إريك زِمُّور.. هل اقترب "الحاقد على المسلمين" من رئاسة فرنسا؟



أمام عشرات الآلاف من الجماهير العريضة التي كانت حاضرة في "البارك دو برانس" معقل نادي باريس سان جيرمان، تسلَّم "ميسي" تمريرة على طبق من ذهب من زميله الفرنسي "كيليان إمبابي"، ثم تقدَّم أمتارا قليلة واضعا الكرة فوق رأس حارس مرمى نادي مانشستر سيتي، الذي استقبلت شباكه أول أهداف الساحر الأرجنتيني القادم إلى باريس بعد سنوات طويلة من التألق مع برشلونة، ناديه الإسباني السابق.

كانت المباراة مناسبة جيدة للاحتفال واختيارا جيدا من السياسي "إريك زِمُّور"، الذي فضَّل مشاهدة زملاء ميسي من داخل الملعب، إذ نشر تسجيلا قصيرا يحتفل فيه بهدف الأرجنتيني. بدا المقطع القصير بمنزلة إعلان تجميلي للسياسي اليميني المتطرِّف والمعروف بآرائه الفاشية؛ استعدادا للترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة في فرنسا، وكأن لسان حاله يقول لأولئك الخائفين من تطرُّفه: "ها أنا ذا أيضا آكل الطعام، وأمشي في الأسواق، وأتفاعل مع الكرة الجميلة".

انتهت المباراة بتفوُّق باريس سان جيرمان بهدفين دون رد، لكن مباراة أخرى أهم وأكثر تعقيدا قد بدأت للتو، ويستعد إريك زِمُّور لخوضها في سبيل الوصول إلى قصر الإليزيه، حيث سيواجه كلًّا من "إيمانويل ماكرون"، الرئيس الفرنسي الحالي، و"مارين لوبِن"، رئيسة حزب التجمع الوطني اليميني التي تحاول منذ سنوات طويلة الوصول إلى كرسي الرئاسة دون جدوى.

جنة اليمين فوق الأرض
في نسخة مكرَّرة من انتخابات سنة 2002 التي تفوَّق فيها الرئيس الفرنسي السابق "جاك شيراك" على نظيره "جان ماري لوبِن" بنسبة مريحة بعد أن تقاربا في نِسَب الأصوات خلال الدور الأول، تمكَّن الرئيس الفرنسي الحالي إيمانويل ماكرون سنة 2017 من الإطاحة بمارين لوبِن، ابنة جان لوبِن، بعد أن سوَّق لنفسه على أنه المرشح الوحيد الباقي القادر على مواجهة المد اليميني الذي استمد قوته من الهجمات الانتحارية في السنوات السابقة على الانتخابات آنذاك.

راهن ماكرون طيلة حملته الانتخابية على العنصرية والفاشية اللتين تُصاحبان سيرة عائلة آل لوبِن، مُستفيدا من أصوات مناوئيهم وعلى رأسهم الجالية العربية والإسلامية المليونية. بيد أن الرئيس الفرنسي سرعان ما غيَّر من سياسته بعد أن توصَّل إلى قناعة راسخة بأن الفوز في الانتخابات الرئاسية لسنة 2022، بعد ولاية تخلَّلتها احتجاجات وغضب شعبي جرَّاء السياسات الاقتصادية للحكومة، لن يتم إلا بعد إضعاف حزب التجمع الوطني اليميني بمحاولة منافسته على شريحة المُصوِّتين اليمينيين الذين يرغبون في فرض الثقافة الفرنسية داخل المجتمع، ومحاربة مظاهر تديُّن الجاليات المهاجرة، وإغلاق الحدود في وجه القادمين من الحروب والأزمات.

اختار ماكرون هذا الطريق مُستفيدا من رفقة وزراء انتقاهم بعناية من ذوي التوجُّهات اليمينية والعنصرية، مثل وزير الداخلية "جيرارد دارمنان"، ووزيرة المواطنة "مارلين شيابا"، ووزير التعليم "جون ميشيل بلانكير"، لكن الرئيس الفرنسي وحكومته كانا رغم ذلك في حاجة إلى شقٍّ تنظيري فكري، يُسوِّغ الأفكار الجديدة التي ستُتَرجَم بعد ذلك إلى خطوات عملية، ولم يكن ليجد أفضل من إريك زِمُّور من أجل هذه المهمة.

كشف إريك زِمُّور في كتابه "فرنسا لم تقل كلمتها الأخيرة" عن نقاش هاتفي مطوَّل دار بينه وبين ماكرون، تطرَّقا خلاله للعديد من النقاط حول الوجود الإسلامي في فرنسا والحرب الحضارية التي تستهدف الثقافة المحلية وأعداد المهاجرين التي تزداد يوما بعد يوم. وقال الكاتب اليميني حول هذه النقطة: "قلت له إن الأفراد مختلفون، فهم طيبون أو أشرار، لا يهم، المهم هو ذلك اللا وعي الجماعي الإسلامي الذي يرغب في استعمار البلد الذي استعمره هو في الأمس القريب". وقد أكَّد زِمُّور أن ماكرون اتفق معه في هذه النقطة، لكنه اعتبر أن أي تصعيد في هذا الاتجاه سيدفع البلاد إلى حرب أهلية لا نهاية لها.

أضاف الكاتب اليميني أنه أخبر ماكرون أن دخول فرنسا في حرب أهلية ليس إلا مسألة وقت، مؤكِّدا له أنه يملك مشروعا كاملا مع إجراءات فورية لعلاج هذه المعضلة، قبل أن يقاطعه الرئيس الفرنسي قائلا: "أنا مهتم بهذا المشروع، مكتبي سيتواصل معك في أقرب فرصة". هذا الاهتمام الكبير من طرف ماكرون بمشروع زِمُّور يعود إلى قناعة الأخير بأن الجالية الإسلامية في البلاد ترغب في "احتلال" فرنسا عبر الهجرة المُنظَّمة، ويبدو أن الرئيس الفرنسي مقتنع هو الآخر بنظرية "الاستبدال الكبير" التي تُعَدُّ واحدة من ركائز الفكر اليميني المتطرف في أوروبا والغرب هذه الأيام.

هذا التغيير الكبير في سياسات الحكومة الفرنسية صاحبه انفتاح مجتمعي على الأفكار العنصرية والعنيفة، ففي بداية يونيو/حزيران الماضي، ظهر أحد صناع المحتوى اليمينيين على منصة يوتيوب، وشرح خلال فيديو كيفية قتل مناضل من اليسار مع ذكر الطرق التي يمكن عن طريقها حيازة السلاح، وقد حقَّق الفيديو أكثر من 100 ألف مشاهدة قبل أن يُحذَف من طرف إدارة الموقع.

في الفترة نفسها تقريبا، ظهرت أخبار عن وجود تنظيمات يمينية تحاول شن هجمات على مراكز تجمُّع الجاليات الإسلامية، لكن الخطوة الأخطر كانت بلا شك نشر مجلة "فالور أكتويل" (Valeurs actuelles) اليمينية عريضة وقَّع عليها 20 جنرالا سابقا بالجيش الفرنسي ونحو ألف جندي منهم جنود حاليون؛ لمطالبة ماكرون بمواجهة المد الثقافي والديني للجالية الإسلامية وتفشّي عدد من الظواهر الدخيلة على المجتمع الفرنسي مثل الأكل الحلال وانتشار الحجاب بين النساء المسلمات، وهو ما عُدَّ إنذارا من شريحة بالجيش الفرنسي يبدو أنها تريد الدخول على خط هذه الحرب الثقافية.

أتى كل ذلك بالتزامن مع انفتاح إعلامي على رموز التيار اليميني، على سبيل المثال، خصَّصت قناة "سي نيوز"، التابعة لمجموعة "كانال بلس" التي استضافت زِمُّور في برنامج خاص للتعليق على الأحداث، خصَّصت 36% من استضافاتها لضيوف من الرموز اليمينية المتطرِّفة. صحيح أن ماكرون نفسه كان هدفا لهجوم هذه الجماعات اليمينية الصاعدة، لكن هذا لا يهم ماكرون على الأرجح بقدر ما يهمُّه تحييد مارين لوبِن وحزبها عشية الانتخابات الرئاسية القادمة.

مارين لوبِن.. ضحية التطرُّف ثم "الاعتدال"

بعيدا عن الأضواء والضغوطات، وعن مقر حزبها نفسه، اختارت مارين لوبِن الاستعداد للانتخابات الرئاسية القادمة من شقة في المقاطعة السابعة بالعاصمة الفرنسية باريس. وتحاول رئيسة التجمع الوطني الانعزال عن المؤثرات الخارجية، إذ اختارت فريقا مصغَّرا من المستشارين المقرَّبين جدا لإعداد إستراتيجيتها الانتخابية. وتشعر لوبِن بالخوف بسبب تراجع أسهمها في الفترة الأخيرة، وبالحزن أيضا من غياب دعم عائلة "لوبِن" لها في معركتها الرئاسية، إذ اختار جون ماري، أبوها ومؤسس الحزب، دعم "إريك زِمُّور" إذا ما دخل الانتخابات، فيما ترتبط ابنة أختها "ماريون ماريشال لوبِن" بعلاقات قوية أيضا مع المفكر اليميني الذي يتقاسم معها العديد من الأفكار حول قضايا كبرى.

تعلم مارين لوبِن أن هذا الصعود الكبير لزِمُّور يعني تقليص فرصها في الفوز، إذ تُرشِّحه بعض استطلاعات الرأي لمواجهة إيمانويل ماكرون في جولة الإعادة، ما يعني نجاح خطة الرئيس الفرنسي في إضعاف التجمع الوطني بهدف الانفراد بالكرسي لولاية ثانية. ولكن رغم ذلك لا تفتأ لوبِن تؤكِّد عدم اقتناعها بنتائج هذه الاستطلاعات، وتيقُّنها من المرور لجولة الإعادة وأنها ستكون الرئيسة الأولى في تاريخ فرنسا، مطالبة زِمُّور بالتقدُّم بملف ترشيحه الرسمي: "قلت لإريك: اسمع، يجب أن تُقدِّم ملف ترشُّحك الرسمي، يجب أن تكون مُخلِصا للفرنسيين، أن تكون صادقا سياسيا". في الوقت نفسه، تحاول رئيسة التجمع الوطني الحفاظ على إستراتيجيتها الانتخابية بعدم الانسياق وراء التصريحات الموغلة في العنصرية، إذ إن انسياقها قد يُفهَم منه ضعفها ومحاولتها مواكبة منافسها اليميني العنصري، لا سيما وقد حاولت الابتعاد عن البروباغندا المتطرِّفة من أجل تحسين صورتها وسط المُصوِّتين المعتدلين، ما دفعها في وقت سابق لإبعاد والدها ذي الميول النازية عن الحزب.

رغم هذه اللا مبالاة التي تحاول لوبِن التظاهر بها في لقاءاتها الإعلامية، فإن مقربين من المرشحة الفرنسية يحاولون ثني زِمُّور عن الترشُّح لتوحيد صفوف اليمين ومواجهة ماكرون. وقد صرَّح "ستيفان شوني"، النائب البرلماني عن منطقة الشمال، قائلا: "خصمنا هو إيمانويل ماكرون الذي يحفر قبر الصالح الوطني، ليس لدينا خصم داخل المعسكر الوطني، لا يجب تقسيم هذا المعسكر وإضعافه". هذا وأكَّدت لوبِن في السياق نفسه أنها قبلت دعوة من إحدى الشخصيات للقاء زِمُّور، لكن الأخير رفض.

هذه الرغبة من طرف المرشحة الرئاسية في إخراج رفيقها الأيديولوجي من سباق الانتخابات راجعة أساسا إلى أن زِمُّور سيحرمها حسب استطلاعات الرأي من 30% من الشريحة التي تمنحها أصواتها في العادة، وهو ما يعني ضربة قاصمة لطموحاتها طويلة الأمد للارتقاء إلى الإليزيه، وفتح الطريق أمام منافسة ثنائية بين ماكرون وزِمُّور على المقعد الأثير.

صعود النسخة الفرنسية من ترامب

على بُعد ستة أشهر من الانتخابات، بدأت صورة المنافسة على مقعد الإليزيه تتضح أكثر فأكثر: يسار هش ومُشتَّت لا تتجاوز مُمثِّلته في السباق الانتخابي "آن إيدالغو" عتبة 6% في استطلاعات الرأي، ويمين تقليدي لم يعد قادرا على إقناع مؤيديه بدعمه فضلا عن إقناع الناخبين بمشروعه السياسي، واختيار منحصر فعليا الآن بين إيمانويل ماكرون ومارين لوبِن وإريك زِمُّور.

يتخذ زِمُّور خطا مختلفا عن رجال السياسة اليمينيين الذين يحاولون الحفاظ على شكل دبلوماسي لخطابهم في المحافل الرسمية وأمام وسائل الإعلام، حيث يبدو أن الرجل لا يحفل بهذه الشكليات فضلا عن أن يكترث باتهامه بحيازة علاقات حزبية سرية مع التنظيمات الفاشية والنازية، وهو أمرٌ لن يكون مفاجئا بالنظر إلى العلاقة التي جمعت بين حزب التجمع الوطني ومجموعة "جيل الهوية" التي حُلَّت مؤخرا من طرف الداخلية الفرنسية.

يرى زِمُّور أن الإسلام دين لن يجد له مكانا داخل فرنسا التي تقوم على نظام سياسي علماني ذي أصول مسيحية ويهودية، ولذا يؤكِّد أن مشروعه يستند إلى فرض ممارسة "مسيحية للإسلام"، يُفرَّغ من خلالها الإسلام من مضامينه الثقافية والعقدية والسياسية والاقتصادية، بحيث يقتصر على الممارسات الشعبية في مناسبات معينة. ويختلف هذا الخطاب جذريا عن خطاب ماكرون، بل وحتى عن خطاب لوبِن نفسها التي تقول إنه ما من مشكلة لدى فرنسا مع الإسلام، بل مع "الإسلام السياسي" الذي يريد فرض نفسه سيدا على قوانين الجمهورية. علاوة على ذلك، يتمسَّك زِمُّور بمحاربة الهجرة، الشرعية وغير الشرعية على السواء، ومنع قانون التجمُّع العائلي وإعادة أكبر عدد من المهاجرين إلى بلدانهم.

لا يقف تفرُّد المرشح الرئاسي اليميني عند هذا الحد، بل يكاد يكون الشخصية اليمينية الوحيدة التي تُعلن موقفها الرافض علنا لزواج المثليين ولبروباغندا الجمعيات المثلية التي تنشط في المجتمع وتُنظِّم الوِرَش داخل المدارس من أجل إقناع الأطفال بالتطبيع مع هذه الاختيارات الجنسية، إذ يتعهَّد زِمُّور بوضع حدٍّ لكل هذا، إلى جانب الكثير من التصريحات المثيرة مثل تعهُّده بمنع الأسماء الأجنبية.

صعود زِمُّور السريع حاملا كل هذه الأفكار، التي يُلاحَق بعض النشطاء قضائيا إذا ألمحوا لها فحسب، لم يكن ليحدث لولا دعم إعلامي كبير ساهم في رفع أسهمه حتى يتسنَّى له التعبير عمَّا يُفكِّر فيه بأريحية. هذا الإعلام يُبرِّر لنفسه تسليط الضوء على زِمُّور بضرورة استضافة هذا النوع من المفكرين للنقاش معهم ودحض حججهم. ولكن في الواقع، تبدو العوائد المادية وإحصاءات نِسَب المشاهدة العامل الرئيس لفتح الكاميرات والميكروفونات بوجه السياسي اليميني المثير للجدل، على عكس الثمانينيات وبداية التسعينيات حين كان الإعلام الفرنسي ممنوعا من استضافة رموز "الفاشية والعنصرية ومعاداة السامية"، فلم تستضف القنوات التلفزيونية جان ماري لوبِن مثلا لأن الفلسفة الإعلامية ارتكزت على مبدأ "محاربة الأفكار اليمينية" لا "محاورتها".

في كل الأحوال، لن تكون هذه الأبواب الإعلامية كافية لزِمُّور كي يفوز برئاسة فرنسا، ولذلك ثمة محوران أساسيَّان يحاول المرشح الرئاسي المفترض العمل عليهما كي يُمهِّد لدوره الجديد، وهُما التواصل الانتخابي ثم وسائل تمويل الحملة الانتخابية.

على مستوى المحور الأول، استقطب زِمُّور خلية تواصلية مُقرَّبة من ماريون ماريشال لوبِن، ابنة أخت مارين لوبِن، من أجل العمل على وضع إستراتيجية انتخابية متكاملة، وذلك بجانب الدعم الكبير الذي يتلقَّاه من طرف بعض منابر الإعلام اليمينية من قبيل مجلة "فالور أكتويل" التي نشرت تقارير عدة تمهيدا لترشُّحه مثل "زِمُّور رجل السنة"، و"إغواء زِمُّور"، ثم أخيرا وليس آخرا "زِمُّور رئيسا". وراء كل هذه البروباغاندا سنجد عددا كبيرا من الأسماء التي كان بعضها وحتى الأمس القريب مُقرَّبا من حزب لوبِن، مثل "إريك تينيير"، خريج مدرسة العلوم السياسية التي تُديرها ماريون ماريشال لوبِن، و"فرانسوا دو فويي"، المقرَّب من حفيدة لوبِن أيضا، ثم العازفة الأهم في هذه الأوركسترا: "سارة كنافو"، مستشارة زِمُّور المنحدرة هي الأخرى من أسرة يهودية سكنت الجزائر، ويبدو أن علاقتها بزِمُّور تتجاوز كثيرا دورها في الاستشارة السياسية والإعلامية بحسب ما نشرته مجلة "باري ماتش".

بالنسبة للتمويل، يراهن زِمُّور على مبيعات كتابه الأحدث "فرنسا لم تقل كلمتها الأخيرة" من أجل تمويل حملته الانتخابية، وسيستفيد زِمُّور من نحو 4 ملايين يورو في حال تمكَّن من بيع 480 ألف نسخة، وهو حسب مقربين له رقم ممكن للغاية خصوصا أن الكتاب يتصدَّر المبيعات منذ صدوره، ومن ثمَّ سيجمع المرشح اليميني بين دخله بوصفه كاتبا ودخله بوصفه صاحب دار نشر الكتاب التي يمتلكها رفقة زوجته.

بجانب الكتاب، يُعوِّل زِمُّور على سخاء رجال الأعمال اليمينيين الذين يسعون إلى دعمه مرشحا رئاسيا، مثل رجل المال والأعمال "شارل غاف"، الذي أبدى استعداده لتمويل الحملة الانتخابية لخصم ماكرون ولوبِن. صحيح أن القانون الفرنسي يُحدِّد سقف الدعم بـ 7500 يورو للشخص الواحد، لكنه لا يمنع أبدا حصول المرشحين على قروض من بنوك أو شخصيات عامة، وهو بند استفادت منه مارين لوبِن سابقا لإنقاذ حزبها من أزمة مالية خانقة بواسطة دعم من الإمارات العربية المتحدة.

يطمح إريك زِمُّور إذن إلى لعب دور أكبر من الدور الذي حاول ماكرون حصره فيه للإطاحة بمارين لوبِن، إذ يسعى لخلق مفاجأة "ترامبية"، وهو الذي أكَّد أكثر من مرة أنه يرى في نموذج ترامب الذي جمع بين دعم الأغنياء المحافظين والطبقة الشعبية من الراغبين في المحافظة على النقاء الأبيض المسيحي لأوروبا نموذجا يُحتذى به للوصول إلى قصر الإليزيه، مُعوِّلا بذلك على الغضب الشعبي من الطبقة السياسية التقليدية بسبب الأزمات المتتالية التي تعيشها فرنسا منذ عقود، وآمِلا في مفاجأة قد تحدث بعد أشهر لتجعل منه المرشح الأول، تماما كما حدث قبل سنوات حين أُطيح بمرشح الجمهوريين "فرانسوا فيون" إثر صدور تقارير صحفية اتهمته بالفساد هو وزوجته، مُفسحا الطريق أمام ماكرون -الذي ظهر حينها من العدم- ليرتقي إلى منصب رئاسة فرنسا الذي ربما لم يكن ليحلم به يوما ما.


(الجزيرة)