هل هي ازمة مياه.ام ازمة خيارات
وقع الاردن مع اسرائيل والامارات اتفاقا اعتبر اوليا وعلى مستوى النوايا .
بموجبه يزود الاردن اسرائيل بالكهرباء بينما تزوده اسرائيل بمياه محلاة من مياه البحر المتوسط.
واللافت ان المقارنة ليست عادلة ولا متكافئة فالمياه شرط حياة بينما الكهرباء لا تأتي بنفس الاهمية الوجودية فضلا عن كونها تشكل نسبة ضئيلة جدا من حاجة اسرائيل للكهرباء.في حين تشكل كميات المياه نسبة مرتفعة ونوعية من حاجة الاردن للمياه.
قبل كل شئ لا يوجد تهديد حقيقي لحاجة الاردن لمياه الشرب والاحتياجات المنزلية اضافة الى الحدود الدنيا من الاحتياجات التجارية والصناعية والزراعية.
تحدثت عدة جهات رسمية عن عجز يقدر بخمسين مليون متر مكعب لهذه السنة.وهي كمية لا يعجز الاردن عن توفيرها من مصادره المحلية.اضافة الى اتخاذ تدابير ادارية تجعل هذه الكمية متاحة بسهولة.
تعريف الازمة صحيح في حالة واحدة.وهي بمنظور استراتيجي اقتصادي وطني يهدف لتحقيق الامن الغذائي.فاذا كان للاردن خطة تنمية وطنية شاملة صناعيا وزراعيا فانه بحاجة فعلية لكميات كبيرة وهامة تقدر بملايير الامتار المكعبة وليس الملايين.
وفي غياب هذه الخطة فان الحديث يقتصر فقط على نقص نسبي هامشي ليس بذي اهمية.ولا يبرر مطلقا مد يدنا لاسرائيل.لذا يمكن البحث عن تفسيرات اخرى للمظاهرة الصوتية الصارخة تحت عنوان ازمة وعطش وكارثة وكأننا في يوم القيامة.
يعرف كل مختص وخبير نزيه ان سد الفجوة الضئيلة في كميات المياه المتاحة هو في متناول وزارة المياه والري.وبالتالي لا يوجد اي مبرر لصفقة تبدو كصفقة انقاذ طوارئ مع اسرائيل .
كما ان الاتفاق المشار اليه لن يدخل حيز التنفيذ الا بعد سنوات اقلها خمس سنوات.وهذا يعني ان الاتفاق اعد بليل على نار باردة لحد الصقيع.ويصبح الاستنتاج باتجاه سياسي محض.وليس تلبية لحاجة ملحة عاجلة.اي ان الاتفاق خارج مقتضيات الضرورة.
وبما الامر يتعلق بسنوات لماذا لا يلجأ الاردن الى عدة دول عربية يمكن ان تتعاون لتوفير هذه الكمية التي لا تعني شيئا بالنسبة لدولة كالعراق او السعودية. حيث تستهلك السعودية عشرين مرة ما يستهلكه الاردن سنويا .اما العراق ففي سنوات الرخاء المائي فلديه ما يستهلكه الاردن خمسين مرة على الاقل.هذا مع العلم ان هناك مشروعا مع العراق اعدت تصاميه منذ الثمانينات لنقل مئتي مليون متر مكعب من المياه من منطقة القائم على الحدود العراقية السورية.وهو اقل كلفة بكثير من كلفة الناقل الوطني الذي يقوم على تحلية مياه البحر.ففي الحالة الاولى لدينا مياه نهرية عذبة.
ويستطيع الاردن بحكم علاقاته الحسنة مع تركيا ان يطلب زيادة الكميات المتدفقة الى سوريا والعراق من خمسمئة متر مكعب فى الثانية الى. خمسمئة وستة.اي بنسبة واحد بالمئة فقط. وعندها يمكن الاتفاق مع سوريا لاسالة الكمية نفسها كتعويض من المناطق القريبة للاردن باتجاه سد الوحدة مثلا او نقاط تجميع اخرى .وبكلفة لا تذكر مقارنة مع شراء الميا من اسرائيل او تحلية مياه البحر.
وحتى لو سلمنا بان هناك نقص مياه خطير ما الذي يمنع حفر عشرات الابار دفعة واحدة وبسرعة قياسية لا تزيد عن بضعة اشهر .اود ان اذكر هنا أن اسرائيل تحفر ابار باعماق تصل لالفي متر بكلفة مرتفعة على الحدود المصرية الفلسطينية لسرقة مياه سيناء التي تنحدر طبقاتها باتجاه النقب علما انها تحتاجها للرفاهية والاستيطان وليس للضرورة الاقتصادية.نحن اولى واحرى بنا أن نحفر الابار في ارضنا الغنية بالمياه الجوفية .
ان الحديث عن مشاريع بكلفة ملياري دولار وما يتبع من كلف تشغيلية ربما يكون بديله عشرات ومئات المشاريع الصغيرة زهيدة الكلفة.ومن الجدير بالانتباه هو التعامل مع الموضوعة المائية باتصالها بمجمل عناصر وعوامل التنميةالوطنية .ان تفريدها وعزلها عن سياق تنمية شمولي سيعود باضرار وخسائر جسيمة .
ببساطة الحلول متاحة وميسرة.وبتقديري فأن فريق من الخبراء الاردنيين النزهاء يمكنهم اجتراح حلول فعالة وبكلف متواضعة.تغنينا عن خدمة المشروع الاسرائيلي الذي يهدف لتصفير خيارات الاردن. بل واكثر لاحتواء الاردن وجوديا.