القذافي الابن على طريق رئاسة ليبيا.. انقسام حاد وفرص مجهولة



أثار ترشح سيف الإسلام القذافي، نجل الزعيم الراحل معمر القذافي، لرئاسة ليبيا، انقساما داخليا حادا، في بلد يستعد لانتخابات مصيرية مقررة بعد أسابيع سترسم مستقبله بعد سنوات من الصراعات إن جرت في موعدها.


والأحد، أعلن سيف الإسلام ترشحه في ظهور نادر للغاية، حسبما أفادت مفوضية الانتخابات الليبية، رغم أنه مطلوب من المحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية خلال الأسابيع الأولى من انتفاضة 2011، التي أطاحت نظام والده.
وكانت المرة الوحيدة التي شاهده فيها الليبيون منذ القبض عليه أثناء القتال عام 2011، حين ظهر عبر رابط فيديو أمام محكمة في طرابلس قضت بالحكم عليه بالإعدام بتهمة ارتكاب جرائم حرب.

ورغم ذلك الحكم، فإنه لم يغادر مطلقا منطقة الزنتان الجبلية، التي تقع خارج نفوذ سلطات طرابلس، حيث سمح محتجزوه لاحقا بالإفراج عنه عام 2017.

ويرى المتحدث السابق باسم المجلس الأعلى للدولة في ليبيا السنوسي إسماعيل، أن خطوة ترشح سيف الإسلام لم تكن مفاجئة، خاصة بعد تخصيص فرع للمفوضية في مدينة سبها، حيث يتعذر عليه الذهاب إلى طرابلس أو بنغازي بعد أن حكم عليه في العاصمة غيابيا عام 2015 عندما ظهر عبر دائرة تلفزيونية من الزنتان، وقضت المحكمة وقتها بإعدامه بتهمة ارتكاب جرائم حرب من بينها قتل محتجين خلال احتجاجات 2011.
وسيواجه على الأرجح إما القبض عليه أو مخاطر أخرى إذا ظهر علانية في طرابلس.

وأضاف إسماعيل في حديث مع "سكاي نيوز عربية": "هو تجاوز بعض العراقيل القانونية، لكن لديه قضية متداولة تحدث عنها محاميه اليوم".

وتابع: "العقبة الأخرى هي أمر الاعتقال الصادر من المحكمة الجنائية الدولية بحق سيف الإسلام، إلا أن ليبيا ليست موقعة على ميثاق هذه المحكمة".

وقال المسؤول الليبي السابق إن "آخر ما نتخيله أن تعود البلاد إلى ما كانت عليه قبل 10 سنوات. كان هناك نظام عسكري استبدادي جثم على قلوب الليبيين 42 سنة"، لكنه أوضح أن "من حق كل نظام الرجال السابق أن يترشحوا ما لم توجد موانع قانونية. الانتخابات فرصة لم يعرفها الليبيون منذ عقود. لم يسبق لليبيا أن يختار الشعب رئيسه".

يشار إلى أن المدعي العسكري الليبي، المسؤول أمام وزارة دفاع حكومة الوحدة في طرابلس، أكد أن الوزارة كتبت لمفوضية الانتخابات تطلب منها وقف ترشيح القذافي الابن.

ومن جهة أخرى، قال الكاتب والباحث السياسي الليبي عبد العزيز إغنية إن ترشح سيف الإسلام "يعتبر مفصلا جديدا يضاف إلى المشهد السياسي الليبي، واختبارا لقدرة تحمل الأطراف السياسية المتصارعة على السلطة في ليبيا بقبول شخص كان مقصيا وتلاحقه محكمة".
وأضاف إغنية أن "سيف الإسلام يحق له ولغيره الترشح، لكن الترشح شيء والواقع شيء آخر. واقع ليبيا السلاح والجريمة وعبور الأفارقة والصراع الدولي في حوض المتوسط. كل هذه تحديات على مدى 10 سنوات عانى منها الليبيون وهم الآن يتطلعون إلى منقذ".

واعتبر أن سيف الإسلام له ظهير شعبي و"يستطيع تقديم شيء في المشهد السياسي الليبي، خاصة أنه أثناء 2011 كانت فئة تريد وفئة لا تريد سقوط نظام القذافي، والأخيرة تقف الآن وراء سيف الإسلام".

كما أوضح أن "التحديات الأساسية أمام سيف الإسلام هي الأطراف السياسية التي ناصبته العداء، هل تستطيع أن تعمل معه؟ الإسلام السياسي يناصبه العداء ويعتبره مع قائد الجيش خليفة حفتر أكثر شخصيتين خطيرتين على طموحه واستمراره في السلطة. هو (تيار الإسلام السياسي) يريد من خلال تحكمه في العاصمة أن تبقى بيده".

كما تحدث موقع "سكاي نيوز عربية" إلى الصحفي الليبي الحسين الميسوري عن حظوظ سيف الإسلام في السباق الرئاسي، حيث يرى أن ابن القذافي "يعوّل على فئتين، الأولى أنصار نظام القذافي السابق، وهم يؤيدون كونه نجل الزعيم الراحل، وانتخابه يعني إعادة ليبيا إلى عام 2010".

أما الفئة الثانية بحسب الميسوري، فهم "المحبطون مما عاشوه من أوضاع خلال العشرة أعوام الماضية. هم قد يصوتون له رغم أنهم لا يميلون له بسبب ما عانته البلاد من تشرذم الفترة الماضية، أدى إلى وصول جماعات المصالح وتنظيم الإخوان إلى السلطة وتشبثهم بها، وإهدار موارد البلاد".
لكن الصحفي الليبي استبعد حصول سيف الإسلام القذافي على دعم من خارج هاتين الفئتين، مرجحا أن يجتمع المنافسون على الوقوف ضده.

وبعد ما يزيد قليلا على عقد، أصبح سيف الإسلام الآن أشبه بلغز لليبيين، فعلى مدى سنوات أبقاه مقاتلو الزنتان بعيدا عن الأضواء، ولا يُعرف شيء عن آرائه في الأزمة الليبية.

وفي وقت سابق من العام الجاري، نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقابلة معه لكنه لم يظهر حتى الآن علنا لليبيين مباشرة.

ودرس سيف الإسلام في كلية الاقتصاد بجامعة لندن، وهو يتحدث الإنجليزية بطلاقة، واعتبرته حكومات كثيرة في فترة من الفترات وجها مقبولا صديقا للغرب ووريثا محتملا للحكم.

إلا أنه عندما تفجرت الانتفاضة في 2011 على حكم معمر القذافي، اختار سيف الإسلام على الفور انتماءاته الأسرية والعشائرية وفضلها على صداقاته في الغرب، وقال ذات مرة لتلفزيون "رويترز": "نقاتل هنا في ليبيا وسنموت هنا في ليبيا".
سكاي