صك الإنتداب على فلسطين... أداة تنفيذ جريمة بريطانيا "وعد بلفور"
من الأهمية بمكان عند الحديث عن النكبة الفلسطينية بل الجريمة الكبرى التي إرتكبتها بريطانيا والحلفاء بحق فلسطين شعبا ووطنا بالإعلان عن قرار الحكومة البريطانية على لسان وزير خارجيتها بلفور في 2 تشرين الثاني لعام 1917 دون العودة إلى جذور الجريمة وعناصرها من حيث:
--- الظرف والتوقيت
--- التفكير والأهداف
--- الإعداد
--- شرعنة التنفيذ
الظرف والتوقيت :
جاء قرار بريطانيا بإرتكاب جريمتها بحق الشعب الفلسطيني ووطنه في ظل أجواء نتائج الحرب العالمية الأولى بإنتصار الحلفاء وهزيمة الدولة العثمانية وما رافقها من إعداد خطط وإستراتيجيات للهيمنة وتقاسم النفوذ والسطو على ثروات شعوب الولايات العثمانية وتقسيمها إلى دول لضمان إدامة السيطرة السياسية والإقتصادية والعسكرية عليها وكانت فلسطين العنوان والبداية لهذه الحقبة الإستعمارية .
التفكير والأهداف :
وقف الصراع الديني بين الكنيسة واليهود في أوربا عاملا أساسيا بدعم إنشاء دولة لليهود خارج أوربا للتخلص نهائيا من وجودهم إلى أن تقرر إقامة دولة إستعمارية إحلالية في فلسطين لما تحتله من مكانة جيوسياسية إستراتيجية في قلب الوطن العربي موظفين العامل الديني اليهودي لتحقيق هدفين بضربة واحدة أي التخلص ما أمكن من اليهود في أوربا ولانشاء قاعدة عدوانية إستعمارية للإنطلاق نحو أي قطر يخرج أو يفكر بالخروج عن المظلة الإستعمارية بأشكالها المباشرة وغير المباشرة .
الإعداد :
لم يكن من السهولة أن يتم تنفيذ جريمة بريطانيا في فلسطين مع وجود شعب عربي فلسطيني بمسلميه ومسيحييه ضاربا جذوره بعمق في الإنتماء والتجذر بوطنه أرض الآباء والأجداد ومركز الحضارات العالمية مما تتطلب الإعداد السياسي والعسكري لإجهاض اي فعل شعبي فلسطيني وعربي رافض ومقاوم للمشروع البريطاني الفرنسي في تقسيم بلاد الشام بينهما فوقعت فلسطين تحت النفوذ والهيمنة الإستعمارية البريطانية وفق مخرجات مؤتمر سان ريمو المنعقد في نيسان 1920 وبهذا التقسيم الذي شكل الخطوة الأولى للإعداد العملي لتنفيذ المخطط الإستعماري في فلسطين لصالح العصابات اليهودية الصهيونية .
شرعنة التنفيذ :
لما كان الهدف البريطاني الإستعماري يهدف إلى إقتلاع شعب من وطنه التاريخي وإحلال بديلا عنهم مهاجرين يهود من مختلف أصقاع دول العالم وخاصة من أوربا في سابقة لم يشهد لها التاريخ مثيلا إتجهت بريطانيا وفرنسا وحلفاءهما إلى إنتزاع قرار من عصبة الأمم المتحدة " التي كانت في حقيقة الأمر صدى للصوت البريطاني الفرنسي "بالإعلان عن فرض الإنتداب البريطاني على فلسطين في السادس من تموز عام 1921 والمصادقة عليه في 24 تموز 1922 الذي نص على :
ولما كانت دول الحلفاء قد وافقت أيضا على أن تكون الدولة المنتدبة مسؤولة عن تنفيذ التصريح الذي أصدرته في الأصل حكومة صاحب الجلالة البريطانية في 2/ 11 /1917 واقرته الدول المذكورة لصالح إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين. ... الخ " .
تلا ذلك إعلان بريطانيا بهدف الإنتداب تحقيق وعد بلفور أي فتح الباب أمام اليهود بالهجرة إلى فلسطين وإقامة "وطن قومي " يهودي فيها .
هكذا تمكنت بريطانيا الإستعمارية من إضفاء شرعية مزورة على جريمتها التاريخية الممتدة دون توقف و التي لم يزل الشعب الفلسطيني يعاني من ويلاتها نتيجة للدعم وللإنحياز الأعمى للدول النافذة كالولايات المتحدة الأمريكية ولبريطانيا وفرنسا خاصة المستمر للكيان الإستعماري الإسرائيلي بما يرتكبه من مختلف انواع الجرائم وتلك التي تصنف جرائم حرب او جرائم ضد الإنسانية بحق الشعب الفلسطيني .
هذا الدعم والإنحياز الأعمى لسلطات الإحتلال الإسرائيلي الإستعمارية وتمكينها الإفلات من المساءلة والعقاب وفقا للشرعة الدولية حفزها ويحفزها للمضي بإستعمارها الإحلالي لأراض الدولة الفلسطينية وحرمان الشعب الفلسطيني من حقه بتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس .
كما أن الدعم والإنحياز للكيان الإستعماري الإسرائيلي العنصري خلافا لميثاق ومبادئ الأمم المتحدة جعل من كيانها قوة نشاز عدوانية ليس بحق الشعب الفلسطيني فحسب بل بحق الأمم المتحدة كمؤسسة واعضاء وما قيام ممثل الإرهاب الإسرائيلي بتمزيق تقرير الأمم المتحدة حول حقوق الانسان ومن منبر الأمم المتحدة إلا نموذج لتلك العقلية العدوانية الإرهابية التوسعية الاستعمارية التي بات واجبا ملحا أن تنبري امريكا وبريطانيا وفرنسا صانعة ذلك الكيان الذي ثبت أنه عامل تهديد للأمن والإستقرار الدولي للجمه وإرغامه على إحترام أهداف الأمم المتحدة بترسيخ السلم والأمن وتنفيذ قراراتها المتعلقة بتمكين الشعب الفلسطيني من التحرر من نير المستعمر الإسرائيلي العنصري وتمكينه من إقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس. ..
الشعب الفلسطيني وبعد 104 عاما من جريمة بريطانيا وحليفتها فرنسا لم ينسى ولن ينسى ولن يتخلى عن نضاله بكافة الوسائل المكفولة دوليا بقيادة م ت ف الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني حتى تحرير وطنه وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى مدنهم وقراهم التي طردوا منها عنوة عام 1948. ..كما أن الشعب الفلسطيني طليعة الشعب العربي لن يستسلم مهما بلغ حجم المؤامرة وإتساع ادواتها. ... الأمم المتحدة و بريطانيا مدعوة للتكفير عن جريمتها التي تمثل أم الجرائم بالتاريخ الحديث التي المت بفلسطين وشعبها وذلك بالإنتصار لحقوق الشعب الفلسطيني الأساس بالحرية والإستقلال . ..؟ !