كارثة بيئية مرتقبة في مكب "سواقة" للنفايات الخطرة



كتب سامر نايف عبد الدايم - 

يضم مكب نفايات "سواقة"، آلاف الأطنان من النفايات الخطرة المخزنة. وعلى مدى سنوات تعرض المكب -وفق ما تداولته وسائل إعلام سابقا- لعدد من الحرائق. واعتبر خبراء بيئيون أن تلك المنطقة مقبلة على "كارثة بيئية حقيقية" في حال عدم إيجاد حلول ناجعة لمعالجة تلك النفايات.

أسست الحكومة الأردنية ممثلة بوزارة البيئة عام 1989، ليكون مكبا للنفايات الخطرة والضارة في شرق منطقة سواقة على مسافة (125) كم جنوب شرق عمان.

تقرير ديوان المحاسبة للعام 2019 كشف عن "عدم وجود سجلات رسمية وأصولية لدى وزارة البيئة تتعلق بمكب سواقة الذي تشرف عليه وزارة البيئة، لغايات مراقبة وضبط كافة إدخالات المكب خلافا للقانون، سواء من النفايات الخطرة أو العينية (الزيوت المعدنية المستهلكة، وبطاريات الرصاص الحمضية المستهلكة، والنفايات العضوية، والمواد البلاستيكية) .

كما كشف التقرير عن "وجود مواد مسرطنة، إضافة إلى أخرى قابلة للاشتعال في أي لحظة، لعدم وجود معالجة لكافة النفايات الخطرة في المكب، حيث يتم الاكتفاء بتجميعها داخل حدود المكب بصورة عشوائية وغير منظمة من خلال أكوام متفرقة وموزعة داخل المكب. ومن بين تلك المواد الخطرة، مخلفات المختبرات القابلة للاشتعال، وطبليات من الخشب متشربة مادة (KOH) هيدروكسيد البوتاسيوم (KOH) أو البوتاس الكاوي وهو مركب كيميائي شديد التفاعل يشتعل مع الرطوبة والماء".

النفايات الخطرة التي يتم التعامل معها في المكب بحسب وزارة البيئة:

-النفايات الخطرة الناجمة عن الحوادث.
-النفايات الخطرة المولدة في الجامعات والمدارس وأماكن التجمعات السكانية الكثيفة.
-النفايات القابلة للطمر مباشرة.

جائحة كورونا

في ظل جائحة كورونا تبدو مسألة التخلص السليم من النفايات الطبية أكثر إلحاحا، لكن تقرير ديوان المحاسبة كشف عن "عدم وجود نظام متكامل لإدارة النفايات الخطرة (الصناعية والطبية) يحدد من خلاله أدوار جميع الجهات ذات العلاقة، وآلية التنسيق والمتابعة لتنفيذ السياسات العامة والبرامج التنفيذية، التي من شأنها زيادة فاعلية تنظيم وإدارة النفايات الخطرة، حيث يشكل ذلك تهديداً للبيئة والنظم الحيوية".

وحول المخاطر الصحية التي يتعرض لها المواطنون نتيجة عدم معالجة النفايات بالطرق الصحيحة، أوضحت أخصائية الأمراض الصدرية الدكتورة منى أبو خديجة أن "من تداعيات استنشاق المواد الخطرة التعرض إلى آلام شديدة في الحلق، وصعوبة التنفس، والغثيان أو القيء". ودعت أبوخديجة إلى ضرورة مراعاة صحة وسلامة المواطنين عند إنشاء مواقع النفايات الخطرة، بحيث لا تكون قريبة من المناطق السكنية، خصوصا تلك التي تحتوي على مواد كيميائية سريعة الاشتعال.

يقول أحمد السعيد، أحد سكان المنطقة القريبة من المكب: "المكب يتعرض باستمرار الى حرائق ينتج عنها دخان من المواد (السامة) التي تسبب لنا الأمراض"، عازيا ذلك إلى "الطريقة الخاطئة في التخلص من النفايات". وقال إن النفايات لا يتم طمرها، وتتعرض طويلا لأشعة الشمس قبل التخلص منها، الأمر الذي يتسبب في اشتعالها ".

وبحسب معطيات وزارة البيئة، فإن معدل الإنتاج السنوي للنفايات في المملكة يصل إلى 2.7 مليون طن من النفايات الصلبة البلدية، وما يعادل 2745 طنا من النفايات الطبية، و45 ألف طن من النفايات الصناعية الخطرة.

وتحذر منظمة الصحة العالمية من أن حرق المواد غير الملائمة (مثل النفايات الطبية)، يتسبب في إطلاق الملوثات في الهواء وإطلاق بقايا الرماد. ويمكن أن تولد المواد المحروقة المحتوية على الكلور ديوكسينات وفيورانات، وهي مواد مسرطنة للإنسان. ووُجدت صلة بينها وبين مجموعة من الآثار الضارة للصحة. ويمكن أن يؤدي حرق الفلزات الثقيلة أو المواد المحتوية على نسبة عالية من الفلزات (وخصوصاً الرصاص والزئبق والكادميوم) إلى انتشار الفلزات السامة في البيئة.

وزارة البيئة توضح

يقول مدير مديرية الاتصال والتوعية البيئية والناطق الإعلامي لوزارة البيئة الدكتور احمد عبيدات إنه في المرحلة الأولى من الجائحة، عندما خصصت أماكن في الفنادق للحجر الصحي، كانت عملية جمع النفايات الطبية المتولدة عن تلك الأماكن من اختصاص وزارة البيئة، التي أشرفت على نقلها وإيصالها إلى المحارق الطبية بطرق سليمة وآمنة، من خلال شركات خاصة تعاقدت معها الوزارة. وبعد إغلاق أماكن الحجر الصحي، أصبحت من اختصاص وزارة الصحة، لكن وزارة البيئة باعتبارها جهة رقابية قامت بمراقبة الشركات الخاصة التي يتم من خلالها حرق تلك النفايات الطبية وتحديدا المتولدة من المستشفيات الخاصة، والتأكد من التخلص منها بطريقة آمنة وسليمة.

بحسب القانون الإطاري لإدارة النفايات (رقم 16 لسنة 2020)، تتولى وزارة البيئة وبالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة مهام ادارة البيانات المتعلقة بالنفايات وحفظ السجلات، وإصدار الموافقات البيئية اللازمة لمنشآت ادارة النفايات، وتوفير البيانات والمعلومات اللازمة لإدارة النفايات، فضلاً عن تدريب الكوادر، والرقابة على نقل النفايات الخطرة وعلى مرافق معالجة النفايات.

وأكد عبيدات على التزام وزارة البيئة بدورها التوعوي تجاه موضوع النفايات الطبية بشكل عام، من خلال موقع الوزارة الرسمي، حيث يتم نشر الفيديوهات التوعوية التي توضح كيفية التعامل مع هذه النفايات، بالإضافة إلى إطلاق حملات توعوية، وتوزيع الأكياس الخاصة بجمع الكمامات والقفازات على المحال التجارية الكبيرة، والصيدليات، والمخابز وغيرها من الأماكن التي ترتادها أعداد كبيرة من المواطنين.