هل يفوت الاردن فرصة التغيير والاصلاح؟



اذا استمر الاداء الحكومي على النحو الذي نشهده في السنوات الاخيرة وما زال متواصلا فأن الاردن تحت تهديد التحول لدولة غير قابلة للتحديث وخارج العصر وعاجزة عن الاندماج في منظومة اقليمية يبدو انها اكثر استعدادا وقدرة على احداث تغييرات وقفزات نوعية كبرى ويمكن ان نلتفت هنا على الاقل الى مصر والسعودية.اضف لذلك ان دولا عربية اخرى منهكة ومجهدة كالعراق وسوريا لديها الموارد والطاقات التي تسمح بانطلاقة كبرى يمكننا ان نرصد ارهاصاتها منذ الان.

 ومع انحسار روح التضامن والاخاء العربي فيمكننا ان نتوقع ان يترك الاردن وشأنه.ولن تجدي كل التعبيرات البليغة عن الاخوة والاشقاء الذين سيهبوا لنجدة الاردن.لان القاعدة الذهبية تقول بوضوح ساعدك نفسك اولا ليساعدك الاخرون تاليا.كما ان الرهان على ثبات قيمة استراتيجية مفترضة للاردن لا يصمد امام المعطيات الدولية الراهنة فالولايات المتحدة تخلي المنطقة وتحيلها وديعة للوكيل المحلي  الاسرائيلي المدجج بالسلاح والاساطير .وهو يعني ان المساعدات الامريكية على هامشيتها ليست قدرا محتوما وانها كرشوة وتعبير امني اسرائيلي يمكن ان تختفي مع بروز علاقات اقليمية تتسيدها اسرائيل.وهو امر يمكن ان ينفي فرضية كون الاستقرار في الاردن ضرورة امنية اسرائيلية. ان العلاقات الاردنية الاسرائيلية يمكن ان تتجه الى صدام حاسم في اي لحظة .

الخطورة في الفرضيات الاردنية انها تبدو مسلمات غير قابلة للمراجعة .والاساس في هذه الفرضيات هو التعامل مع الواقع الراهن وكأنه واقع تواصلي غير قابل للانقطاع.الفرضيات على ثباتها وسكونها دون وعي بصخب الحركة والتغيير الهائل في المنطقة والعالم.

استمرار تسيير الدولة وادارة المجتمع وفق النهج القائم هو اندفاع نحو الهاوية.وبالتحديد تحويل الاردن الى سؤال مرضي قد تكون اجابته خارج حدوده  اذا تعذرت الاجابة من داخله.

عدم الوعي بالخطر هو خطر اشد.والمؤسف المحزن ان العقل الناظم للدولة لا يظهر ما يدل على ادراكه للخطر.

اللغة الحماسية عقيمة وغير مجدية والهبات العاطفية مخادعة ومتملقة.وهذا الغناء والتغني بالوطن والوطنية يصبح نفاقا وخداعا اذا لم يلازمه العمل على الارض والجهد الابداعي والطموح المنهجي لبناء دولة حقيقية عصرية.دولة تجند طاقات وقدرات شعبها.رهانها شعبها.وايمانها الراسخ بقدرتها الى التحول لدولةغنية بمعنى الكلمة .وتنفي الادعاء الكاذب بان الاردن دولة فقيرة وهو ليس كذلك الا اذا هو قرر ذلك.وتحديدا اذا قرر نظامه ونخبه ذلك .

ان الفشل الكارثي لمنظومات التعليم والصحة والادارة الحكومية وتسيد الفساد والمحسوبية والتنفيع على حساب قوت المواطن وثروة المجتمع لا تبقى اي قدر من المجاملة والتملق في توصيف حالنا.

امامنا فرصة للتغيير وهوممكن .ولكن الفرصة لن تأتي من تلقاء نفسها فهي مرتبطة بالارادة.وهي قرار اولا واخيرا.ويمكن في بضع سنين ان يستعيد الاردن توازنه وان يصبح غنيا وسيدا .واي تفويت للفرصة والهروب من استحقاقاتها سيدفع ثمنه غاليا الاردنيون فردا فردا وبدون استثناء.