مصر: بسبب النكد أزمة قلبية أنهت حياة "دينا" في شهر العسل
مثل أي فتاة في مقتبل عمرها كانت دينا «ح. أ»البالغة من العمر 19 عامًا تحلم باليوم الذي تتزوج فيه من فتى أحلامها وتفتح بيت وتكون أسرة صغيرة، خاصة بعد أن أتمت دراستها الثانوية الفنية، فقد تردد على منزل اهلها العديد من العرسان يطلبون خطبتها والزواج منها لكنها كانت تنتظر من يختاره قلبها؛ حتى دق باب بيت أسرتها ذات يوم ودخل شاب كانت تربطه بها قصة حب طويلة طالبًا يدها، لم تصدق دينا من الفرحة واكتملت سعادتها بموافقة والدها عليه لكن ما جرى بعد ذلك كان أغرب من الخيال ولا يأتي حتى على أكثر الناس تشاؤمًا.
بعد مهلة من الوقت للتفكير وفي غضون شهور تمت الخطوبة ثم الزفاف، وانتقلت العروس من بيت أهلها إلى بيت أسرة زوجها ليكون مكانها الجديد بعد أن جهز العريس شقة الزوجية، وفي ليلة الزفاف كانت الفرحة تملأ أرجاء المكان، لكن العروس لا تدري ما يخفيه لها الأيام القادمة، انتهى حفل الزفاف وانصرف المعازيم، وبدأت دينا تعيش حياتها الجديدة في سعادة، لم تتخيل أن حياتها ستنقلب رأسًا على عقب بعد زواجها ممن اختاره قلبها، فور دخولها منزل الزوجية، اكتشفت الوجه الآخر من زوجها الذي بدأت معاملته تتغير تجاهها، وبدأت الخلافات تتفاقم بينهما وتحولت حياتها لجحيم رغم مرور شهر فقط على الزواج.
حاولت العروس الجديدة أن تحتوي زوجها وتقنعه برأيها في بعض الأمور المتعلقة بحياته مع أهله، فهي تزوجته هو ولها حقوق لابد أن يلتزم بها لكنه كان يقابل ذلك باعتراض شديد، لم تستغرق الخلافات مدة طويلة وربما تتكرر وتحدث في أي منزل، هي مشكلات ربما يراها البعض عادية، ويرى البعض الآخر ضرورة حسمها من البداية حتى لا تتفاقم، في كل مرة كانت الزوجة تسارع لتزيل غضبه، حتى لا تجلب التعاسة لنفسها، خاصة أنها في بداية حياتها الزوجية وتحلم بأن تنجب الأطفال وتكون بيت سعيد، لكن يبدو أن الزوج كان له رأي آخر.
كلما حدث خلاف تحاول دينا تذكير زوجها بذكريات حبهما قبل الزواج، وحلمهما بأن يجتمعا تحت سقف واحد، حتى لا يجف ودهما بسبب الخلافات المستمرة، لكن الزوج لم ينصت لحديثها واستمر في بطشه ومعاملته القاسية، حتى أنه اعتدى عليها ذات مرة وعنفها وهذا ما كان يؤرق الزوجة الصغيرة.
الموت بهدوء
كثرت الخلافات بينهما يومًا بعد يوم، وكان الزوج من جانبه يصدها بل ويزداد قسوة في التعامل معها، حتى بدأت تشكو لأهله ولأهلها للحكم بينهما لكنها لم تصل لنتيجة، لتصاب الزوجة الصغيرة بحالة اكتئاب حادة، ما جعلها تفقد النطق وكأن هذا بديلاً من أن تعيش في كنف زوج قاسي القلب قبل أن تنجب منه الأطفال وتظل حياتها هكذا.
تدهورت حالتها النفسية، وأخذت تفكر في المواقف التي تمر بها دون سابق إنذار وهي لا تزال في ريعان شبابها لم تُكمل بعد العشرين، وجدت نفسها أنها فشلت في إقناع زوجها بالعدول عن معاملته السيئة، كانت تدرك أن الانتحار جريمة في حق نفسها لن تُقدم عليها، ولكن كان البديل هو الموت كمدًا بهبوط حاد في الدورة الدموية، وهو أشهر أسباب حالات الوفاة.
غادر الزوج المنزل حتى دون أن يلقي السلام على زوجته، وفور خروجه من الشقة ظلت العروس الجميلة تبكي بكاءًا مريرًا وكأنها لم تبكِ من قبل، كانت الحياة تُسلب منها دون أن تدري نبضات القلب المتسارعة تنسحب ببطء كأنها تهرب من الجسد الذي صار هزيلًا، فأسلمت الروح وهي تجلس مكانها.
عاد الزوج في المساء من عمله وظل ينادي عليها لا لتسر عينه برؤياها ولكن حتى تجهز له الطعام، لكنها لم تجب هذه المرة، فدلف لغرفة النوم ليكتشف جلوسها على الكرسي بلا حراك، فقط وجه يبتسم، كأنها تُرسل رسالة إليه مفادها؛ «الآن استريح»، يصاب بحالة ذهول وصدمة، أسرع بإبلاغ أهله واتصل بالإسعاف في محاولة لإسعافها وإفاقتها ربما تكون أزمة قلبية، لكنها كانت قد لفظت أنفاسها الأخيرة، انتقل رجال الشرطة لمكان الواقعة بقرية كفر خضر التابعة لمركز طنطا للمعاينة ومناقشة أهل الزوج، ومعرفة ملابسات الوفاة وتبين وجود جثة المجني عليها داخل غرفة نومها وبالفحص تبين أنها متزوجة من عدة أسابيع قليلة من عامل، وترتدي كامل ملابسها، كما تبين عدم وجود إصابات في أنحاء الجسم ما يؤكد أن الوفاة جاءت نتيجة هبوط حاد في الدورة الدموية ليس إلا.
نقلت الجثة لمشرحة المستشفى تحت تصرف النيابة التي أمرت بالتحفظ على الزوج لحين سؤاله عن الواقعة وملابساتها، كما تم ندب الطب الشرعي لتشريح الجثة لمعرفة سبب الوفاة وما إذا كانت هناك جريمة من عدمها، واستدعاء أسرة المتوفاة لسؤالهم ومعرفة أسباب الوفاة والتصريح بدفن الجثة وكلفت إدارة البحث بالتحري حول الواقعة وملابساتها، وعلى الفور تم تشكيل فريق بحث تحت إشراف اللواء ياسر عبد الحميد مدير إدارة البحث الجنائي، ضم ضباط مباحث مركز طنطا، وتوصلت تحريات ضباط إدارة البحث الجنائي، إلى وجود خلافات زوجية بينها وبين الزوج، تفاقمت في الفترة الاخيرة وهو ما جعلها تدخل في حالة اكتئاب انتهت بها إلى موتها نتيجة للضغط النفسي الذي عانت منه، وعدم وجود شبهة جنائية في الواقعة، وصرحت النيابة بدفن الجثة وفي مشهد جنائزي مهيب شيع أهالي قريتها جثمان العروس وسط حالة من الحزن انتابت الجميع.
وأمام جهات التحقيق نفى الزوج وجود خلافات زوجية مع زوجته، مؤكدًا أنه لم تكن هناك خلافات إلا الطارئة الموجودة في كل بيت وسرعان ما تنتهي، لكنها في الفترة الأخيرة دخلت في حالة اكتئاب بلا سبب، وحاول كثيرًا أن يُخرجها من هذه الحالة التي جعلتها تجلس بمفردها كثيرًا دون أن يدري السبب الحقيقي لكنها لم تستجب، كما حاول أن يأخذها للطبيب لكي يكشف عليها لكنها دائمًا ترفض، حتى أن أهله لاحظوا ذلك وبرر لهم الأمر كونها مرهقة نتيجة أعباء المنزل، وفي يوم حدوث الوفاة استيقظ صباحًا كالمعتاد وجهزت له وجبة الإفطار وتناولها ودار بينهما حديث عادي دون أن يشعر بحدوث شيء ما غير طبيعي وأخبرها أنه سوف يتأخر بعض الوقت وطلب منها أن تذهب لشقة أهله وتتابعهم لحين عودته، ثم انصرف متوجهًا لعمله، ومضى اليوم إلى أن عاد للمنزل وفتح الباب ونادى عليها فلم تجبه كما اعتادت، فبحث عنها في جميع أرجاء الشقة حتى وجدها ميتة على سرير في غرفة النوم، فجرى ناحيتها محاولاً إفاقتها لكنها لم تستجب وتوجه مسرعًا لأهله في الطابق الأرضي ليستغيث بهم، وابلغ النجدة والإسعاف ونقلت جثتها لمشرحة مستشفى طنطا الجامعي تحت تصرف النيابة التي أمرت بتوقيع الكشف الطبي عليها لمعرفة سبب الوفاة وعما إذا كانت هناك شبهة جنائية من عدمه.
أما أقارب الزوجة فقد وجهوا اللوم للزوج الذي تسبب في دخولها في حالة اكتئاب، نتيجة كثرة الخلافات بينهما، في الفترة الأخيرة بسبب تدخل أهله في شئونها وهو ما رفضته كما إنه تغير تماماً في طباعه، وبدأ يتطاول عليها ويعايرها أحيانًا، وهو ما كانت تبوح به لأسرتها وتشكو إليهم، حتى أنها تركت المنزل ذات مرة وذهبت لأهلها طالبة الطلاق لشعورها أنها أخطأت في اختيار شريك حياتها، لكنهم كانوا يقنعوها بالصبر وعدم التسرع، خاصة أنها هي التي اختارته ولم يجبرها أحد على الزواج منه، فما كان منها إلا أن قررت العودة حتى أسلمت الروح بهذه الطريقة وسط حزن يعلو وجوه اسرتها وأهالي قريتها.