تعودوا على ذلك.. العمل من المنزل قد يكون مدى الحياة وليس فقط خلال أعياد الميلاد



عادت مجددا إجراءات "كوفيد-19" الاحتياطية اليومية وكذلك الاستعارات الكارثية إلى المشهد، للتعبير عن الوضع وحلقة الاختبارات والجرعات المعززة والحديث القاتم عن إغلاق كامل في الأفق


 
انزلق رجل في ألمانيا عام 2018 حينما كان في طريقه للعمل وكسرت إحدى فقراته فاضطرت شركة التأمين المسؤولة لدفع تعويض عن الحادث، الغريب في الأمر أن الرجل كان يسير بين غرفة نومه والمكتب الذي يعمل فيه داخل بيته حينما سقط على الدرج الحلزوني الفاصل بين الغرفتين، وردا على اعتراضات شركة التأمين قضت المحكمة الاجتماعية الفدرالية الألمانية الأسبوع الماضي بأن هذا الحادث -الذي كان خلال تنقل دام أقل من دقيقة داخل المنزل- يعتبر "حادث عمل".

بهذه العبارات افتتح الكاتب والصحفي البريطاني إيموجن ويستنايثس مقالا له بصحيفة غارديان (The Guardian) البريطانية عن العمل عن بعد في زمن الوباء، مؤكدا أن هذه الحادثة وإن كان تاريخها يعود لما قبل تفشي جائحة كورونا إلا أن الحكم الصادر بشأنها جاء في الوقت المناسب تماما، وقد يشكل على ما يبدو آخر لبنة تسقط من جدار الفصل بين البيت ومقر العمل.

 
وفي هذا السياق، أعلن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الأسبوع الماضي مجددا عن عودة أخرى للعمل من المنازل في إنجلترا حيثما كان ذلك ممكنا، تماما في الوقت الذي تمكنت فيه أخيرا العديد من الشركات من التأقلم مع نمط العمل الهجين الذي ميز فترة الوباء أو أقرت شركات أخرى عودة كاملة لموظفيها إلى مقرات العمل.

 ويعتقد ويستنايثس أن الأيام الأولى والمثيرة للعمل من المنزل تبدو الآن بشكل غير معقول بعيدة للغاية، فصار المرء موجودا على تطبيقات العمل عن بعد مثل سلاك، والآن نعود مجددا إلى المربع الأول أو ما يبدو أكثر فأكثر مثل لعبة لا نهاية لها، فبمجرد أن يسمح لنا فيها برفع رؤوسنا فوق سطح الأرض يتم الزج بنا بقسوة مرة أخرى إلى الداخل.

شعور مختلف
ويضيف الكاتب أنه بعد ما يقارب عامين لا أحد الآن لديه الطاقة لمزيد من النقاش حول ما إذا كان العمل من المنزل جيدا أم لا، فالجميع تقريبا -ما عدا برلمانيي حزب المحافظين في ألمانيا- سيقبلون الآن أن العمل من المنزل أمر جيد وسيئ على حد سواء، لكن الأمر الملحوظ هذه المرة هو أن هناك شعورا مختلفا رافق قرار العودة إلى العمل من المنازل.

ففي حين كانت التفويضات السابقة للعمل عن بعد والقيود الاحترازية وحتى عمليات الإغلاق الكامل تبدو وكأنها تدابير مؤقتة في إطار مجهود جماعي للوصول إلى شيء يكون ولو أقرب من الحياة الطبيعية قبل الوباء تبدو الحالة المزاجية السائدة الآن -بالنظر إلى أن معظم الناس حصلوا فعليا على أفضل اللقاحات- قريبة من قناعة ثقيلة على النفس بأن هذا الوضع ربما يتحول فعليا إلى نمط عيش دائم.

 
فقد عادت مجددا إجراءات "كوفيد-19" الاحتياطية اليومية وكذلك عاد إسقاط التعابير الحربية والكارثية على هذه الجائحة إلى المشهد، للتعبير عن الوضع وحلقة الاختبارات والجرعات المعززة والحديث القاتم عن إغلاق كامل يلوح في الأفق.

ويختم الكاتب بأنه عندما عانق أصدقاءه لتوديعهم قبل أيام من عطلة أعياد الميلاد "كان عناقنا أطول قليلا من المعتاد غير متأكدين متى قد نرى بعضنا البعض مجددا، ويبدو أن هذا القلق مجرد محطة واحدة فقط من رحلة مثبطة بشكل مخيف تتسلل فيها القيود مرة أخرى إلى الواجهة ونشعر فيها أن كل يوم أسوأ قليلا من سابقه".

المصدر : غارديان