المهندسون.. تطبيق النسبية دفن للتفرد لا وسيلة للاقصاء
نقابة المهندسين الأردنيين التي كانت على مدى عقود تمثل نموذجاً وطنياً يحتذى تشهد يوم الجمعة القادم اجتماعا استثنائيا لهيئتها العامة وسط انقسام حاد وتمترس مؤسف خلف الألوان. على أن الجميع متفق أن قانون النقابة وكافة أنظمته أصبح خارج الزمن وخارج عجلة التقدم التكنولوجي والمهني وخارج التاريخ وأصبح لا يلبي طموح وحاجات الشباب. والسؤال هل فات الأوان لإنقاذ النقابة وصناديقها وانقاذ المهنة؟!
ذات الوجوه التي أوصلت النقابة والمهنة وصندوق التقاعد على مدى العشرين عاماً الماضية إلى ما وصلت إليه من حال بائس عادت تطرح نفس الخطاب بدلاً من أن تحتجب على مبدأ "إذا بليتم فاستتروا" وتفسح المجال لجيل جديد من الشباب المغيب . النقابة وصندوق التقاعد وجيل الشباب هم اليوم ضحية التجاذبات السياسية المغطاة بالألوان والقوائم، ضحية التمسك بالمكتسبات: تكسب البعض وحلم البعض الآخر بالعودة للواجهة على قاعدة أنا أو الدمار.
ما يقال عن تقديم مصلحة النقابة ومنتسبيها كلام إنشائي وهو غير ما تتم ممارسته على أرض الواقع، فالبعض لا زال متمسكا بعدم اقرار تعديلات قانون نقابة المهندسين والهادفة لتوسيع المشاركة وإعادة عشرات آلاف المهندسين الى حضن نقابتهم ويستمر بالقتال للحفاظ على مكاسبه التي سلبت سواد المهندسين خصوصاً الشباب والمستقلين تمثيلهم العادل لصالح من هم أكثر تنظيما وقدرة على الحشد.
لقد أدركت الهيئة العامة للنقابة (وهي أعلى سلطة بالنقابة) في العام 2009 وتلمست مأزق التفرد بإدارة النقابة من لون واحد وما جره ذلك التفرد من تبعات وقررت تطبيق مبدأ النسبية في انتخابات النقابة بهدف توسيع المشاركة خصوصا لجيل الشباب . على أن ما حدث خلال التسع سنوات التي تلت هذا القرار كان مجرد تسويف وعدم جدية في تطبيق النسبية وإلتفاف على إرادة الهيئة العامة وقرارها من قبل مجالس النقابة المتعاقبة ذات الصبغة اللونية المعروفة لدى عموم المهندسين.
مجلس نقابة المهندسين الحالي، ومنذ استلامه لمهامه وصلاحياته، وسع تشكيل اللجنة المكلفة بوضع تصور للشكل الانسب لنظام التمثيل النسبي - وقد تشرفت بعضوية اللجنة المكلفة - لتضم كافة اطياف اللون النقابي.
لتعكف اللجنة وعلى مدى أكثر من ثلاث سنوات وعبر اجتماعاتها بشقيها الموسع والمصغر على استعراض ودراسة عدة مقترحات، وصولا للشكل الذي اوصت لمجلس النقابة باعتماده. وإجلاءً للحقيقة لا بد من التوقف على مجريات الجلستين الاخيرتين من عمر اللجنة إذ شهدت الجلسة الاخيرة انقلابا لبعض اعضاء اللجنة من المحسوبين على لون محدد على مواقفهم وإنكارا لوقائع التصويت في الجلسة السابقة لولا ان الجلسة مصورة! وقد كنت من المبادرين بطلب عرض تسجيل الجلسة، ورغما عن ذلك -وبطلب عدد من الاعضاء وانا منهم- اعاد الزميل النقيب طرح المقترح للتصويت واقرته اللجنة بأغلبية "ثلثي" الحاضرين. اليوم مقترح تطبيق النسبية بين يدي الهيئة العامة صاحبة الولاية وصاحبة قرار تطبيق النسبية.
لذا فمن المستغرب تبني البعض خطاباً يدعي أن اعتماد التمثيل النسبي في نقابة المهندسين وإقراره من ضمن التعديلات المطروحة على الهيئة العامة يوم الجمعة القادم وصفة لاقصاء الاسلاميين (وهنا يقصد البعض بهذا التوصيف الاخوان المسلمين وذراعهم السياسي حزب جبهة العمل الاسلامي). وهو قول تدحضه الوقائع والسياق التاريخي فالإخوان المسلمون جزء أصيل وفاعل من الشعب الأردني، نرفض جميعاً أن يتعرضوا للاقصاء المزعوم!
النظام السياسي كان دائما الحريص، بل والضاغط، على مشاركة "الاسلاميين" في الحياة السياسية والانتخابات العامة خاصة النيابية منها ولا تغيب عن الذاكرة الشعبية مشاركتهم في الانتخابات النبابية الاخيرة رغم حالة عدم رضا الشارع الأردني عن قانون الانتخاب و عدم ثقته بالعملية الانتخابية برمتها. ومما يدحض هذا الادعاء أيضا الحرص المشترك، نظاما وجماعة، المشاركة عبر ممثلي حزب جبهة العمل الاسلامي في اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية برئاسة سمير الرفاعي.
للزميلات والزملاء الحق ، كل الحق، في قبول او رفض التعديلات المقترحة على قانون النقابة، على قاعدة القراءة الموضوعية للتعديلات وأثرها على المهنة والنقابة ومنتسبيها، وهي دعوة لترشيد الخطاب النقابي بعيدا عن نظرية المؤامرة وتوظيف التشكيك وادعاءات المظلومية!
هل من المنطقي القول بأن أكبر نقابة مهنية في الأردن تضم اليوم أكثر من مائة وثمانين الف زميل تخشى من تعديل قانونها لهذه الأسباب الواهية وأنها لا تستطيع ان تدافع عن نفسها وعن منتسبيها وهل في هذه الحالة تستحق أن تكون؟ بالتأكيد الجواب لا، فهي إن كان الحال كذلك تفقد مسوغ وجودها ففاقد الشيء لا يعطيه !!
هذه دعوة للزملاء جميعا لحضور اجتماع الهيئة العامة يوم الجمعة القادم والتصويت بنعم للتعديلات المقترحة على قانون نقابة المهندسين الأردنيين والتي ستوسع المشاركة في صنع القرار النقابي وتدفن الاقصاء والتفرد وتعزز حضور المهندسين الشباب وترفع مستوى المهنة.
* عضو مجلس نقابة سابق