عن النهج التطبيعي التأزيمي لحكومة بشر الخصاونة.. من يدفع فاتورة هذا العبث ؟!!
لا اعرف لماذا استهل رئيس الوزراء بشر هاني الخصاونة مداخلته في جلسة مجلس النواب الاخيرة التي تم فيها مناقشة اعلان النوايا الذي وقعته الحكومة مع الكيان الصهيوني المحتل بالقول : " لا احد يزاود على الاردن ، و احنا الاردن "، واعادها مرارا وتكرارا ، وتشبث بها ، رغم الجلبة التي اثارها استخدام هذه اللغة الاتهامية تحت القبة ، ما دفع رئيس مجلس النواب عبدالكريم الدغمي لتذكير زملائه بنزق شديد واصطفاف واضح مع الرئيس ، بان الخصاونة هو رئيس حكومة المملكة الاردنية الهاشمية و يحق له ان يتحدث !!!
النواب انتقدوا نهج الحكومة التطبيعي المدان ، ولا نظن ان هذا يتضمن مزايدة على الاردن .. النواب اعلنوا رفضهم توقيع اعلان المبادئ مع الكيان المحتل ، و وضع عدد كبير منهم صيغا بديلة ، و وضح بعضهم دلالات وابعاد ربط اقتصادنا بالعدو والاعتماد عليه كمصدر للمياه والطاقة وغيرها ، وحاول عدد اخر تذكير الحكومة بنضالات الاباء وتضحياتهم دفاعا عن الوطن و فلسطين ، و لا نعتقد بانهم بذلك ، يزاودون على احد او يشككون بمواقف الاردن تجاه القضية الفلسطينية ، ثم من قال ان الحكومة هي الاردن ؟ هل يضمر هؤلاء (..) هذه القناعة فعلا ، ويتصرفون على اساسها، ونحن نعتقد بان الوطن للجميع ، ونحن شركاء في المغرم والمغنم ؟!!
مواقف الاردن المساندة للاشقاء الفلسطينيين ، ودعمه الكامل للقضية ، ونضالات شعبنا وجيشنا ، وشهدائنا ، لم تكن موضع نقاش في تلك الجلسة العاصفة ، رغم انها كانت دافع الكثيرين لمعارضة توقيع اعلان المبادئ ، ولذلك لم نعرف لماذا بنى بشر الخصاونة مقاربته ورده مستخدما هذه الالية الاتهامية التخوينية المشيطنة ، هذه القوالب الجاهزة ، التي لا علاقة لها بالنقاش الدائر .. من زايد على دور الاردن و من شكك بمواقفه ونضالات شعبه ؟!! هل بات انتقاد الحكومة اليوم يدخل في باب المزايدة على الاردن ، وذلك على اعتبار ان الحكومة هي الاردن ، والاردن هي الحكومة ،والبقية الباقية عبارة عن مكونات هامشية لها دورها الوظيفي وعليها السمع والطاعة ؟!!
واضح ان الرئيس بشر يتقن حرف النقاش عن مواضعه ، وتغيير مساراته ، و تشتيت وجهته ، و يحترف المناكفة والشخصنة ، و يظن انه قادر -في كل مرة - على تحمل الكلفة السياسية لهذا العبث والخفة ، معتمدا على دعم الملك ومساندته المطلقة ،بصرف النظر عن فداحة الخطأ ، وهزالة الحجة ، وحجم الاستياء و الغضب الذي اخذت ناره تزداد ضراوة و تأكل في طريقها كل ثابت ومتحرك ، حتى انها اقتربت من ثوب السلطة ..
الخصاونة اكد في مداخلته ان مشروع الماء مقابل الكهرباء هو من بنات افكار هذه الحكومة ، بمعنى انه يتحمل شخصيا و جميع اعضاء الفريق الوزاري بالتضامن ، المسؤولية الادبية والاخلاقية والتاريخية لهذه الخطوة التطبيعية التفريطية التي سترهن دولتنا واقتصادنا بكيان محتل توسعي عنصري متطرف ، كيان لم يحترم تعهداته معنا ، ولا مع الاشقاء الفلسطينيين ، ويستمر بصفة يومية في تدنيس الاقصى وانتهاك حرمة المقدسات التي تخضع للوصاية والاشراف والرعاية الاردنية ، ويستمر قادته اليمينيين في الترويج للخيار الاردني ، و الدفع باتجاه صفقة القرن التي ستحل ازمة الاحتلال على حساب الشعبين الاردني والفلسطيني ..
بشر هاني الخصاونة قال بانه يفخر بتاريخ ونضالات الاباء النظيف و الشريف والعفيف والمستقيم والوطني ، الا ان ذلك كله يبدو انه لا يمنع هذه الحكومة من ربط دولتنا اقتصاديا بكيان محتل مسكون بخرافات توراتية ، كانت سببا في احتلالهم لفلسطين ، و ستكون هذه الخرافات ذاتها دافعا لهم للهيمنة على المنطقة برمتها اقتصاديا و سياسيا وربما عسكريا فيما بعد ، عبر الامساك بعصب الدول ومقومات بقائها ..
الخصاونة قال بان حكومته لم تتستر على اعلان المبادئ ، الذي ظل طي الكتمان طوال الاشهر الخمسة التي قال الخصاونة بانها العمر الزمني لهذا المشروع ، الذي لم يكن ضمن استراتيجية المياه بعيدة المدى ، هذا الاتفاق الذي كنا اول من نشره قبل اسابيع نقلا عن وسائل اعلام عبرية ..
ويبقى ان نقول ان رفض التطبيع ليس مزاودة على احد ، انما هو مبدأ وقيمة واعتقاد ..