"جبل المشارف".. أرض مقدسية سيقيم الاحتلال عليها 2000 وحدة استيطانية
تُكثّف حكومة الاحتلال الإسرائيلي برئاسة نفتالي بينيت هجمتها الاستيطانية غير المسبوقة في مدينة القدس المحتلة، وتمضي قدمًا في مخططاتها وأطماعها التوسعية للسيطرة الكاملة على المدينة، وتكريس ما تسمى "القدس الكبرى"، في مسعى لإحداث تغيير جيوسياسي وديمغرافي لصالح المستوطنين.
وفي الآونة الأخيرة، وافقت حكومة الاحتلال وبلديتها على عشرات المشاريع الاستيطانية لتنفيذها في المدينة المقدسة، كان أخطرها وأضخمها مخطط لبناء حي استيطاني جديد، يشمل بناء نحو 11 ألف وحدة على أراضي مطار قلنديا شمال القدس، بالإضافة إلى فنادق ومرافق وحدائق عامة ومناطق صناعية وتجارية.
وأيضًا، أعلن رئيس بلدية الاحتلال موشيه ليئون الموافقة على إقامة 2000 وحدة استيطانية بمستوطنة "التلة الفرنسية" المقامة على أراضي جبل المشارف.
وقال ليئون عبر حسابه في "فيسبوك": "سيتم بناء حي جديد هنا، كجزء من اتفاقية وقعناها بين إدارة أراضي إسرائيل والجامعة العبرية، سيتم السماح بالبناء على أرض كانت مملوكة للجامعة في التلة الفرنسية، وسيتم بناء حوالي 2000 وحدة سكنية جديدة عليها".
وأوضح أن" بناء الوحدات الاستيطانية ستكون بالقرب من محور القطار الخفيف للأزواج الشباب والعائلات الشابة".
وتواصل "إسرائيل" مشاريعها الاستيطانية الكبرى في القدس على قدم وساق؛ بهدف فصلها وعزلها عن محيطها الفلسطيني بشكل كامل، وتغيير واقعها التاريخي والقانوني والديمغرافي، والقضاء على أي إمكانية لإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس. كما يرى مختصون بشؤون القدس.
وقبل سنوات طويلة، استولت الجامعة العبرية على أراضٍ فلسطينية، 60% منها تقع في بلدة العيسوية، والباقي على أراضي جبل المشارف بالقدس، تعتزم بلدية الاحتلال بناء وحدات استيطانية جديدة عليها.
وجبل المشارف يُشرف على طريق "القدس - رام الله"، وهو امتداد طبيعي لجبل الزيتون من جهة الشمال الشرقي، وحتى الشمال، ويفصل بينهما منخفض يسمى بـ"عقبة الصوانة"، ويرتفع عن سطح البحر بنحو (850) مترًا.
حزام استيطاني
عن تفاصيل المخطط الإسرائيلي الجديد، يقول الباحث في شؤون القدس فخري أبو دياب لوكالة "صفا" إنّ رئيس بلدية الاحتلال وافق على بناء 2000 وحدة استيطانية في مستوطنة "التلة الفرنسية" المقامة على جبل المشارف، بمساحة إجمالية تبلغ حوالي 150 دونمًا.
ويوضح أنّ المخطط سيشمل إقامة وحدات سكنية لطلبة الجامعة العبرية، ومراكز تجارية وللعمالة، ووحدات استيطانية للمستوطنين سيتم بناؤها على طرفي مسار "القطار الخفيف" التهويدي في المنطقة.
وتعمل بلدية الاحتلال على توسعة "القطار الخفيف" الذي يبدأ من بلدة العيسوية ومستوطنة "التلة الفرنسية" والجامعة العبرية، وصولًا للجزء الغربي من القدس، وحتى منطقة "هداسا عين كارم"، وفق أبو دياب.
ويضيف أنّ هذا المخطط يعد جزءًا من مخطط استيطاني ضخم تسعى "إسرائيل" إلى تجسيده على أرض الواقع في مدينة القدس لإقامة المزيد من المستوطنات، وفرض وقائع جديدة عليها، والسيطرة على ما تبقى من أراضيها.
ويؤكّد أنّ حكومة الاحتلال تسعى لإيجاد حزام استيطاني يبدأ من حي الشيخ جراح مرورًا بقصر المفتي، الذي استولت عليه وأقامت مكانه 56 وحدة استيطانية و"حديقة توراتية"، وصولًا إلى "التلة الفرنسية" الملاصقة للحي من الناحية الشرقية.
ويبيّن أنّ هذا الحزام سيمتد أيضًا من الناحية الشرقية والجنوبية للمدينة المحتلة لإيجاد ثلاثة أحزمة تلتف حول البلدة القديمة والمسجد الأقصى المبارك.
ويندرج المشروع الاستيطاني الجديد تحت مسمى "ضم القدس وجعلها عاصمة لدولة إسرائيل" بخطوات تدريجية ومتراكمة تهدف لتكثيف وتعزيز الاستيطان. كما يرى الناشط المقدسي
ويشير إلى أنّ الموافقة على بناء الألفي وحدة تأتي لاستكمال مخطط الاحتلال للسيطرة على كامل مدينة القدس، ولإحلال المزيد من المستوطنين، والذين وصلت نسبة تواجدهم في المدينة إلى 51.5%، مقابل 48.5% في الضفة الغربية المحتلة.
آليات ضاغطة
ورغم المعارضة الدولية والأوروبية للبناء الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس، والتحذيرات من خطورته على هوية المدينة المقدسة، إلا أنّ "إسرائيل" لا تكترث لذلك، وتُصر على مواصلة مشاريعها المخالفة للقانون الدولي والقرارات الأممية.
ولمواجهة الهجمة الاستيطانية، يطالب الباحث في شؤون القدس بضرورة وضع استراتيجيات جديدة وآليات ضاغطة وفاعلة تُترجم على أرض الواقع، وذلك لوقف المشاريع الاستيطانية، وكل ما يجري بالمدينة من هدم وتهجير وتهويد، ولإنقاذ القدس قبل فوات الأوان.
وينتقد عجز العالم العربي والإسلامي والمجتمع الدولي إزاء الضغط على الاحتلال لوقف مشاريعه واعتداءاته الممنهجة، ومحاولاته لتجسيد الضم الفعلي على الأرض دون أي عوائق.
وكان وزير شؤون القدس فادي الهدمي حذر من التصعيد الاستيطاني في المدينة المحتلّة عبر سلسلة من المشاريع الاستيطانية، ستؤدي إلى القضاء على حل الدولتين.
وذكر أنّ سلطات الاحتلال بصدد الموافقة على بناء أكثر من 17 ألف وحدة استيطانية بالمدينة في أضخم عدوان استيطاني منذ احتلال المدينة عام 1967.
وأضاف أنّ "من شأن تنفيذ هذه المخططات الاستيطانية إقامة حزام استيطاني ضخم يعزل القدس الشرقية عن محيطها الفلسطيني بالضفة الغربية وتحويل المدينة إلى كانتون معزول".