يوسف بلايلي.. البطل الجزائري الذي لا يعرف المستحيل



بعد ملحمة كروية لا تُنسى، خطف المنتخب الجزائري بطاقة التأهل إلى الدور نصف النهائي من بطولة كأس العرب، بعد ابتسام ركلات الحظ لمحاربي الصحراء، في اللقاء الذي انتهى بالتعادل الإيجابي بهدفين لمثلهما.


هدف لاعب المنتخب الجزائري، يوسف بلايلي كان المشهد الأبرز في هذا اللقاء التاريخي، وربما في البطولة العربية ككل، بعد أن قرر مباغتة الحارس المغربي أنس الزنيتي بتسديدة صاروخية أطلقها من حدود دائرة وسط الملعب.

وفي أكتوبر الماضي، سجل بلايلي هدف بمثل الطريقة مع فريقه قطر القطري، ضمن مسابقة الدوري المحلي، في لقائه أمام الغرافة.

وخلال الأعوام الأخيرة، حجز بلايلي مكانته الخاصة ضمن قائمة أبرز اللاعبين العرب، إلا أن وراء هذا النجاح قصة مؤثرة تستحق الذكر، عنوانها "بطل جزائري لا يعرف المستحيل".



بداية التألق

بدأ بلايلي مشواره الكروي في فئات الشباب بنادي مولودية وهران قبل أن يحصل على فرصة الظهور رفقة الفريق الأول لأهلي البرج في موسم 2009-2010 الذي لعب له 4 مباريات فقط، قبل أن يقرر التوقيع لمولودية وهران لمدة موسمين، ويشارك معه في 47 مباراة سجل خلالها 16 هدفا.

بزوغ نجم بلايلي في الدوري المحلي، لفت إليه أنظار الترجي التونسي، الذي طلب ضمه مقابل 350 ألف يورو، ليوقع بلايلي عام 2012، على عقد انتقاله لبطل تونس لمدة 3 سنوات.

وخاض بلايلي 55 مباراة بقميص الترجي خلال موسمين، سجل خلالهما 10 أهداف، ليعود مجددا إلى الدوري الجزائري موسم 2014-2015 عبر بوابة اتحاد العاصمة، حيث برز بشكل غير مسبوق، وشارك في 41 مباراة سجل خلالها 13 هدفا في محليا وقاريا.

 
النفق المظلم

وفي عام 2015، وبعمر 24 عاما، كان بلايلي يسير بشكل منتظم نحو أن يكون نجما مميزا على مستوى اللعبة، إلا أنه سقط في فخ المنشطات، لتتم معاقبته بالإيقاف لمدة 4 أعوام، قبل أن يتم تخفيض العقوبة إلى عامين فقط.

وقبل لقاء اتحاد الجزائر أمام مولودية العلمة بدور المجموعات بأبطال إفريقيا، أثبتت الفحوصات الطبية تعاطي بلايلي لعقار منشط "الكوكايين"، ومثل اللاعب الشاب آنذاك أمام اللجنة الطبية للاتحاد الجزائري لكرة القدم.

اعترف بلايلي بتعاطيه المنشطات، متخليا عن حقه في القيام بتحاليل ثانية مثلما تسمح له القوانين، وتم إيقافه عن المشاركة بكل المسابقات المحلية والدولية.

ظن الجميع أن بلايلي قد انتهى، على غرار كثير من اللاعبين الذين تسبب تهورهم في ضياع موهبتهم، إلا أن الجزائري أبى انتهاء قصته بهذا الشكل الصادم.

عودة للقتال

كان التحدي الأكبر لبلايلي خلال هذه الفترة الصعبة، هو الحفاظ على آماله في ممارسة كرة القدم مجددا، والاحتفاظ بلياقته البدنية، لذا بدأ في ممارسة التدريبات، مع الاهتمام بممارسة اللعبة كلاعب هاو لكي يظل محافظا على لمسته للكرة وأدائه.

عقب العودة من الإيقاف، انضم بلايلي لنادي أنجيه الفرنسي في 2017، الذي لم يخض بقميصه إلا مباراة وحيدة، لذا بدأ في التفكير في العودة إلى الدوري الجزائري، إلا ناديه السابق الترجي التونسي حصل على خدماته، بعد عديد من الخلافات التي حدثت بين بلايلي ورئيس النادي الفرنسي سعيد شعبان.

كان بلايلي يعلم جيدا أن العودة للترجي هي فرصته الأقوى للعودة إلى الطريق الصحيح وإنقاذ مسيرته من الضياع، لينفجر مستواه مجددا، ويساهم في تتويج الفريق التونسي بلقب "أبطال إفريقيا" مرتين، ولقب الدوري مرتين، بالإضافة إلى "السوبر التونسي".

أداء بلايلي المميز دفع مدرب الجزائر، جمال بلماضي، للاستعانة به ضمن كتيبة محاربي الصحراء في بطولة أمم إفريقيا 2019، ليساهم بشكل قوي في حصد الجزائر للقب.

نسخة بلايلي الجديدة جذبت إليه أنظار كبار الأندية العربية؛ لينتقل إلى أهلي جدة السعودي مقابل 3 ملايين يورو في صفقة قياسية للترجي التونسي.

لم يوفق بلايلي في تجربته مع الأهلي السعودي، لينتقل لصفوف نادي قطر في صفقة انتقال حر، ويستمر معه حتى الآن، مساهما بـ 20 هدف خلال 24 مباراة خاضها مع الفريق القطري.

وها هو بلايلي يسهم في وصول منتخب الجزائر إلى الدور نصف النهائي من بطولة "كأس العرب"، التي تقام في ثوبها الجديد وبمشاركة 16 منتخبا للمرة الأولى.

بلايلي (29 عاما) ما زال يمكنه تقديم الكثير داخل الملاعب، إلا أنه ضرب مثالا يحتذى به في الهروب من النفق المظلم والقتال من أجل النجاح، واستبدال السطور الحزينة بأخرى سعيدة في نهاية القصة.