الحكومة تسقط في اختبار جديد .. تصريحات سناء قموة كاشفة و صادمة


أحمد الحراسيس - لا يمكن لأحد أن يُنكر على آخر حقّه في اللجوء إلى القضاء من أجل رفع مظلمة عن نفسه أو محاسبة معتدٍ عليه، وهذا الحقّ لا يُنزع عن أي مؤسسة كانت رسمية أو غير ذلك، إلا أن اللجوء إلى القضاء قد لا يكون دائما الممارسة الفضلى في معالجة القضايا التي تواجه الأفراد والمؤسسات الرسمية، خاصة إذا ما اعتقدت الجهة الرسمية أن اللجوء إلى القضاء فزّاعة يمكن من خلالها تخويف الناس وتشويه صورتهم والتعمية على الحقائق والآراء التي يتمّ طرحها.. تماما كما هو الحال في التعامل الرسمي مع تصريحات مديرة المختبرات السابقة في المؤسسة العامة للغذاء والدواء الدكتورة سناء قموة.

قموة، طرحت رأيا علميا استندت فيه إلى دراسة تحليلية جرى نشرها في مجلّة عالمية محكمة، وأشارت إلى وجود مشكلة في سلامة بعض أصناف الأغذية، لتقوم بعدها الحكومة ولا تقعد، وتركّز جهودها على المحاولة بالتشكيك في الدراسة ونتائجها، قبل أن تذهب أخيرا إلى تحريك دعوى قضائية ضدّ الدكتورة سناء.

الواقع أن القضية لم تُرعب الأردنيين من ناحية الخوف على سلامة غذائهم فحسب، فالأمر كان ليحتمل الصواب والخطأ، لكن ما أرعبهم فعلا هو ردّة الفعل الرسمية على الدكتورة سناء -وهي الاستاذة الجامعية المتخصصة- ومحاولات ترهيبها وشيطنتها دون الدخول في تفنيد ما قالته بشكل علمي مُقنع.

كان الأجدر بالحكومة والمؤسسة العامة للغذاء والدواء أن تتعاطى مع تصريحات قموة بشكل ايجابي، من خلال تحليل الدراسة التي استندت إليها وتشديد الرقابة على الغذاء، ومراجعة اجراءات توريد الغذاء إلى الأردن وفحصه بشكل مؤسسي وليس على سبيل الفزعة.

الحكومة اليوم مطالبة بالاجابة عن الأسئلة الكبيرة التي تطرحها قضية قموة؛ فهل أصبح البحث العلمي محصورا بالمؤسسات الحكومية وممنوعا على الآخرين؟ وهل هناك مشكلة لدى الغذاء والدواء في أن يقوم فرد بفحص عيّنات من الأغذية المتداولة في السوق؟ وهل ظهور مواد مسرطنة في عينة من (121) سمكة في السوق المحلي لا يُعتبر أمرا يستدعي الاستنفار؟ وهل تملك مؤسسة الغذاء والدواء العدد الكافي من الكوادر المؤهلة التي يمكنها مراقبة ومسح الأسواق والتحقق من سلامة الغذاء فيه؟ ماذا عن اجراءات فحص شحنات القمح والحبوب؟ هل التعقيم وقتل الحشرات يكفي للقول إن الشحنة خضعت للمعالجة؟

الواضح أن الأمر مرتبط بهذه الحكومة ورئيسها الحالي الدكتور بشر الخصاونة، فالدكتورة سناء كانت قد قالت ما قالته في مناسبتين سابقتين (2019، و2012)، ولم تقم الحكومة حينها بملاحقتها قضائيا، فما طرحته كان رأيا علميا مستندا إلى دراسة تحليلية مسحية، والأصل أن الردّ عليها يكون بنشر رأي علمي مضادّ يُثبت سلامة غذائنا، وليس باللجوء إلى القضاء في محاولة لتخويف أي صاحب رأي!

الأردنيون عبّروا اليوم عن رأيهم وموقفهم من اجراء الحكومة، وذلك من خلال حملة التضامن الواسعة التي أطلقوها لدعم الدكتورة سناء، والحقيقة أنها حملة غير مسبوقة، إذ جاءت دون دعوة أو تنظيم، وتركزت على رفض احالة قموة للقضاء، والمطالبة بتشديد الرقابة على الأغذية المستوردة.