هل تتحول "ميتا" لطوق نجاة ينتشل زوكربيرج من أزمات فيسبوك؟
بعد إطلاق اسم "ميتا" المستوحى من عالم "ميتافيرس" الموازي على شركته، يُراهن الرئيس التنفيذي لفيسبوك، مارك زوكربيرج، على جعل الشركة بمنزلة "مدينة تكنولوجية فاضلة يتواصل فيها الناس ويعيشون في عالم افتراضي"، على الرغم من أن هذه الرؤية تبدو "بعيدة المنال في المستقبل"، حسب ما ذكرت صحيفة "فايننشال تايمز".
وقالت الصحيفة البريطانية في تقرير الجمعة، إن زوكربيرج مقتنع بأن شبكته للتواصل الاجتماعي التي تضم نحو 3 مليارات مستخدم التي يمكن القول الآن إنها الشركة التقنية "الأكثر إثارة للجدل في العالم"، يجب أن تتحرك بشكل حاسم للتكيف مع ما يعتقد أنه سيكون التطور القادم للإنترنت.
وقال زوكربيرج في مقابلة مع خدمة "ستراتشيري" الإخبارية المعنية بأخبار التكنولوجيا والإعلام، إنه "بحلول نهاية هذا العقد، أو حتى بحلول منتصف العقد، أعتقد أننا سنصل إلى نقطة، ستبدأ أجهزة الواقع الافتراضي لدينا في أن تكون أفضل بشكل واضح تقريباً من أجهزة الحاسوب والحاسوب المحمول".
والخميس، أعلن رئيس مجموعة فيسبوك مارك زوكربرج، تغيير اسم الشركة الأم لشبكة التواصل الاجتماعي إلى "ميتا"، لتعكس بشكل أفضل كل نشاطاتها، فيما ستحافظ شبكة فيسبوك وتطبيق إنستجرام وخدمة واتساب، على أسمائها.
و"ميتا"، وهي كلمة يونانية تعني "ما بعد"، وتحيل أيضاً إلى "ميتافيرس"، العالم الموازي الذي يرى فيه زوكربيرج مستقبل الإنترنت.
قيادة مبكرة"
"فايننشال تايمز" رأت أن هذا الإعلان الجديد يعطى شركة فيسبوك، "قيادة مبكرة وحاسمة" في السباق، لبناء عالم غني عبر الإنترنت، لكنه يثير أيضاً تساؤلات مهمة بشأن مستقبل نموذج أعمالها، فضلاً عن مخاوف بشأن ما إذا كان بإمكان مستخدميها، بالنظر إلى سجلها، ضمان خصوصيتهم وأمنهم.
وأشارت الصحيفة إلى أن منتقدين اعتبروا هذه الخطوة مجرد "محاولة في الوقت المناسب من قبل زوكربيرج لإبعاد فيسبوك عن أحدث موجة من الفضائح"، بعد أن قامت الموظفة السابقة في الشركة فرانسيس هوجين، بتسريب مجموعة وثائق داخلية تضر بمصداقية الشركة.
لكن زوكربيرج قال في مقابلاته، إن هذا التحول سبق التخطيط له بعناية لمدة لا تقل عن 6 أشهر، ولم يكن محاولة للابتعاد عن علامة فيسبوك التجارية، التي وصفها منتقدون بأنها أصبحت "علامة تجارية سامة بشكل متزايد".
ردود فعل متباينة
خطوة زوكربيرج الأخيرة قوبلت بردود فعل متباينة، لا سيما من جانب أولئك المشاركين في فضاء التشفير وتكنولوجيا الواقع الافتراضي.
وقال راؤول بال المتحمس للعملات المشفرة والمؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لمجموعة "ريل فيجن جروب" (Real Vision Group)، على تويتر: "كونوا أقل تشاؤماً، وأدركوا أن العالم قد تحول اليوم حول محوره"، معتبراً أن هذا التحول ينطوي على إمكانيات لا حصر لها.
في المقابل، حذّر إيفان جرير، مدير منظمة "الكفاح من أجل المستقبل" غير الحكومية، التي تهدف لحماية خصوصية الإنترنت، من أن زوكربيرج يحاول بهذا التحرك "تعزيز قبضته الخانقة على مستقبل الاهتمام والتفاعل البشري".
وأثارت هذه الخطوة بالفعل انتقادات أكاديميين وخبراء قلقين بشأن قضايا الخصوصية والسلامة الرئيسية، في وقت يُنظر فيه إلى فيسبوك بأنه يكافح من أجل مراقبة نظامه الأساسي الحالي.
وبينما تعهد فيسبوك بأن "الخصوصية والأمان يجب تضمينهما في (ميتا) من اليوم الأول"، لا يزال من غير الواضح، بحسب الصحيفة، كيف ستقوم الشركة بمراجعة نظام مفتوح وقابل للتشغيل البيني، وإذا كان المستخدمون سيمكنهم الحصول على هوية افتراضية واحدة أو هويات متعددة.
ولفتت الصحيفة إلى أنه في كلتا الحالتين، ستكون الشركة تحت الضغط لتكون قادرة على ضمان الأمن عبر الإنترنت، خاصة للمستخدمين الأصغر سناً، من المحتالين والمضايقات والمحتويات الضارة الأخرى.
لكن ثمة تساؤلات أيضاً لم تتم الإجابة عنها بشأن الأنواع الجديدة لبيانات المستخدم التي سينشئها هذا التحول، وكيف سيجري توصيلها بآلية الإعلانات الخاصة بـ"ميتا"، وكذلك تأمينها.
ونقلت الصحيفة عن جوس حسين المدير التنفيذي لشركة "بريفاسي إنترناشيونال" المعنية بقضايا الخصوصية: "يتعلق الواقع الافتراضي بإنشاء وامتلاك هويات تتجاوز الأجهزة والمساحات. إذا كانت هويتك، التي قدمتها لك شركة واحدة، هي الهوية التي تستخدمها للتنقل عبر إنترنت المستقبل، فستحتفظ هذه الشركة بجميع البطاقات".
فيما قالت جوليا باولز، الأستاذة المساعدة في القانون والتكنولوجيا بجامعة "ويسترن أستراليا": "تتعامل ميتا مع العالم على أنه عقار رقمي مجاني، ومورد لاستحداث الشركات والمراقبة والتسويق".
"محاولة يائسة"
من جانبها، اعتبرت شبكة "سي إن إن"، أن تغيير اسم شركة فيسبوك للتواصل الاجتماعي إلى "ميتا" هو مجرد "محاولة يائسة" من قبل الشركة للتشويش على ما وصفته بـ"جحيم واقعها الحقيقي".
وذكرت الشبكة الأميركية في تقرير، الخميس، أن إعلان زوكربيرج، تغيير اسم الشركة التي أسسها منذ 17 عاماً سيؤدي إلى تقليص استخدام كلمة فيسبوك التي كانت تُطلق على الشركة وواحد من تطبيقاتها المتعددة التي تشمل أيضاً واتساب وإنستجرام.
ولفتت "سي إن إن" إلى أن تغيير اسم الشركة لا يعتبر حدثاً جديداً في مجال عمالقة التكنولوجيا، إذ فعلتها "جوجل" عام 2015، لكن توقيت إعلان اسم "ميتا" يبدو مهماً، إذ تحاول فيسبوك التي تواجه "قائمة مشكلات تبدو طويلة جداً ومثيرة للغضب"، أن تخرج من "مستنقع فضائح كشفت عن سنوات من الإخفاقات في مكافحة خطاب الكراهية والمعلومات المضللة".