خيمت عليه لعقود طويلة متواصلة.

اما حالة الاستعصاء الدائمة في المنطقة العربية فلا زالت تهيمن كحالة لا امل في حلها في المستقبل المنظور، صحيح ان الحالة في افغانستان كانت تمتلك عناصر جعلتها مستعصية على اي حل، الا انها فجأة انحلت بطريقة غير متوقعة لتشكل واحدة من احداث التاريخ النادرة، فهل لحدث كهذا ان يتكرر بطريقة ما بحيث تحل عقدة الاستعصاء العربي.

يقال ان التاريخ يكرر نفسه، لكنها مقولة قد لا تمتلك ما يكفي من عناصر القوة لجعلها نظرية مسلم بها، فالبعض يعتقد ان التاريخ لا يكرر نفسه انما بعض احداث التاريخ الكبيرة تتشابة مع احداث تاريخية اخرى واحيانا تتشابه الى درجة التطابق، فالاحداث تصنعها حركة الشعوب الحية الساعية الى تغيير واقعها المرير الى واقع افضل، ففي غياب هذه الارادة يصبح التغيير مستحيلا.

وقد يقول قائل، الم تتح فرصة تاريخية نادرة الحدوث تمثلت في اندلاع انتفاضات الربيع العربي التي شكلت وقتها حادثة تاريخية نادرة كان يجب ان تحل عقدة الاستعصاء في الواقع العربي. لقد بدأت ثورات الربيع العربي بداية سلمية اسقطت أعتي نظامين بوليسين في العالم وهما نظام بن علي في تونس ونظام حسني مبارك في مصر، وكانت الامور تسير على ما يرام، لكنها ما ان اقتربت من حقول النفط والغاز الممتدة عبر صحاري ممتدة لمسافات لا تنتهي حتى حشدت الموارد المحلية والعقول الغربية والصهيونية وصيغت استراتيجيات محكمة لبناء مصدات هائلة لصد الموجة العاتية وحماية النفط وحراسه من اندفاعة الربيع العربي الى تلك الصحاري الشاسعة المتخمة برائحة الزيت والكاز.

هنالك فريق ثالث يعتقد ان للتاريخ مفاجئآت تحدث نتيجة لدخول التاريخ في نقاط الغليان، فعندما تغلي المياه في المرجل وتصل درجة حرارتها ارقاما كبيرة جدا يزداد الضغط الداخلي على جدران المرجل ويشرع البخار شديد الغليان بالبحث عن اكثر نقاط ضعف جدار المرجل ويضغطها بشدة فتتمزق ويحدث انفجار هائل وتتدفق المياه الملتهبة والبخار وتتناثر بكل اتجاه لتغطى مساحة واسعة في المكان وتحيل كل شئ الى رماد.

اذن ما الذي سيجري في منطقتنا العربية التي ما فتأت تغلي ويضغط البخار المنصهر على جدران المرجل الذي اصبح متقادما وغير قادر على الصمود في وجه الضغط الهائل ؟ وهل آن الاوان لهذا المرجل ان ينفجر؟ وعندما ينفجر كيف سينفث تيارات النار واللهب التي ستحرق الكثير الاخضر واليابس؟

متى؟ ومن اين يبدأ؟ ..انتظروا بعض الوقت وسترون بام العين ما سيحدث قريبا..


qatamin8@hotmail.com

•اكاديمي وكاتب اردني