"هدم قبة الصخرة".. أيديولوجية إسرائيلية تُمهد لتدمير الأقصى وبناء "الهيكل"
لا تتوانى المنظمات اليهودية المتطرفة عن مساعيها وحملاتها العنصرية المستمرة للتحريض على هدم المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة المشرفة، تمهيدًا لبناء "الهيكل" المزعوم مكانه.
وآخر حملات التحريض هذه، ما نشره الحاخام الإسرائيلي المتطرف "يعقوب هيمن" عبر حسابه على "فيسبوك"، حينما وضع صورة له وهو بجانب مسجد قبة الصخرة، مع إعلان عن حاجته لمهندس متخصص في هدم المنشآت والمباني لـ"إخراج" مبنى القبة من ساحة المسجد الأقصى المبارك.
وكتب رئيس "ائتلاف منظمات الهيكل" المتطرف "هيمن" عبر حسابه: "أبحث عن مهندس متخصص في هدم المنشآت والمباني، وتقديم اقتراح لإزالة ونقل قبة الصخرة إلى الخارج، نرجو أن نحظى قريبًا بافتتاح المعبد”.
وسابقًا، طالب "هيمن" في رسالة بعثها إلى وزارة الأمن الداخلي الإسرائيلي، بـ"تعزيز الوجود اليهودي في المسجد الأقصى على مدار الأسبوع بما يخدم قضية الهيكل المزعوم".
وعقب تحريض الحاخام المتطرف، حذر نشطاء من مخططات ينوي تنفيذها اليمين الإسرائيلي المتطرف ضد المسجد الأقصى، مؤكدين أن هذا المنشور هو إشارة واضحة لمطالبة اليمين المتطرف بتدمير قبة الصخرة.
وسبق أن قدمت جماعات استيطانية متطرفة مقترحًا لحكومة الاحتلال يهدف إلى تفكيك مسجد "قبة الصخرة" المشرفة، لإقامة "الهيكل" مكانه، في سابقة خطيرة تهدف لتغيير الواقع في المسجد الأقصى.
والخميس الماضي، اقتحمت شرطة الاحتلال قبة الصخرة، في محاولة لمنع طواقم لجنة الإعمار في الأقصى من تنفيذ أعمال صيانة في شبكة الكهرباء داخل القبة، وأعاقوا استمرار عملهم، وهددوا رئيس اللجنة بسام الحلاق باقتياده إلى أحد مراكز التحقيق بالقدس.
فكر إجرامي
نائب مدير عام دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس المحتلّة الشيخ ناجح بكيرات يقول لوكالة "صفا" إنّ ما نشره الحاخام اليهودي بشأن قبة الصخرة يعبر عن أيدلوجية عنصرية خرافية تحت عنوان ما يسمى "كذبة الهيكل"، وفكر إجرامي يُمهد لتدمير المسجد الأقصى.
ويوضح بكيرات أن" كل ما يطرح بشأن الأقصى يخدم العقلية الصهيونية الإحتلالية، ومشروع الدولة اليهودية، وأن القدس عاصمة يهودية، فهم لا يريدون أي أثر معماري يعبر عن أصالة وهوية وعروبة المدينة المقدسة".
ويشير إلى أن العديد من التصريحات والمقترحات صُدرت عن مؤلفين وباحثين إسرائيليين ومنظمات إسرائيلية، بما فيها كتاب يسمى "أحلام اليقظة" عام 1982، والذي تضمن 6 سيناريوهات لتغيير موقع قبة الصخرة، وأن يتم نقلها معماريًا إلى خارج البلدة القديمة.
ومن خلال حملات التحريض والمقترحات العنصرية، تسعى سلطات الاحتلال ومنظماتها المتطرفة -وفقًا لبكيرات- إلى إنهاء الهوية الإسلامية للمدينة، والوجود المعماري، من أجل السيطرة على المكان والأرض، وتدمير الأقصى لبناء "الهيكل" المزعوم.
ويضيف "نحن لن نغادر الأقصى ولن نتزحزح عنه، وستبقى قبة الصخرة ومعالم المسجد الإسلامية وساحاته وكل ما دار حول السور موجودًا، ومهما عملوا من تغيير معماري، فإنهم لن يتمكنوا من الوصول إلى مستوى الرؤية البصرية التي تتمتع بها قبة الصخرة".
وقبة الصخرة تعتبر أحد أهم المعالم المعمارية الإسلامية في مدينة القدس وفلسطين والعالم الإسلامي، وأقدم بناء أقيم في العهد الإسلامي بقي محافظًا على شكله الهندسي الأصلي وعناصره المعمارية والزخرفية في الأغلب من دون تغيير.
وترتفع نحو 1,5 مترًا عن أرضية البناء، وهي غير منتظمة الشكل يتراوح قطرها بين 13 و18 مترًا، وتعلو الصخرة في الوسط قبّة دائرية بقطر حوالي 20 مترًا، مطلية من الخارج بألواح الذهب، ارتفاعها 35مترًا، يعلوها هلال بارتفاع 5 أمتار.
وتمثل أقدم نموذج في العمارة الإسلامية لما تحمله من روعة فنية وجمالية تطوي بين زخارفها بصمات الحضارة الإسلامية على مر فتراتها المتتابعة، والتي جلبت انتباه واهتمام الباحثين والزائرين وجميع الناس من كل بقاع الدنيا، لما امتازت به من تناسق وانسجام بين عناصرها المعمارية والزخرفية.
تداعيات خطيرة
وعن مخاطر ما نشره الحاخام "هيمن"، يؤكد الشيخ بكيرات أن هذه المقترحات تُدلل على أنّ الأقصى ليس للمسلمين، وأنّ ما فيه من قبة صخرة وغيرها كأنّها ملك لليهود، كما أنّه وضع مقترحات للتفاوض عليها، رغم أن الأقصى غير قابل للتفاوض إطلاقًا.
والخطورة أيضًا، تكمن في أن تصبح هناك نظريات تتعلق بقضية تقسيم المسجد الأقصى، والتمهيد لتحقيق المشروع الصهيوني وبناء "الهيكل" على أنقاض المسجد.
ويشدّد نائب مدير عام دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس المحتلّة على أن ذلك يحتاج إلى استنهاض الأمة، والعمل على وقف كل المشاريع الاحتلالية التي تستهدف الأقصى، وكذلك التحرك العاجل لتحريره وإنهاء الاحتلال.
وتعقيبًا على ما نشره الحاخام اليهودي، أدانت وزارة الخارجية والمغتربين حملات التحريض العنصرية التي نشرتها وسائل الإعلام الإسرائيلية التابعة للجماعات المتطرفة، الداعية لهدم المسجد الأقصى وقبة الصخرة لبناء "الهيكل المزعوم" في المكان.
وأوضحت أن هذه الحملات المتواصلة تأتي في إطار عمليات تهويد وأسرلة واسعة النطاق للقدس، ومحاولة لتغير الواقع التاريخي والقانوني والسكاني القائم لصالح أطماع الاحتلال، محذّرة من خطورتها، أو المرور عليها أو التقليل من جديتها، أو التعامل معها كحملات باتت روتينية ومألوفة لأنها تتكرر يوميًا، وبالتالي لا تستدعي وقفة جادة تجاه مخاطرها وتداعياتها.
وحمّلت الوزارة حكومة الاحتلال برئاسة نفتالي بينت المسؤولية الكاملة والمباشرة عن هذه الحملات العدوانية، مؤكدة أن صمت المجتمع الدولي وتقاعسه عن تحمل مسؤولياته وتخليه عنها، يشجع سلطات الاحتلال وأذرعها المتطرفة على التمادي في تنفيذ مشاريعها الاستيطانية التوسعية وعملياتها التهويدية في القدس والأقصى.