تعيين مستشار للشؤون الصحية في الرئاسة.. مشهد في فلم هندي!!

 


بعد كل ما يحدث في الاردن في ظل انتشار كوفيد ١٩ (كورونا ) وتفشي الوباء وتمدده في الزمان والمكان وتعمق آثاره وتداعياته سلبا في نفوس الناس، نستطيع القول والجزم، دون ان يرمش لنا جفن، اننا نعيش واقعا سوداويا عبثيا هو الأقرب شكلا ومضمونا إلى الأفلام الهندية والمسلسلات المدبلجة ألفية الحلقات التي تهدر الوقت وتضيعه بلا جدوى تذكر على الإطلاق.

وتحت عباءة الإصلاح الاكذوبة ، تبذل الحكومة أقصى ما تملك في مخزونها الاستراتيجي من المراوغة والتسويف والتضليل لستر عوراتها، وطمس معالم تشوهاتها واخفاء عيوبها الخَلقية الموروثة عن سابقاتها من الحكومات والمكتسبه منذ ولادتها (الحكومة ) ميتة .

وفجأة ودون مقدمات او سابق إنذار وتهيئة وتمهيد تضعنا الحكومة في أجواء حلقة جديدة من حلقات مسلسل اللهو والاستخفاف ويقرر مجلس الوزراء برئاسة الدكتور بشر الخصاونة، تعيين الدكتور رائد الشّبول أميناً عامَّاً لوزارة الصحَّة لشؤون الأوبئة والأمراض السَّارية خلفا للدكتور عادل البلبيسي ، وتنهي الحكومة الحلقة وتقفل المشهد على تعيين الاخير مستشاراً لرئاسة الوزراء للشؤون الصحية، مسؤولاً لملف كورونا.

اليوم ، نستحق بجدارة ان نكون دولة كورونا بامتياز ، بعد ان صبغت بلونها مؤسساتنا كافة ، وصارت شهيقنا وزفيرنا، والهواء الذي نستنشق، وبفضلها مُنحت الحكومات التي ولدت من رحمها صكوك الغفران واكسير الحياة الذي مَدَ في عمرها .
والحديث هنا بعيد كل البعد عن الأشخاص، فكلاهما الامين الجديد وسلفه اصدقاء واكن لهما كل الاحترام والتقدير ، لكنني اتناول نهجا يبعث على الاقياء، ويعزز القناعة بتخبط الحكومة وعجزها ويؤكد ان المطالبة الشعبية لرحيلها لم تأت من فراغ .

في نهج الحكومة ومنذ ولادتها تناقضات صارخة ،وأقوال تنسفها الأفعال ، وفصام واضح فاضح ، تتحدث الحكومة عن دمج المؤسسات ، وتفرخ منها كل يوم دونما هدف واضح او على الاقل تفسير يقبله العقل .

في ظل الازمة الصحية وتفشي الوباء انشىء المركز الوطني لمكافحة الاوبئة على غرار مراكز عالمية مماثلة ، واجزم انه لم يحقق اي من أهدافه وغاياته ،وانه لم يقدم اي منجز يذكر على طريق مكافحة الوباء ، وهو اليوم ليس إلا رقما آخر في تعداد المؤسسات التي لا دور لها، ولن يغير في الأمر تعيين رئيس جديد له .

وعود على بدء ، لماذا يعين في رئاسة الوزراء مستشارا للشؤون الصحية، مسؤولاً لملف كورونا ، الا اذا كان ذلك اعترافا ضمنيا بفشل المركز وعدم قدرته على اداء دوره ومهامه على هذا الصعيد ، وإذا كان الأمر كذلك فلم الابقاء على المركز ؟؟ .

اما اذا كانت الحكومة لا تعترف بالفشل كعادتها، فيبقى سؤالا آخر معلقا برسم اجابتها، هل تستعيض بالفرد بديلا عن المؤسسة ، أليس عار عليها ان تستشير في الشؤون الصحية فردا ، مهما أوتي من العلم والمعرفة ، وتدير ظهرها لمؤسسة يفترض جدلا ان فيها من الخبراء ما يؤهلهم لتقديم الاستشارات الوافية الكافية في الشأن الصحي ؟؟ .

ونعود الى الأصول، ونقول لدينا في الاردن وزارة للصحة ، ويفترض انها صاحبة الولاية في الشأن الصحي ، واستحدث على هيكلها التنظيمي منصبا رفيعا ولد من رحم كورونا ، الا وهو الامين العام لشؤون الاوبئة والأمراض السارية مسؤولا لملف كورونا ، فلماذا يعين في رئاسة الوزراء مستشارا للشؤون الصحية مسؤولا لملف كورونا ، هل يعني ذلك ضمنا عدم اعتراف الرئاسة الجليلة بقدرة امين الوزارة على التصدي للشؤون الصحية ذات الصلة بالامراض السارية وحمل ملف كورونا ؟؟ ام انه ذاته نهج الاستعاضة عن المؤسسة بالفرد ؟؟ .

في الاردن مركز وطني لمكافحة الاوبئة ، وأمين عام لشؤون الاوبئة والأمراض السارية ، ومستشار في رئاسة الوزراء للشؤون الصحية ، ويحملون كمؤسسات وأفراد ملف كورونا ، وهناك غيرهم من المؤسسات والمواقع الوظيفية الرسمية وغير الرسمية التي تعنى بالشؤون الصحية وتحمل على عاتقها التصدي لكورونا ، أليس ذلك تخبطا وعيبا في إدارة شؤون الدولة ؟!.

في دولة كورونا لم يتبق في الفلم الهندي الذي تنتجه وتخرجه حكومتنا الرشيدة سوى مشهد استحداث وزارة كورونا !! الا تثق الحكومة بمؤسساتها الى هذا الحد حتى تحيدها وتهمشها وتضخم الافراد وتنفخهم وتمنحهم سلطة فوق سلطة المؤسسات ؟! الى متى يستمر استنساخ المؤسسات والمناصب المتشابهة في المهام والادوار والوظائف؟! الا يشكل ذلك أرضا خصبة للصراع والخصومة وتشتيت الجهود وبعثرة الامكانات ؟! من يوقف عرض الفلم بما فيه من ملهاه في وقت عصيب لا يحتمل كل هذا العبث ؟! .