الصفدي: إذا توقفت “الأونروا” سنكون أمام الكارثة

 

شارك تسعة وعشرون وزيراً للخارجية ووزراء دولة ونواب للوزراء، وممثل عن واحد وستين دولةً ومنظمةً دوليةً في المؤتمر الوزاري الدولي لدعم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأنروا) والذي نظمته المملكة والسويد لحشد الدعم السياسي والمالي لوكالة (الأنروا).

 

وترأّس نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي ووزيرة خارجية السويد آن ليندا المؤتمر، الذي انعقد اليوم في بروكسل، وتحدّث فيه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش حول الدور الأساسي الذي تلعبه الوكالة في حياة أجيالٍ من اللاجئين الفلسطينيين، ودورها المحوري في تعزيز الاستقرار الإقليمي، مشدداً على أنه وبالرغم من موافقة الدول على التكليف الأممي الممنوح للأنروا إلا أنها لا تزال تواجه أزمة وجودية، داعياً إلى ضرورة تقديم التمويل الكافي والمستدام الذي يمكن التنبؤ به لتمكينها من تقديم خدماتها الحيوية للاجئين الفلسطينيين، ولسد فجوة التمويل بصورة فورية، قائلا "الاستثمار في الأونروا هو استثمار في السلام والأمل”.

 

وفي كلمة افتتاحية في المؤتمر، أكد الصفدي ضرورة استمرار المجتمع الدولي في توفير الدعم المالي اللازم للوكالة حتى تتمكن من تقديم خدماتها الحيوية للاجئين.

 

وقال الصفدي أن الانروا تتعرض لعجزٍ مالي وصل إلى ١٠٠ مليون دولار أمريكي لهذا العام، مشدداً على ضرورة دعم الوكالة لتتمكن من تقديم خدماتها لأكثر من خمسة ملايين لاجيء فلسطيني وتوفير حياة كريمة لهم ولموظفي الأنروا الذين يعولون على رواتبهم الشهرية للعيش بكرامة.

 

كما شدد الصفدي على ضرورة ضمان حق أكثر من خمسمائة ألف طفلاً فلسطينياً في التعليم، وحق اللاجئين في الخدمات الصحية حقوق غير قابلة للتصرف، وإن دور الوكالة لا غنى عنه وعامل استقرار في المنطقة.

 

ورفض الصفدي الطروحات التي كانت استهدفت الأنروا، وزعمت استحالة إدامتها بسبب نقص التمويل. وشدد على أن إدامة عمل الأنروا هو مسؤولية يجب تحملها عبر آلية تضمن مبدأ تقاسم الأعباء.

 

وثمن الصفدي قرار الولايات المتحدة الأمريكية التي استأنفت مساعداتها للوكالة، وقدمت حوالي ٣١٨ مليون دولاراً أمريكياً لها هذا العام. وشدد على ضرورة وجود موازنات طويلة الأمد ومتعددة السنوات لتمكينها من تقديم خدماتها الحيوية وفقاً لتكليفها الأممي.

 

وقال الصفدي أنه يجب ان تستمر الوكالة في تقديم خدماتها إلى حين حل قضية اللاجئين وفق القانون الدولي، وفي سياق حلٍ شاملٍ على أساس حل الدولتين الذي يُجسد قيام الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس المحتلة على خطوط الرابع من حزيران ١٩٦٧ لتعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل.

 

وفي مداخلة ختامية في المؤتمر، أكد الصفدي أن المملكة التي تمثل الداعم الأكبر للوكالة وللاجئين الفلسطينين، ستظل تعمل مع الشركاء ومع الوكالة لضمان استمرار تقديم التمويل اللازم للوكالة وسد العجز في موازناتها.

 

وقال الصفدي أن دعم الأنروا هو دعم لحق اللاجئين في الحياة الكريمة، مؤكداً أن الوكالة التي تعمل في ظروف صعبة أثبتت مركزية دورها واستحالة الاستغناء عن الخدمات التي تقدمها بفاعلية وكفاءة. وأشار الصفدي إلى أن انعقاد هذا المؤتمر والدعم الذي أظهرته الدول المشاركة يؤكد أن المجتمع الدولي يدعم الوكالة ويرسل رسالة للاجئين بأن المجتمع الدولي يقف معهم ومع حقوقهم ولن يتخلى عنهم.

 

وشكر الصفدي وزيرة خارجية السويد على شراكتها المؤثرة والراسخة في جهود دعم الوكالة، وثمن تواجدها في المؤتمر الذي نُظم بشراكة مع السويد رغم أن الحكومة السويدية الآن هي حكومة تصريف أعمال.

 

كما شكر الصفدي المفوض العام للوكالة وزملائه في الأنروا على جهودهم.

 

وبدورها عبّرت وزيرة الخارجية السويدية عن تقديرها لجهود الوكالة في هذه الظروف الصعبة، مشددة على أن مؤتمر اليوم يوفر فرصةً لتجديد التضامن مع اللاجئين الفلسطينيين وتفويضها الدولي ودورها الأساسي الذي لا غنى عنه. كما أكدت على ضرورة الاستمرار في دعم الأنروا إلى حين إيجاد تسوية لقضية اللاجئين. لافتةً إلى أهمية مواكبة الدعم السياسي للوكالة مع الدعم المالي التي تعد في أمس الحاجة للمزيد منه، ويمكنها من القيام بالحد الأدنى من عملياتها في مناطق عملها. وفي هذا السياق أكدت ليندا الحاجة لتوفير موازنة مستدامة ومستقرة للوكالة.

 

ومن جانبه، شكر المفوض العام لوكالة الأنروا فيليب لازاريني الصفدي وليندا على تنظيم عقد هذا المؤتمر، مشدداً على أن رؤية الأنروا تستند إلى الالتزام بأن "لا يتخلف أي لاجئ فلسطيني عن الركب”، وأن "تستمر خدمات الأنروا في مرافقة جميع اللاجئين في رحلتهم التحولية نحو الاعتماد على الذات”.

 

وذكر لازاريني بأن التحديات المالية والسياسية ذات الطابع الوجودي تعمل ضد هذه الرؤية، وإذ لم يتم معالجة هذه التحديات بشكل حاسم، فمن شأنها خلق فراغ وكارثة إنسانية لا تستطيع هذه المنطقة تحمل تبعاتها. داعياًِ إلى ضرورة دعم الأنروا بما قيمته ١٠٠ مليون دولارا أمريكي لإعادة الأنروا وطواقمها للعمل بكامل قدراتها.

 

ووفقاً للمفوض العام فقد تمكن المؤتمر من الحصول على تعهدات من الدول وصلت إلى ٣٨ مليون دولار أمريكي.

 

ويعتبر هذا المؤتمر هو الثالث في سلسلة المؤتمرات التي عقدت بتنظيمٍ أردنيٍ سويديٍ منذ مؤتمر روما الذي انعقد في العام ٢٠١٨ مستهدفاً حشد الدعم الدولي السياسي والمالي اللازمين للوكالة وتخفيض العجز المالي الذي واجهته، مما أثمر عن سد العجز المالي غير المسبوق الذي واجهته بقيمة تعهدات بلغت ١٢٢ مليون دولار. كما عُقد المؤتمر الوزاري الدولي للمانحين للوكالة خلال شهر حزيران للعام ٢٠٢٠ وبمشاركة ما يزيد عن خمسين دولة وممثلين عن المنظمات الدولية والاقليمية وتم خلاله حشد دعم بقيمة ١٣٠ مليون دولار للمساهمة في تمكين الوكالة من تقديم خدماتها الحيوية للاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها الخمس وفقاً لتكليفها الأممي، والعمل جارٍ على تخفيض العجز المالي الذي تواجهه الوكالة، وضمان تعهدات طويلة الأمد وتحديد مصادر تمويل إضافية ومبتكرة.

 

وصدر عن المؤتمر بيان مشترك لرئيسيّ المؤتمر الأردن والسويد أكد على الدور الأساسي للأنروا في دعم اللاجئين الفلسطينيين، وتعزيز الاستقرار في المنطقة، وضرورة تميكنها لمواصلة العمل للاستجابة لاحتياجات هؤلاء اللاجئين. وأعرب المشاركون فيه عن قلقهم العميق من أن الوكالة لا تزال تواجه نقصاً متكرراً وكارثياً في التمويل. كما استعرض البيان خطط الأنروا لضمان عمل فاعل وكفوء في تنفيذ مهامها وفقاً للولاية المناطة بها من الأمم المتحدة، والتي ستسهم في العمل على استراتيجية الوكالة المقبلة متعددة السنوات والتي سيتم الانتهاء منها في عام ٢٠٢٢. وأعرب المشاركون عن دعمهم القوي لهذه الخطط، ويشمل ذلك الاستفادة من الفرص التي توفرها تكنولوجيا المعلومات والاستفادة من الدروس المستفادة من تجربة التعامل مع جائحة كوفيد- ١٩.

 

كما أتاح المؤتمر فرصة لإعادة التأكيد على أهمية الأنروا وموظفيها في دعم قيم الأمم المتحدة والمبادئ الإنسانية. وجددت الأونروا التزامها الراسخ بهذه القيم والمبادئ، وعملها المستمر لضمان انعكاس ذلك في عملياتها.