تراجع التعيين في “الخاص” يرفع طلبات التوظيف الحكومي


يستعد حاليا ديوان الخدمة المدنية لإصدار الكشف التنافسي للعام 2022، والمتوقع أن تكون الزيادة فيه على المجموع التراكمي للطلبات على المخزون حوالي (30-35) ألف طلب جديد، نظرا لتراجع القدرة التشغيلية في القطاع الخاص، فيما بدأ ينحو الديوان إلى استقطاب أصحاب الخبرات والمؤهلات والمهارات للتوظيف تلافيا لهجرة الأدمغة، وفقا لرئيس ديوان الخدمة سامح الناصر .

وقال الناصر إن نشاط التوظيف ضاغط على حلقات الديوان التشغيلية والإدارية لاستقبال الأعداد الكبيرة من المراجعين والاتصالات الهاتفية، خصوصاً في هذه الفترة التي تشهد تباطؤا في حجم النشاط الاقتصادي في القطاع الخاص، بسبب الأزمة المالية العالمية وتداعيات جائحة كورونا وبالتالي الحد من قدرة القطاع الخاص على التشغيل.

وكشف الناصر  أن ديوان الخدمة المدنية منظم لعملية التعيين في القطاع العام، ومسؤوليته الحفاظ على الأحقية التنافسية للمتقدمين وليس هو الجهة المعنية بخلق وظائف وفرص عمل، ولا بد من وجود تنسيق حقيقي مع كل الجهات المعنية بالتعليم والتشغيل للحد من ظاهرة البطالة.
الكشف التنافسي
ولفت الناصر الى ان الكشف التنافسي للعام 2021 بلغ عدد طلبات التوظيف التراكمي فيه أكثر من (423) ألف طلب من حملة المؤهل الجامعي ودبلوم كلية المجتمع الشامل، فيما بلغت نسبة التعيينات في المتوسط حوالي (2.72 %) فقط خلال العقد الأخير من إجمالي عدد الطلبات الكلية في الديوان.
وبين أن قدرة الجهاز الحكومي في استيعاب الخريجين سنوياً محدودة، حيث يتخرج حوالي 70 ألفا ما بين حامل دبلوم كلية مجتمع وجامعيين، في حين لا يستطيع الجهاز الحكومي استيعاب أكثر من (7-8) آلاف خريج منهم، أي حوالي 12 % فقط من عدد الخريجين سنوياً.
واوضح أن عملية العرض والطلب بالنسبة لقطاع الخدمة المدنية تتمثل في احتياجات وظيفية محددة تطلبها وزارات ودوائر ومؤسسات الخدمة المدنية من الديوان بمواصفات (العدد – التخصص-الجنس- المنطقة الجغرافية- شروط اخرى) ويقوم الديوان بالترشيح حسب الأحقية التنافسية وفقا لهذه الشروط، ولا يملي على الدوائر احتياجاتها الوظيفية.
وقال ان مجال التعيين بالنسبة لمخزون ديوان الخدمة المدنية ينحصر في المؤسسات التي تندرج تحت مظلة احكام نظام الخدمة المدنية فقط، فهو ليس الجهة المعنية بخلق وظائف وفرص عمل للشباب أو أصحاب المؤهلات والخبرات وتوزيعها على القطاعات المختلفة والتخفيف من نسب البطالة المرتفعة، حيث يبقى حجم الوظائف ضئيلاً مقارنة بأعداد طلبات التوظيف المتدفقة سنويا من الجامعات والكليات.
مخرجات التعليم والمواءمة بين التعليم الأكاديمي والمهني
وبين الناصر أن استمرار تدفق مخرجات التعليم العالي بالشكل الذي يؤثر على التخصصات الأكاديمية في العلوم الانسانية وبشكل اساسي التربوية منها، ستحدث مشكلة في تراكم طلبات التوظيف في مخزون الديوان في التخصصات المصنفة بالراكدة والمشبعة، الأمر الذي يتطلب وقفة ومراجعة من الجميع لتغيير الثقافة المجتمعية السائدة بالتوجه نحو هذه التخصصات وعدم الإقبال على التخصصات التقنية والفنية والمهنية والحرفية.
وأضاف أن ذلك يجري خلافا لما هو موجود في معظم إن لم يكن جميع دول العالم من حيث توجه 70 % من القوى البشرية نحو التعليم والتدريب المهني والتقني، في حين أن التوزيع لدينا عكس ذلك، حيث يتوجه اقل من 30 % نحو التعليم والتدريب المهني، والبقية نحو التعليم الاكاديمي وخصوصا العلوم الإنسانية.
وشدد على ضرورة التركيز على التخصصات والمهن التي يحتاجها القطاع الخاص والأهلي الذي يعتبر المشغل الحقيقي والاساس للقوى البشرية في المجتمع، اضافة الى المشاريع الريادية الصغيرة الانتاجية والخدمية منها، والتي يستطيع الباحث عن عمل ان ينشئ مشروعا يدر عليه دخلا مناسبا، ويؤمن له تشغيلا ذاتيا، أو جماعيا.
وقال إن على الشباب الاستفادة من الفرص التمويلية التي توفرها صناديق الاقراض الحكومي، مثل صندوق التنمية والتشغيل، وبرنامج (انهض) الذي يلقى اهتماما ومتابعة من قبل جلالة الملك وولي عهده، حيث تهدف الحكومة للانتقال من مفهوم التوظيف في الجهاز الحكومي إلى التشغيل.
إجراءات التعيين
وفيما يتعلق بإجراءات التعيين في الاجهزة الحكومية ضمن تعليمات محددة وواضحة يشرف على تطبيقها ديوان الخدمة المدنية بأعلى درجات العدالة والنزاهة، قال الناصر إن تقارير الجهات الرقابية الرسمية تشير إلى عدم وجود اي مخالفات في عمل ديوان الخدمة المدنية.
وتابع: "مؤخرا، وبطلب من ديوان الخدمة المدنية تحديداً، شكلت هيئة النزاهة ومكافحة الفساد بالتنسيق مع ديوان المحاسبة لجنة للتحقيق في اتهامات وجهت للديوان من قبل عدد من أعضاء مجلس النواب حول آلية تعبئة شواغر المستشفيات الميدانية، وخلص تقرير اللجنة إلى ان سائر الاجراءات سليمة ووفقا للتعليمات ولا توجد تجاوزات.
واضاف أن العديد من التقارير الصادرة عن ديوان المحاسبة وهيئة النزاهة ومكافحة الفساد ومجلس النواب وغيرها من الجهات الرقابية الرسمية المعنية بالرقابة إداريا وماليا في أجهزة الدولة، أكدت جميعها خلو جميع إجراءات ديوان لخدمة المدنية من اي تجاوزات للنظام او التعليمات المعمول بها.
وأشار إلى أنه وبالرجوع للسنوات الـ 10 الاخيرة، فإن حجم الاجهزة الحكومية المشمولة بنظام الخدمة المدنية يشير لانضمام معظم الاجهزة الحكومية (باستثناء البنك المركزي) لمظلة نظام الخدمة المدنية، بما فيها تعيينات الكوادر الفنية في الجامعات والمستشفيات الحكومية، وتوجهات الحكومة بأن تكون عملية التوظيف وإدارة المورد البشري في القطاع العام بشكل كامل تحت اشراف ديوان الخدمة المدنية، الامر الذي يثبت نزاهة وشفافية الاجراءات.
وقال: "لطالما اكد الديوان وباستمرار أن مفاهيم العدالة وتكافؤ الفرص والشفافية لا تقف عند حد الشعارات والكلام، فإن هذه المبادئ تجسدت فعليا في جميع أعماله ومهامه كممارسة يومية”.
تطوير مستمر
وحول التطوير المستمر لآلية الاستقطاب والتعيين في الأجهزة الحكومية لتعزيز مفهوم الكفاءة والجدارة، قال الناصر إن المتابع للتطورات التي طرأت تدريجيا على تعليمات الاختيار والتعيين في الخدمة المدنية، يجد أنها أصبحت أقرب لاستقطاب أصحاب الخبرات والمؤهلات والمهارات من عملية التوظيف، لافتا إلى أن الديوان سيعمل على الانتقال تدريجيا نحو مفهوم التعيين عبر الإعلان المفتوح في الأجهزة الحكومية عن استغلال قدرات الشباب ومؤهلاتهم، ومعالجة هدر الطاقات وسوء تخطيط إدارة القوى البشرية وهجرة الكفاءات.
وتابع: "أدخلنا مفهوم الكفايات الوظيفية على الامتحانات التنافسية والمقابلات الشخصية وتقنينها ضمن احكام نظام الخدمة المدنية الجديد بحيث يؤسس لمنظومة قياس متكاملة لانتقاء الأكثر جدارة وكفاءة للعمل في القطاع العام، وإتاحة الفرصة أمام الطلبة المتميزين (أوائل الأفواج الجامعية) الأمر الذي سيزيد وعلى المدى البعيد من كفاءة أداء القطاع العام وتحسين جودة خدماته.
واضاف: "كما نسعى لرفد الجهاز الحكومي بالمواهب والكفاءات الشابة للعمل في القطاعات الحكومية وأوائل الدبلوم الشامل في التخصصات التقنية والدبلوم الفني لدعم وتوجيه ابنائنا نحو المهن التقنية والفنية التي يحتاجها القطاع الخاص.
جهود الديوان خلال "كورونا”
وفيما يتعلق بجهود الديوان خلال جائحة كورونا، قال الناصر إن ديوان الخدمة المدنية عمل ومنذ أن اتخذت الحكومة قرار تشغيل المستشفيات الميدانية لمواجهة جائحة كورونا التي أوعز جلالة الملك بإنشائها في الأقاليم الثلاثة، وبالتشارك مع وزارة الصحة خلال ساعات الدوام الرسمي والعطل الرسمية، مسخراً كافة جهوده وكوادره لتعبئة ما يزيد على 2012 وظيفة طبية وصحية لتشغيل هذه المستشفيات، انطلاقا من واجبه الوطني لدعم القطاع الصحي.
وضاف أنه تم تسجيل وفاتين من موظفي الديوان بسبب إصابتهم بكورونا، فيما يراعي الديوان الظرف الوبائي الذي تمر به المملكة في سائر إجراءاته، وكجزء من الجهد الوطني العام الذي يقوده جلالة الملك في احتواء تداعيات الجائحة من خلال رفع قدرات القطاع الصحي بهذا الخصوص.
وأضاف انه وبالشراكة مع وزارة الصحة، عمل الديوان على تلبية الاحتياجات من الكوادر البشرية، وتعبئة الشواغر على الوظائف الطبية والفنية خلال زمن قياسي، مراعياً السرعة والدقة في الإنجاز، واختيار المرشحين الأكفأ والأجدر لشغل الوظائف وعقد الامتحانات التنافسية المبنية على الكفايات الوظيفية في حينه لحوالي 3804 مرشحاً، والتي تم تنفيذها وفقا لشروط السلامة العامة.
وإضافة لذلك تم إجراء المقابلات الشخصية للذين اجتازوا الامتحانات التنافسية بعد أن تم عقد برنامج تدريبي للجان المقابلات على الأطر المعيارية المعتمدة لعقد المقابلات، إضافة لحوسبة جميع أعمال اللجان والمقابلات وتسجيلها بالصوت والصورة، وركز عمل هذه اللجان على قياس الكفايات الوظيفية التي لم يقسها الامتحان التنافسي رغم صعوبة الظروف وضيق الوقت.
نص قانوني ملزم
وأوضح الناصر أنه، وللحد من استمرار الهدر في طاقات شبابنا وترسيخ ثقافة الانتظار والدور لديهم، والتي قد تستمر سنوات طويلة لعدم اختيار التخصص او المهنة المناسبة التي يحتاجها سوق العمل من التخصصات المهنية والتقنية وبرواتب تبلغ أضعاف راتب الوظيفة العامة، قامت الحكومة بتضمين نظام الخدمة المدينة رقم (9) لسنة 2020 بموجب احكام المادة (40/ج) منه، نصا قانونيا ملزماً للديوان يقضي بقيامه في الربع الأول من كل سنة بإصدار قائمة بالتخصصات الراكدة، والتي لا تقبل طلبات التوظيف فيها على الكشف التالي ممن سيقوم بالتسجيل فيها اعتبارا من العام الدراسي 2020 / 2021.
وأضاف بأنه يتم نشر هذه التخصصات على الموقع الإلكتروني للديوان والصحف اليومية وتزويد الجامعات بها، وتم العمل بذلك اعتبارا من صدور الكشف التنافسي للعام 2020.
وقال إنه بموجب أحكام من نظام الخدمة المدنية الجديد، تحسب نقاط تنافسية إضافية وبواقع (20) نقطة للخبرات العملية التي يكتسبها حديثو التخرج بغض النظر عن طبيعة الخبرة، حيث سيتم منح (15) نقطة، لأول (5) سنوات، بواقع (3) نقاط لكل سنة، على أن تكون الخبرات مسجلة بالضمان الاجتماعي، وأن تكون أول سنتين متصلتين، وستضاف نقطة لكل سنة إضافية بعد السنة الخامسة ولحد أقصى (5) سنوات خبرة عملية، لتشجيع الشباب على الالتحاق بسوق العمل والابتعاد عن ثقافة الانتظار.


الغد