54 عاما على قرار 242. ...آن للإنحياز للمستعمر الإسرائيلي أن ينتهي ؟!

 مئات القرارات المتعلقة بالقضية الفلسطينية الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة وعن مجلس الأمن بقيت حبيسة الأدراج وديكورا يجمل أعمال مجلس الأمن في محاولة لتبييض أهداف بعض الدول دائمة العضوية لضمان ولإستمرار وترسيخ مصالحها وهيمنتها .
فما معنى عدم المتابعة الجادة لمجلس الأمن :
* بعدم إتخاذ الإجراءات اللازمة والضاغطة وفق الآليات المتبعة والمنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة لإلزام الكيان الإستعماري الإسرائيلي تنفيذ كافة القرارات الدولية ذات العلاقة .
* وقف الدعم الذي يشكل قوة دافعة ومحفزة لمضي الكيان الإستعماري الإسرائيلي العدواني برفض الإنصياع للمقررات الشرعية الدولية على كافة الأصعدة السياسية والإقتصادية والعسكرية
* الكف عن تمكينها الإفلات من المساءلة والعقاب دوليا وأمام المحكمة الجنائية الدولية .
ما تقدم لعب العامل الأساس لمرور عقود من الزمن دون أن ترى تلك القرارات سبيلا لتنفيذها لعوامل وأسباب منها :
--- سمو وتغليب مصالح الدول الكبرى او بعضها على مبادئ وأهداف وميثاق الأمم المتحدة بترسيخ الأمن والسلم الدوليين .
--- غياب إرادة التنفيذ لدى الدول الكبرى المهيمنة على مفاصل القرار بمجلس الأمن بإستئثارها على إمتيازات وصلاحيات تتناقض ومبدأ وقيم العدالة والمساواة بسياسة إتسمت وتتسم بإنحياز اعمى للكيان الإستعماري الإسرائيلي في ظل عجز الجمعية العامة بغالبيتها عن فرض إرادتها بتنفيذ القرارات الصادرة عنها .
--- الإزدواجية والإنتقائية التي تتحلى بها الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن سواء عند إتخاذ القرار أو عند تنفيذه .
قرار 242 بعد 54 عاما من صدوره :
يصادف في الثاني والعشرين من تشرين الثاني لهذا العام مرور 54 عاما على قرار مجلس الأمن رقم 242 الذي صدر في أعقاب الحرب العدوانية التوسعية الإستعمارية التي شنتها القوات العسكرية الإسرائيلية في الخامس من حزيران عام 1967 على كل من الجمهورية العربية المتحدة وسوريا والأردن مسفرة عن إحتلال عسكري إستعماري لسيناء والجولان والضفة الغربية .
هذا القرار لم يصدر بهدف تهدئة الصراع او منح شرعية زائفة لفرض نتائج الحرب العدوانية على أرض الواقع وإنما يأتي وفقا لميثاق ونظام الأمم المتحدة بهدف التنفيذ الفوري دون تلكؤ وتسويف فالقرارات الصادرة عن مؤسسات الأمم المتحدة بغض النظر عن الفصل الصادرة بموجبه واجبة التنفيذ تحت طائلة المساءلة والعقاب مما يعني بالتأكيد البدء بإنسحاب القوات الإستعمارية الإسرائيلية من جميع الأراضي العربية المحتلة سيناء والجولان والضفة الغربية من نهر الأردن كمقدمة لتنفيذ باقي بنوده .
مضمون قرار 242 :
من المفيد الإطلاع على ما تضمنه القرار الذي عملت وحرصت الدول العربية المعنية على الإلتزام ببنوده خلافا لدولة الإستعمار الإسرائيلى العدوانية التي أصرت ولا زالت تصر بل وتمعن بعنجهية على رفض تنفيذ القرار كما رفضت من قبل ولم تزل ترفض تنفيذ اي قرار دولي ذا علاقة بإنهاء إحتلالها الإستعماري لأراض دولة فلسطين المعترف بها دوليا ولهضبة الجولان السورية في سياسة عدوانية ممنهجة مثلت وتمثل تحد صارخ لميثاق ومبادئ واهداف الأمم المتحدة وللمجتمع الدولي .
يكتسب القرار أهمية لما يتضمن في ديباجته على :
" إن مجلس الأمن إذ يعرب عن قلقه المتواصل بشأن الوضع الخطر في الشرق الأوسط وإذ يؤكد عدم القبول بالإستيلاء على أراض بواسطة الحرب والحاجة إلى العمل من أجل سلام دائم وعادل تستطيع كل دولة في المنطقة أن تعيش فيه بأمن وإذ يؤكد أيضا أن جميع الدول الأعضاء بقبولها ميثاق الأمم المتحدة قد إلتزمت بالعمل وفقا للمادة 2 من الميثاق " .
كما اكد مجلس الأمن في قراره على أن تحقيق مبادئ الميثاق يتطلب إقامة سلام عادل ودائم يستوجب تطبيق كلا المبدأين التاليين :
1/ أ : سحب القوات المسلحة من أراض (الأراضي ) التي إحتلتها في النزاع .
/ ب : إنهاء جميع إدعاءات أو حالات الحرب وإحترام وإعتراف بسيادة وحدة أراضي كل دولة في المنطقة وإستقلالها السياسي وحقها في العيش بسلام ضمن حدود آمنة ومعترف بها وحرة من التهديد وأعمال القوة .
2/ ب : تحقيق تسوية عادلة لمشكلة اللاجئين .
/ ج : ضمان المناعة الإقليمية والإستقلال السياسي لكل دولة في المنطقة .
تداعيات رفض تنفيذ القرارات الدولية قرار 242 نموذجا :
المتتبع للسياسة المتبعة من قبل مجلس الأمن فيما يتعلق بالصراع العربي وعنوانه الفلسطيني مع الكيان الإستعماري الإحلالي الإسرائيلي الذي ولد سفاحا بقرار إستعماري مكن للعصابات الإرهابية الصهيونية بدعم بريطاني من إعلان كيانها الإستعماري ونزع الإعتراف بعضويته في الأمم المتحدة إستنادا إلى قرار التقسيم الجائر رقم 181 الصادر في 29 / 11/ 1947 يلحظ بوضوح ومنذ إصداره الإزدواجية والإنحياز الأعمى لصالح الكيان الإستعماري الإسرائيلي وتجاهل حق الشعب العربي الفلسطيني الأساس في الحرية وتقرير المصير وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة على مساحة 45 % من مساحة وطنه التاريخي وفق قرار التقسيم .
حيث أن إصدار القرارات الدولية من بعدها النظري يهدف إلى تحقيق وترسيخ السلم والأمن الإقليمي والدولي في حال تنفيذها فإنه يؤدي إلى تقويضه عند تجاهله ورفض تنفيذه دون إتخاذ إجراءات دولية رادعة بحق الطرف الرافض والممتنع عن التنفيذ وهنا بالطبع الكيان الإستعماري الإسرائيلي ، وما تشهده المنطقة العربية في بعض ساحاتها من عدم إستقرار ناجم أساسا عن عدم تنفيذ الكيان الإستعماري الإحلالي الإسرائيلي العنصري للقرارات الدولية التي ادت بذلك الى إستمرار الصراع بل وتأجيجه في محطات عدة ومختلفة وما مضي 54 عاما على إصدار قرار مجلس الأمن رقم 242 دون تنفيذه او حتى بوادر لتنفيذه أو إرهاصات لامكانية البدأ بالعمل على إتخاذ إجراءات دولية ضاغطة على " إسرائيل " نموذجا لإستمرار الصراع ولتهديد الأمن والسلم الدوليين :
فرفض الكيان الإستعماري الإسرائيلي تنفيذ قرار مجلس الأمن 242 الذي أكد على عدم الإستيلاء على الأراضي بالحرب ورفضه الإنسحاب من الأراضي المحتلة إثر عدوان حزيران عام 1967 ومحاولاته المستمرة برفض الانسحاب بالتذرع أن القرار نص على أراض متجاهلا ومعه الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن أن القرار بغض النظر عن اللغة إلا أنه إستند ميثاق الأمم المتحدة كمرجعية وحيدة للقرار مما يوجب تنفيذه بالانسحاب الكامل من جميع الأراضي العربية المحتلة في الجولان والضفة الغربية من نهر الأردن ، هذا يستدعي من مجلس الأمن الإضطلاع بواجباته وان يبادر إلى مغادرة مربع الإنحياز الأعمى لدولة العدوان الإسرائيلي والإنتقال بإرادة جادة والبدء بممارسة الضغط الحقيقي والفاعل على " إسرائيل " لإرغامها على إنهاء إحتلالها لأراض الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها دوليا إحتراما لميثاق الأمم المتحدة وتحقيقا لأهدافها .
وللتذكير فإن حرب أكتوبر عام 1973 على سبيل المثال ما كان لها أن تقع لو تم تنفيذ قرار 242 حال صدوره وكذلك لو تم إلتزام قادة الكيان الإستعماري الإحلالي الإسرائيلي بتنفيذ كامل بنود القرار 242 كمرحلة أولى على طريق تنفيذ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 273 إحتراما لإلتزاماته المترتبة عليه " والتي اثبتت الأحداث ان كيانه العدواني لم يعترف لحظة بشرعية قرارات الأمم المتحدة " وفق نظام الأمم المتحدة لما إستمر الصراع لأربع وسبعين عاما منذرا بإدامته طالما أن السياسة الإستعمارية الإسرائيلية العنصرية والتوسعية وممارساتها الإجرامية بحق فلسطين قيادة وشعبا ووطنا قائمة دون مساءلة وعقاب دولي. ..
نعم آن الأوان لإعادة الإعتبار لميثاق الأمم المتحدة دون إزدواجية وإنتقائية. .. آن الأوان لوقف الدعم والإنحياز لسلطات الإحتلال الإسرائيلي الإستعمارية. .. كما آن الأوان للمجتمع الدولي ان يبادر بإستراتيجية راسخة تعبر عن دعم حقيقي لتمكين الشعب الفلسطيني من التحرر من نير الإستعمار الإسرائيلي وممارسة حقه بتقرير المصير وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس تنفيذا لمبادئ وميثاق الأمم المتحدة وللعهود والمواثيق الدولية .. الأمن والسلم الدوليين لا مكان له في ظل الإزدواجية والإنتقائية المعمول بها حاليا من قبل مجلس الأمن . ..ستبقى فلسطين العنوان والتحدي لإرادة ترسيخ مبدأ الحق ونبذ مبدأ القوة. ..
بعد 74 عاما على قرار التقسيم " الجائر " رقم 181 وبعد مضي 54 عاما على قرار مجلس الأمن الذي يصادف اليوم دون تنفيذ.. فهل سيعم الأمن والسلام الإقليمي والدولي.... ؟
الشعب الفلسطيني بقيادته الشرعية منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد ماض في نضاله بكافة الوسائل المكفولة دوليا ولن يستكين أو يستسلم حتى دحر المستعمر الإسرائيلي وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس بإذن الله. ...؟!