مبروك عليكم توريث المناصب ومخرجات اللجنة الملكية!
لا يختلف اثنان على ان الحزب السياسي يتألف من مجموعة منظمة من الأفراد يملكون رؤية وأهداف وآراء سياسية متشابهة ، ويهدفون إلى التأثير على السياسات العامة من خلال ما يتمتعون به من رضا شعبي ودعم اجتماعي كون أعمالهم واهدافهم تحظى بالقبول الشعبي وتهدف لخدمة وحل مشكلات المجتمع ، هذا اذا كان الحزب السياسي يملك اهدافاً عامه ولا يسعى لتحقيق مكاسب ومصالح شخصية ذاتية آنيه.
في الأردن منذ عودة الحياة السياسية في عام 1989 ولتاريخه يتواجد في الأردن ما بين (45 -49) حزباً سياسيا، حاليا يوجد (49) حزبا سياسيا، شارك منها (47) في الانتخابات البرلمانية من خلال (397) مرشحا حزبيا فاز منهم (12) مرشحا فقط من اجمالي (130) في مجلس النواب، كانت من نصيب (4) أحزاب فقط في الانتخابات البرلمانية الأخيرة للمجلس النيابي التاسع عشر في شهر تشرين الأول الماضي. يعني باختصار الأحزاب السياسية في الأردن تجربة فاشلة بامتياز باستثناء حزب واحد (جبهة العمل الإسلامي) الأكثر تعدادا والتزاما وتنظيما ومصداقية والاقدر على فهم واتقان التحالفات البرلمانية واستثمارها وتوظيفها حسب تطلعاته ومنطلقاته.
بهذه المناسبة، وبما اننا نتحدث عن الأحزاب السياسية فنحن نجل من يعمل بالعلن وليس بالخفاء، أحزاب شاركت في الانتخابات وبذلت جهدا كبيرا ولكن الصورة النمطية والذهنية في الأردن لا تشجع على الانتساب والمشاركة في الأحزاب السياسية والمجتمع له موقف تاريخي وسلبي من الأحزاب؛ لهذا السبب كانت نتائجها متدنية ولا تذكر في الانتخابات.
في المقابل، يوجد حزبا غير مرخص، حزب يستحوذ على المناصب والمكاسب، يتقن فنيات توزيع الأدوار، ولعبة تعبئة الكراسي الفارغة والنطنطة من منصب الى منصب، من لجنة الى لجنة، من وزارة الى سفارة، ومن سفارة الى مجلس اعيان، ومن اعيان الى نواب، ومن نواب الى أحزاب، واذا خسر في انتخابات النواب يذهب للاعيان، يدخلون من باب الوزارة ويخرجون الى كرسي السفارة، هذا الحزب يدلعه المجتمع بلقب حزب "الجينات الوراثية" والجينات الوراثية حسب علم الوراثة تركز على انتقال الصفات الوراثية من الآباء للأبناء للأحفاد وتوزيعها بينهم ولا تسمح للجينات الطفيلية الدخول بينهم او الاقتراب منهم، ونحن والحمد لله لدينا جينات وراثية نادرة السلالات تحتكر وتوزع الأدوار والمناصب بدون جهد او تعب او مشقة وتستند في تبوئها للمناصب على الجينات السلوكية السلالية ، وهذه الجينات المستنسخة غير مقبولة ومرفوضة ومنبوذه شعبيا ؛ لكنها مقبولة فقط من جينات ومحسوبيات تدعم بعضها بعضا.
وبعد ،،، بما اننا مقبلون على مناقشة قانوني الأحزاب والانتخاب ومخرجات لجنة تحديث المنظومة السياسية من قبل مجلس النواب بعد أن اقرته الحكومة، واستنادا الى تصريحات رئيس لجنة تحديث المنظومة السياسية السيد سمير الرفاعي في مقابلة مع قناة المملكة بتاريخ 29/06/2021 واقتبس منها : بما أن الجميع متفق على أن الثقافة الحزبية ضعيفة، والعمل الحزبي يحتاج إلى برامج " انتهى الاقتباس. لهذا السبب وحتى نقوي الأحزاب وتخرج علينا في برامج مقنعة للمجتمع فقد اقترحت لجنة تحديث المنظومة السياسية تخفيض سن الترشيح للمجلس الى خمسة وعشرين (25) سنة، بموجب تعديلات دستورية اقرتها لجنة التحديث.
سؤال يجول في الخاطر والوجدان لماذا نتقن لعبة اللف والدوران ونتحدث مع المجتمع كانه مجتمعاً أمياً لا يفهم في السياسة ولا في الأحزاب ، هذا التخفيض العمري في سن الترشيح تم تفصيله ليخدم شريحة واحدة في المجتمع هي فئة الطبقات السياسية والاقتصادية محتكري المناصب في الوزارات والمؤسسات والمجالس والسفارات، يعني ببساطة ان أبناء الذوات والاغنياء والوزراء والنواب والاعيان والسفراء والمحسوبين عليهم من الوجهاء والمخاتير هم من سيترشحون للانتخابات وسيقومون بتصويب الخلل والضعف الكامن في الأحزاب وتقويتها كون الأحزاب الحالية الـ (49) حزباً ومجالس امنائها ضعيفة ولا تفي بالغرض المطلوب منها لخدمة المجتمع ، وهؤلاء السنافر من أبناء الذوات (ذكورا واناثاً) سيحكمون سيطرتهم على مجلس النواب والأعيان والحكومة في السنوات المقبلة ، كون شبابنا الذين تجاوزوا العمر (30) وهم لا يزالون يبحثون عن فرصة عمل او زواج لمساعدة الاهل ، فالفقراء والعاطلون عن العمل والمحبطين من عدم وجود العمل أو ينتظرون دورهم في ديوان الخدمة المدنية ، هؤلاء الشباب لا يفكرون في الترشيح للانتخابات او حتى المشاركة في الاقتراع وسيتركون هذه الرفاهية للأثرياء والمسؤولين الذين يتوارثون المناصب جد عن جد عن جد .
اخر الكلام: الى الجينات الوراثية من أبناء رؤساء الوزارات والوزراء والاعيان والنواب ومدراء وأعضاء مجالس الشركات وأصحاب المصانع والشركات والمقاولات ، نقول لكم ولأبنائكم واحفادكم واحفاد احفادكم وذرياتكم وسلالاتكم النادرة مبروكة عليكم مخرجات لجنة تحديث المنظومة السياسية التي ستخرجنا من عنق زجاجة عدم المشاركة في الاحزاب والانتخابات . وللحديث أكثر من بقية .
** الكاتب اكاديمي، تخصص علم الاجتماع
ohok1960@yahoo.com