جرائم قتل متزايدة بالضفة تكشف تقصير السلطة
تزايدت في الشهور الأخيرة جرائم القتل في الضفة الغربية المحتلة، وتصاعدت حوادث الثأر والانتقام إلى الحد الذي دفع كثيرين لدق ناقوس الخطر.
ووقعت 39 جريمة قتل منذ بداية العام الحالي وحتى صباح الأحد، إلى جانب 117 حالة وفاة نتيجة حوادث السير، بحسب الناطق باسم الشرطة الفلسطينية العقيد لؤي ارزيقات.
وتشهد مدينة الخليل جنوب الضفة حالة من التوتر على وقع تجدد الاقتتال بين عائلتي العويوي والجعبري على خلفية جريمة قتل وقعت قبل عدة شهور.
وتدور بين الحين والآخر هجمات متبادلة بين العائلتين، تشمل عمليات إطلاق النار وحرق وتدمير للممتلكات، فيما تقف الأجهزة الأمنية شبه عاجزة عن وقف مسلسل العنف.
ويتساءل كثيرون عن مدى رغبة أو جاهزية الأجهزة الأمنية لمحاصرة أعمال العنف والفلتان في الضفة، سيما في الخليل، في الوقت الذي تنشط تلك الأجهزة ويبرز دورها في ملاحقة معارضي السلطة وقمعهم بالقوة.
وحمل وزير الحكم المحلي الأسبق عيسى الجعبري، السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية مسؤولية عدم وقف "الفلتان" في مدينة الخليل.
وقال الجعبري عبر حسابه في "فيسبوك": "الذي يتحمل مسؤولية ضبط هذه الحالة وإنهاء هذا الفلتان هم من بيدهم القوة والسلطة، أعني الأجهزة الأمنية".
وأضاف: "المجرمون المعتدون الذين ينتهكون الحرمات ويعيثون في الأرض فسادًا معروفون للأجهزة الأمنية، وتركهم على حالهم جريمة يشارك فيها كل من كان يستطيع ردعهم ولم يفعل".
وطالب الجميع بتوجيه نداءاتهم إلى السلطة وأجهزتها الأمنية، "فهم من يملكون وقف هذا الفلتان – لو أرادوا – لأنهم من يملكون القوة والقانون".
وقال: "لا تناشدوا العقلاء من كل العائلات أن يوقفوا هذه المهزلة، ولا تلوموهم ولا تحملوهم ما لا يستطيعون حمله، فأعينهم بصيرة وأيديهم قصيرة، فإنهم لا يملكون إلا كلمة غير مسموعة".
عنف مضطرد
من جانبه، أوضح العقيد لؤي ارزيقات لوكالة "صفا" أن النسبة الأكبر من جرائم القتل تقع في مناطق (ج) خارج السيطرة الأمنية للسلطة وكذلك في ضواحي القدس.
وقال أن هذه الأرقام وإن كانت أقل من تلك التي سجلت بنفس الفترة من العام السابق، إلا أنها تبقى مقلقة وتشير إلى أن ثقافة العنف تنمو شيئا فشيئا في المجتمع الفلسطيني.
ولفت إلى أن أغلب حوادث القتل تقع على خلفية أسباب تافهة، كشجار يبدأ بين أطفال، أو خلاف على حدود قطعة أرض، أو مكان إيقاف مركبة.
وقال: "للأسف التربية التي يغرسها الآباء في نفوس أبنائهم تؤدي إلى نتائج سلبية، وهي التربية القائمة على ثقافة: عُد للمنزل ضاربا ولا تعد مضروبا".
ويرى أن الاستبداد داخل الأسرة ومنع الطفل من الحديث عن مشاكله الخاصة او التدخل بمشاكل الأسرة وإبداء رأيه، كلها تعزز نزوعه للعنف.
وكل جريمة يرتكبها الابن لا تتوقف آثارها عليه وحده، بل يتحمل مآسيها وتبعاتها كل أفراد أسرته.
وقال: "هناك الآن 39 عائلة تعاني من التهجير والخوف من عواقب الثأر بسبب تسرع أو طيش أحد أبنائها".
ويطالب ارزيقات بإعادة النظر في التربية التي يتم غرسها في الأبناء، وتغليب لغة الحوار.
كما دعا لإيجاد قوانين رادعة وإجراءات قانونية صارمة لمواجهة تزايد العنف، ومراجعة الإجراءات العشائرية التي كثيرا ما تكون متسامحة حتى مع القاتل بحجة حفظ السلم الأهلي.
غياب الردع
من جانبه، يرفض الشيخ مازن دويكات، أحد أبرز رجال الإصلاح في الضفة تحميل لجان العشائر مسؤولية تزايد جرائم القتل.
ويعزو ذلك إلى ضعف الوازع الديني، والاندفاع والتسرع وعدم حساب العواقب، وغياب العقوبات الرادعة بحق مرتكبي جرائم القتل.
وأوضح في حديثه لوكالة "صفا" أن الإجراءات العشائرية لا تتطرق للقاتل، والذي يكون محتجزا لدى الأمن.
وإنما ينحصر دورها في أنها تحجز شراً، وتمنع انتشار الفتنة، وسترة لذوي القتيل والقاتل على حد سواء، وترسم خطا مستقبليا.
وأكد أن دور العشائر للقاتل يأتي متأخرا وبعد مضي سنوات من ارتكاب جريمته.
ويقول أن الحل هو بتطبيق شرع الله بالقصاص من القاتل.
ويضيف: "لو طبق شرع الله لخفّت الجرائم بشكل كبير، فالقصاص فيه حياة للقاتل ولغيره، لأنه يعرف أنه سيُقتل فلا يَقتُل".
صفا