منتدون أردنيون وعرب يبحثون ملامح بناء استراتيجية عربية جديدة في في التعامل مع الصراع العربي الإسرائيلي

أكد المتحدثون في الجلسة الافتتاحية للندوة التي أقامها مركز دراسات الشرق الاوسط " تحت عنوان" نحو استراتيجية عربية ‏جديدة للتعامل مع الصراع العربي - الإسرائيلي" على أهمية ما تقدمه النخب العربية والقوى السياسية ومؤسسات المجتمع ‏المدني من مقاربات تجاه مواجهة المشروع الصهيوني، واهمية تطوير دورها تجاه الصراع مع الاحتلال، واتخاذ موقف عربي ‏رسمي موحد وفاعل دولياً لدعم القضية الفلسطينية ودعم صمود الفلسطينيين ومواجهة الاحتلال، معتبرين أن أي استراتيجية ‏ترسم مستقبل منطقة الشرق الاوسط لن يتاح لها أي نجاح مالم تصل لحل للقضية الفلسطينية يحقق مصالح الشعب ‏الفلسطيني.‏

كما أكد المتحدثون في الندوة التي تقام على مدى يومين بمشاركة حشد من الشخصيات السياسية والأكاديمية من الأردن ‏وست دول عربية ، على ضرورة توحيد الصف الفلسطيني على برنامج وطني في مواجهة الاحتلال على أساس استراتيجية ‏المواجهة والمقاومة بكافة أشكالها، وضرورة أن تعود القضية الفلسطينية على رأس الاهتمامات لدى النظام العربي الرسمي، ‏معتبرين أن تعزيز الجبهة الداخلية للدول العربية وبناء الوحدة الوطنية وتحقيق الديمقراطية الحقيقية من شانه كذلك تقوية ‏الدول العربية في مواجهة المشروع الصهيوني الذي لا يستهدف فلسطين فقط بل يمتد خطره ضد الامة بأسرها.‏

وأكد رئيس الوزراء الأردني الأسبق أحمد عبيدات أن الاستراتيجية الإسرائيلية تقوم على تهجير أكبر عدد من الفلسطينيين ‏أصحاب الأرض الشرعيين إلى الدول العربية المجاورة وإلى الأردن بالدرجة الأولى، وتصفية القضية الفلسطينية، ‏للوصول إلى الدولة اليهودية، فيما تحقق جزء كبير من ذلك عبر اتفاقية أوسلو التي اعترفت بسيطرتهم على 78% ‏من فلسطين التاريخية، ووفرت لهم التنسيق الأمني عبر السلطة، مع استمرارها بالاستيطان للسيطرة على باقي الأرض ‏الفلسطينية، لا سيما في ظل استمرار حالة الانقسام الفلسطيني، إضافة لما جرى من تطبيع بين الاحتلال وعدد من ‏الانظمة العربية ما شكل إضعافاً للقضية الفلسطينية.‏
‏ ‏
كما أكد عبيدات ضرورة إيجاد "حالة وطنية استثنائية"، تضع القوى الفلسطينية الأساسية في الأرض المحتلة أمام ‏مسؤولياتها التاريخية والأخلاقية، وتفرض عليها مراجعة سياساتها وبرامجها ومواقفها من منظور المصلحة العليا ‏لفلسطين الوطن دون أي اعتبار آخر، بحيث تتوافق حول مشروع وطني سياسي نضالي مشترك بالحد الأدنى، معتبراً أنه ‏لا تغيير للمعادلة القائمة، إن لم تأتِ الخطوة الأولى من داخل فلسطين، ما يتطلب موقفاً فلسطينياً موحداً في مواجهة ‏الاحتلال وينعكس على العالم العربي وبناء موقف عربي جديد للتعامل مع الصراع العربي - الصهيوني والاحتلال الإسرائيلي ‏لفلسطين.‏

من جهته أكد الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية عمرو موسى على ضرورة تطوير دور النخب العربية وإتاحة دور ‏حيوي لها يساعد علي مواجهة الازمة العربية الجارية، وذلك عبر تشكيل "مجتمع مدني " عربي قادر علي التعاون والتكامل ‏يمكن أن يعبر عن رأي عام عربي منظم واع ومهتم بالقضايا المشتركة، معتبراً أن دور "النخب العربية" "والمجتمع المدني " ‏العربي لا يقل أهمية عن الدور الرسمي، وربما يمكن تنظيمه "تحت سقف " الجامعة العربية واستخدام اَلياتها وتمويلها كلما ‏أمكن ذلك.‏

وأكد موسى أن أي استراتيجية ترسم مستقبل منطقة الشرق الاوسط لن يتاح لها أي نجاح مالم تشمل حلا للقضية ‏الفلسطينية، وهذا ما يجعل السياسة الاسرائيلية تتسارع لفرض سياسة الأمر الواقع على الأرض، مشيراً إلى ضرورة أن تثبت ‏النخب العربية وعيها بالتطورات الخطرة الجارية وتصاعد الأدوار الاقليمية غير العربية في ممارسة نفوذ وتحقيق مصالح لا ‏تخدم المصالح العربية عموما و الفلسطينية خصوصاً، وتغير مواقف القوى الدولية إزاء المنطقة بما لا يخدم مصالح العالم ‏العربي الذي يواجه تهديدات وجودية، مع تغير بؤر الاهتمام الشعبي العربي تجاه ازماتها الداخلية.‏


وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية أكد موسى أهمية الالتزام العربي بالمبادرة العربية والتي أقرت تبادلية الالتزامات، ‏والمطالبة بوضوح واصرار بوقف الاجراءات الاحادية الإسرائيلية، مع أنهاء حالة الانقسام الفلسطيني، مع التأكيد على ‏ضرورة التوجه نحو عملية تفاوضية في إطار زمني محدد، وتحت إشراف مجلس الامن ومتابعته، وأجهزة الامم المتحدة ‏الاخرى ذات الصلة.‏

فيما أكد عضو المكتب السياسي لحركة حماس محمد نزال أن المنطقة تشهد معضلتين أساسيتين تتمثل بالاستبداد وغياب ‏الديمقراطية ‏الحقيقية والعدالة الاجتماعية والحريات وشيوع الفساد، إضافة للمشروع الصهيوني الذي يمثل الكيان الصهيوني ‏قاعدة الارتكاز فيه ‏للمشروع الغربي للهيمنة على ثروات المنطقة وتقسيمها، معتبراً أن شأن تطبيق الديمقراطية الحقيقية ‏التسريع في تحرير فلسطين وأن ‏تحرير فلسطين من شأنه التسريع في التحول الديمقراطي في المنطقة، معتبراً أن الكيان ‏الصهيوني يمثل العقبة الأولى في مواجهة ‏تحقيق الديمقراطية لإدراكه ان تطبيقها يعني زواله.‏

وأكد نزال أن الحديث عن استراتيجية جديدة يبغي ان ينطلق كون أن الأمة تواجه استعمارا استيطانيا صهيونيا إحلاليا مختلفا ‏عن ‏القوى الاستعمارية القديمة، وأن المشروع الصهيوني انتهج استراتيجية جديدة تقوم على التوسع والتمدد في المنطقة من ‏خلال ‏الاحتلال المباشر وعبر سياسة التطبيع والتغلغل في الدول العربية واستناده على الدعم الدولي خاصة الغربي ، مشيرا ‏لموقف بريطانيا ‏باعتبار حركة حماس منظمة إرهابية يعاقب من يؤدها ويناصرها.‏

واعتبر نزال أن استراتيجية المواجهة هي الاستراتيجية الصحيحة بعد أن اثبتت التجارب الأخرى بما فيها خيار التسوية ‏فشلها ‏الذريع، وأن أبرز مرتكزات استراتيجية المواجهة هي المقاومة بأشكالها كافة سياسة وإعلامية وشعبية وعسكرية ، مؤكداً ‏أن معركة ‏سيف القدس الاخيرة شكلت تحولاً هاما في مسار الصراع مع الاحتلال واثبتت أن هزيمة الاحتلال ممكنة رغم أن ‏الاحتلال راهن على ‏إخماد جذوة المقاومة في نفوس الشعب الفلسطيني، مما يتطلب التركيز على المقاومة والبناء عليها لبناء ‏استراتيجية المواجهة ضد ‏المشروع الصهيوني، كما أكد على أهمية المصالحة الفلسطينية رغم ما جرى من محاولات عرقلتها، ‏مشيراً لضرورة التوافق على ‏الحد الأدنى من القواسم المشتركة وأن المحاولات لم ولن تتوقف لتحقيق هذا الهدف، وأن المقاومة ‏هي الأساس الذي من الممكن ان تتوحد ‏عليه الفصائل والقوى الفلسطينية كما جرى في معركة سيف القدس، كما اشاد ‏بالموقف الأردني في دعمه ونصرته للشعب الفلسطيني.‏


من جهته دعا عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عباس زكي النظام العربي الرسمي ‏بالتأكيد على قرارته على مستوى القمة ‏بشأن قضايا الامة وخاصة القضية ‏الفلسطينية والالتزام بالموقف الجامع ، ودعوة الأنظمة العربية التي ‏عقدت اتفاقيات ‏التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي للتراجع عن هذه الاتفاقيات. ‏

وأكد زكي ضرورة أن تتضمن الإستراتيجية العربية حلولا اقتصادية للوطن العربي ‏لحل مشكلات الفقر والبطالة والتأكيد على ‏أن العدو الأساسي للأمتين ‏العربية والإسلامية هو المشروع الصهيوني الاستيطاني الاستعماري التوسعي وليس أحد ‏آخر، ‏وأن القضية المركزية للأمة هي القضية الفلسطينية، ودعوة النظام العربي الرسمي ‏للتحرك الجاد والفعلي على المستوى الدولي ‏واستخدام أوراق القوة لديها لدعم كفاح ‏الشعب الفلسطيني وبناء دولته المستقلة، وممارسة الضغوط على القوى المؤثرة ‏في ‏المجتمع الدولي، وبخاصة الولايات المتحدة.‏
‏ ‏

كما دعا القوى الفلسطينية لتنفيذ قرارات المجالس المركزية لديها واستعادة دور منظمة التحرير الفلسطينية وإنهاء الانقسام ‏الفلسطيني فورا، والتأكيد ‏على الوحدة الوطنية الفلسطينية الضمانة الأساسية لانتصار الشعب الفلسطيني ‏وتحقيق أهدافه ‏الوطنية المشروعة، واستخدام كافة الوسائل المشروعة من قبل ‏الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، مع تفعيل ‏وتطوير دور الجاليات العربية ‏والفلسطينية في العواصم العالمية لخلق رأي عالمي مؤثر نصرة للحقوق المشروعة ‏للشعب ‏الفلسطيني، وتشكيل لوبي شعبي دولي داعماً لحق الشعب الفلسطيني في ‏ممارسة حق تقرير المصير وبناء دولته المستقلة ‏وعاصمتها القدس، وتفعيل أدوات مقاطعة ‏الاحتلال.‏

في حين رأى القيادي في الحركة الإسلامية في الأردن حمزة منصور انّ الاستراتيجيّة العربيّة للصراع مع العدو لم تكن يوما ‏قائمة، مشيراً إلى أن ‏كثيراً من الرسميّات العربيّة تخلت عن مصطلحات الصراع مع العدو الصهيوني وانه كيان محتل ‏مجرم ‏مغتصب للحق الفلسطيني، بحيث لم تعد ترى فيه بعض الأنظمة العربية خطرا او تهديدا، ‏بل باتت تطبع معه وتتقارب إليه ‏وتتحالف معه وتضيق الخناق على المقاومة الفلسطينية، فيما أثبتت الشعوب العربية أنها لا تزال حية وقادرة على ‏النهوض ‏رغم ما تعرضت له من عدوان على إرادتها.‏


واكد منصور أن الاستراتيجيّة العربيّة المنشودة للتعامل مع الصراع العربي -الصهيوني يجب ‏أن تستند على ضرورة دعم ‏صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته في مواجهة الاعتداءات ‏الصهيونية، ومخططات التهجير، مع تعزيز القناعة ‏لدى الشعب ‏الفلسطيني والامّة العربيّة بان مسار التسوية فرط بالحقوق الفلسطينية، و أنّ المقاومة الفلسطينيّة مقاومة وطنيّة مشروعة ‏تكفلها الشرائع السماويّة والقوانين ‏والمواثيق الدوليّة، وتوحيد الفصائل الفلسطينيّة على ‏قاعدة الميثاق الوطني الفلسطيني ‏والثوابت الوطنيّة الفلسطينيّة، والعمل على رفع الحصار عن غزّة، مع تفعيل جهود لجان مجابهة التطبيع والتنسيق بينها، ‏واعتماد خطّة إعلاميّة ‏راشدة تفضح جرائم العدو الصهيوني وعنصريّته، معتبراً أن من شأن ذلك تعزيز الأمل لدى ‏جماهير ‏الأمّة العربيّة وقدرتها على تجاوز حالة الوهن، ودعم صمود الشعب الفلسطيني، ‏ومحاصرة الجهود الصهيونيّة الرامية إلى ‏التغلغل في الوطن العربي.، كما أكد ضرورة تخقيق الديمقراطية والإصلاح والحريات في الدول العربية ‏وتضافر الجهود في ‏سبيل الإصلاح ونهضة الأوطان بما يشكل عامل قوة في مواجهة المشروع ‏الصهيوني وسنداً لفلسطين.‏


وأشار مدير مركز دراسات الشرق الأوسط الدكتور بيان العمري إلى أن عدم حل الصراع بتحقيق المصالح الفلسطينية ‏لا يمكن أن يحقق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، وليس في وارد السياسة الإسرائيلية عبر هذه المعاهدات أو الاتفاقات ‏مع الدول العربية حل القضية الفلسطينية وتحقيق حقوق الشعب الفلسطيني في ظل استمرار إسرائيل في الاعتداءات والقتل ‏والتهويد والاستيطان وعدم مواجهة ذلك عربياً مما يتطلب اتخاذ استراتيجية جديدة وبمقاربات جديدة في إدارة الصراع مع ‏إسرائيل والمشروع الصهيوني، وفي دعم الشعب الفلسطيني ومقاومته حتى انهاء الاحتلال.‏

واعتبر العمري أنَّ تَوفّرَ مثل هذه الاستراتيجية في ظل التحولات الميدانية على أرض فلسطين والتي أعادت الروح ‏والكرامة لهذه الأمة، يضع القيادات الرسمية والشعبية العربية والفلسطينية في مسئولية استثمار الفرص ومواجهة التهديدات، ‏ودعم حقوق الشعب الفلسطيني، وعزل إسرائيل، مشيراً إلى خرص الندوة على وضع مخرجات المؤتمرات والندوات ورؤاها ‏الاستراتيجية أمام صناع القرار العربي والفلسطيني الرسمي والشعبي بما يفتح لهم البدائل والخيارات المتاحة ومستلزماتها، ‏ويساعد على تحسين الأداء في إدارة الصراع وتحقيق الهدف بالتحرير والعودة لفلسطين.‏


وتسعى الندوة لتقديم قراءات وخلاصات استراتيجية فيما آلت إليه المواجهات وإدارة الصراع مع المشروع الصهيوني بكل ‏أدواتها وأطرافها خلال العقد الأخير 2011-2021، واستكشاف الفرص والأدوات والاستراتيجيات الممكنة، والقادرة على ‏تحقيق أهداف المشروع العربي والوطني الفلسطيني بالتحرر من الاحتلال الإسرائيلي.‏

كما تهدف الندوة للتوصل إلى رؤية استراتيجية بملامح محددة للعقد الحالي (2021-2030) في مواجهة المشروع الصهيوني ‏وتحقيق إنهاء الاحتلال على المديين القريب والمتوسط، وخدمة صناعة القرار العربي والفلسطيني إزاء الصراع، والتي تعاني ‏فراغاً في إدارة الصراع مع المشروع الصهيوني، في محاولة لإيجاد آفاق جديدة لخلق أدوات جديدة وامتلاك قدرات أكبر ‏لإنهاء الاحتلال وحسم الصراع مع المشروع الصهيوني.‏


وتتضمن الندوة عدة محاور من أبرزها دراسات استراتيجية في الأدوات العربية والفلسطينية في الصراع بكل مستوياته وأبعاده ‏المختلفة ومآلاتها خلال السنوات العشر الماضية 2011-2021، إضافة إلى محور يتناول الفرص والتحولات التي فرضتها ‏المواجهات الفلسطينية- الإسرائيلية 2008-2021، ومحور يتناول الرؤية والتوقعات المحتملة لطبيعة واتجاهات تحرك ‏الصراع وأدواته خلال الفترة القادمة 2021-2030، ومحور يتناول دور الواقع الفلسطيني والواقع العربي الداخلي في التأثير ‏على أدوات الصراع ونتائجه خلال العقد الحالي 2021-2030، إضافة لمحور حول ملامح رؤية استراتيجية عربية جديدة ‏لمواجهة المشروع الصهيوني وإنهاء الاحتلال.‏