“الفساد” تعاملت مع 100 قضية رشوة خلال 10 سنوات
تمضي هيئة النزاهة ومكافحة الفساد بالوصول إلى كل أنواع الفساد الذي يضر بالدولة ومصالحها الاقتصادية والاجتماعية والاستثمارية، وأطلقت حملة؛ للبحث عن أطراف الرشوة في المجتمع وتقديمهم للعدالة، وعلى مدار العشرة سنوات الأخيرة استطاعت الوصول إلى أكثر من مئة قضية رشوة، وأنهت ملفاتها وقدمت من ثبتت عليه هذه التهمة للمحاكم المختصة، وذلك بسبب التطورات التي شهدتها الهيئة خلال السنوات الثلاث الأخيرة (2019-2021)، واستحداث بعض المديريات والوحدات الفنية، حيث لوحظ بأن نسبة الإدانة في الملفات التي تحال إلى المحاكم ارتفعت عن السنوات السابقة بنسبة وصلت إلى 42 بالمئة، بالإضافة إلى القضايا التي جرى عليها مصالحات لدى القضاء، أما باقي النسب من القضايا التي أحيلت إلى القضاء فإما أنها اكتسبت البراءة أو عدم المسؤولية أو الإسقاط؛ بسبب الوفاة أو بالعفو العام.
وتتبعت وكالة الانباء الأردنية (بترا)، تقارير هيئة النزاهة ومكافحة الفساد منذ العام 2010 وحتى العام 2020، وتبين أن التبليغ عن جريمة الرشوة في القطاعات كافة يسهم بدرجة كبيرة في تقليل انتشارها، حيث إن العام 2010 وحده استقبلت فيه الهيئة نحو 35 قضية رشوة، وحققت بها وحولت من ثبت عليه إلى القضاء.
وعادت (بترا) إلى سجلات الأحكام القضائية الصادرة عن المحاكم على محرك البحث القانوني قسطاس والتي تتضمن كلمة رشوة ووجدت أن المحاكم أصدرت بين العام 2010 والعام 2021 نحو ألف و41 حكما من بينها 180 حكما صادرا عن محاكم الصلح و509 أحكام صادرة عن محاكم البداية وهي محاكم الدرجة الأولى.
وبينت نتيجة البحث صدور 20 حكما من محكمة بداية الصلح بصفتها الاستئنافية، و167 حكما من محكمة الاستئناف، و165 حكما صادرا عن محكمة التمييز.
وتعاملت الهيئة حسب تقاريرها المنشورة على موقعها الإلكتروني خلال العام 2019 مع 18 قضية رشوة، و7 خلال العام 2017، وأربع قضايا خلال العام 2016، وخمس قضايا خلال العام 2014، وخمس قضايا خلال العام 2013، وأربع قضايا خلال العام 2012، و11 قضية خلال العام 2011، و35 قضية خلال العام 2010.
هيئة النزاهة ومكافحة الفساد وعلى موقعها الالكتروني وفرت أقساما للتبليغ عن هذه الجريمة غير مشترطة الكشف عن شخصية مقدم الشكوى، وتحركت من تلقاء نفسها لإكمال التحقيقات، وبذلك يكون كل من يقدم شكوى في هذا النوع من الفساد محمي من قبلها وبسلطة القانون.
وأطلقت الهيئة حملة توعوية ما زالت مستمرة حملت عنوانا ينص على أن الإبلاغ عن الرشوة واجب ديني وأخلاقي ووطني والهدف الرئيس منها هو السعي المستمر؛ لمحاربة جميع أشكال الفساد في المجتمع، وان الرشوة من أخطر هذه الأشكال، والذي يأخذ أشكالا متعددة من بينها الهدايا والإكراميات وطلب مبلغ مالي.
الخبير القانوني الدكتور سيف الجنيدي قال إن الفساد الإداري أشد خطورة من الفساد المالي، حيث يعتبر الفساد الإداري والمالي من الناحية الحقوقية اعتداء على المبادئ التأسيسية للدولة ومساسا بانتظام السلطات العامة.
وأضاف أن مفهوم الرشوة في القواعد الجزائية العامة الواردة في قانون العقوبات رقم 16 لسنة 1960م وتعديلاته يمتاز بتجريم الرشوة وفق القواعد العامة وفق عدة خصائص أولها، اعتماد المعيار الشخصي والمختلط لتجريم الرشوة منذ سن الوثيقة الأساسية لقانون العقوبات في العام 1960، حيث لا يقتصر التجريم على ثبوت صفة الموظف بالمعيار الشخصي لمرتكب الفعل وإنما يشمل من كلف بخدمة عامة أو مهمة رسمية وهو المعيار الموضوعي أو طبيعة العمل، بل يمتد للمحامي بحكم المادة 171/2 من قانون العقوبات.
وبين أن ثاني هذه الخصائص هو توسيع نطاق التجريم الجزائي من خلال، اعتبار فعل الرشوة مستقلا استقلالا تاما عن طبيعة السلوك اللاحق، حيث تقوم المسؤولية الجزائية للمرتشي بغض النظر عن قانونية الفعل الذي تلقى الرشوة من أجل فعله أم لا، وتغليظ العقوبة في حال أدت الرشوة إلى ارتكاب عمل غير محق أو الامتناع عن عمل واجب القيام به، حتى تصل العقوبة بحد الأدنى إلى ثلاث سنوات، ومعاقبة الراشي بالعقوبات ذاتها المعاقب بها للمرتشي، وتجريم الفعل حتى وإن كانت المنفعة غير متحققة للمرتشي بشكل شخصي أو مباشر.
وأشار إلى أن قانون العقوبات أقر بموجب المادة 172 منه عذرا محلا من العقوبة للراشي والمتدخل إذا باحا بالأمر للسلطات المختصة أو اعترفا به قبل إحالة القضية الى المحكمة.
ولفت إلى أنه وعلى صعيد القواعد الخاصة، فإن قانون النزاهة ومكافحة الفساد رقم 13 لسنة 2016 وتعديلاته منح هيئة النزاهة ومكافحة الفساد بموجب المادة 4 منه صلاحية التحري عن الفساد المالي والإداري بكل أشكاله، والكشف عن المخالفات والتجاوزات وجمع الأدلة والمعلومات الخاصة بذلك ومباشرة التحقيقات والسير في الإجراءات الإدارية والقانونية اللازمة لذلك.
وأكد أن المادة 16 من نفس القانون أباح بصورة شمولية الأفعال التي تشكل فسادا، وتبنت بشكل خاص جرائم الفساد الواردة في الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها المملكة ضمن مدلول جريمة الفساد على الصعيد الوطني.
وأشار إلى أن هناك تطورا متميزا بموجب القانون المعدل لقانون الكسب غير المشروع في العام 2021، والذي بموجبه وسع نطاق المشمولين بأحكام هذا القانون؛ ليشمل الموظفين العموميين بصفة عامة، حيث يعتبر كسبا غير مشروع كل زيادة كبيرة أو نمو غير طبيعي يطرأ على ثروة وموجودات أو ممتلكات أي موظف عمومي غير مشمول بأحكام هذا القانون ولا يستطيع تعليلها بصورة معقولة قياسا الى دخله المتأتي من مصادر مشروعة.
ولفت إلى أن قانون الجرائم الاقتصادية رقم 11 لسنة 1993وتعديلاته وسع مفهوم الموظف العام لغايات تطبيق أحكام هذا القانون، ليشمل كل موظف او مستخدم او عامل في الوزارات والدوائر والمؤسسات الرسمية العامة، ومجلسا الأعيان والنواب، والبلديات والمجالس القروية ومجالس الخدمات المشتركة، والنقابات والاتحادات والجمعيات والنوادي، والبنوك والشركات المساهمة العامة ومؤسسات الإقراض المتخصصة، والأحزاب السياسية، وأي جهة يتم رفد موازنتها بشكل رئيس من موازنة الدولة، وأي جهة ينص القانون على اعتبار اموالها من الاموال العامة. كما تشمل رؤساء وأعضاء المجالس فيها.
وبين أن مؤشر مدركات الفساد يعتمد على قياس حجم الفساد وانتشاره في المؤسسات العامة ضمن مؤشرات فرعية، وفي العام 2020 منحت منظمة الشفافية الدولية الأردن المرتبة 49/100.
وأثنى الجنيدي على الاستراتيجية الوطنية للنزاهة ومكافحة الفساد (2020-2025) والتي تتضمن رؤية وطنية شمولية على ثلاثة أصعدة رئيسية تعزيز النزاهة والوقاية، وإنفاذ القانون، وبناء القدرات المؤسسية، وذلك وفق منهجية التخطيط الاستراتيجي للتطبيق، وأبرز ما يميز هذه الاستراتيجية المسؤولية المشتركة للتطبيق مع الجهات ذات العلاقة من مؤسسات رسمية وعامة، والقضاء ممثلا بالنيابة العامة.
(بترا)