ان التاريخ يشهد على الصراعات المتعلقة بالموارد المائية بين الدول فقد جاء في محكم التنزيل "وجعلنا من الماء كل شيء حي " صدق الله الرحيم فهذه الآية دلالة ربانية على ان الماء حياة وعلى اهميتها لحياة البشر والحيوان والنبات .

العالم يشهد حالياً مشاكل متعلقة بالموارد المائية للدول فجنوب افريقيا مثلاً تعاني جدا وهذه المعاناة سوف تنتشر لدول افريقية اخرى خلال السنوات القادمة بسبب عوامل عدة منها، التمدن الغير مخطط له و التلوث والاعتداء على الموارد وغيرها من العوامل ،بالاضافة للنزاعات والصراعات من اجل هذا المورد المهم كما يحدث الان بين مصر واثيوبيا حول سد النهضة .

اما في الشرق الاوسط الحال ليس بالافضل فهناك دراسات تشير الى ان حروب ممكن ان تحدث بسبب الماء خاصة في هذه المنطقة المشتعلة دائماً، فهناك تنمر من دول على دول اخرى من خلال بناء السدود والمصبات المائية التي تؤثر على الموارد المائية كما حدث ببناء السدود التركية وتأثيرها على مصادر المياه العراقية والسورية .

لا يخفى على احد ان المملكة الاردنية الهاشمية تعد من افقر رابع الدول مائياً على مستوى العالم ،ومما زاد الضغط على هذا المورد الزيادة المضطردة بعدد السكان لاسباب عديدة منها الاحداث السياسة المحيطة وتدفق اللاجئين وغيرها من احداث، فسكان المملكة الاردنية الهاشمية يتجاوز 11 مليون نسمة والموارد المائية ضئيلة جدا.

للاسف ان تقصير الحكومات المتعاقبة في ايجاد حلول دائمة لهذه المشكلة هو ما اوصلنا الى ما نحن عليه الان ،فكانت هذه الحكومات دائما تبحث عن حلول مؤقتة لم تعد تجدي نفعاً في هذا الوقت ومع هذه الظروف .

يثور في بال المواطن الاردني تساؤلات جمة منها أين الحكومات المتعاقبة والمسؤولين من الخطط والبرامج المستقبلية المتعلقة بالمياه ،اين وزارة المياه ،اين الدراسات والتحليلات ،أين وصل تنفيذ مشروع الناقل الوطني؟

والسؤال الاكثر تداولا هل نحصل على حصتنا كاملة من اسرائيل بموجب معاهدة السلام ؟

وبالاجابة على التساؤل الاخير يتضح ان المدافعين عن اتفاقية وادي عربة وخاصة المفاوضين يدفعون باننا حصلنا على حقوقنا المائية ونحصل عليها فعلا بموجب تنفيذ المعاهدة ،ولكن الظاهر بانه لم نحصل على ما يستحق لنا من حصة ،وهنا تكمن مشكلة التخبط و تضارب التصاريح ما بين وزارة المياه و المسؤولين السابقين فيها ،هذا في ملف الحصة المائية ،اما في باقي الملفات اين هي من التخطيط للمستقبل وحلول لهذه المشكلة الدائمة.

يجب أن نبدا فعلا بتنفيذ مشروع الناقل الوطني فهو مصلحة اردنية وخيار استراتيجي في ظل مشكلة شح المياه فهذا المشروع بيئي واقتصادي سوف يخلق اسبابا مهمة للتنمية ويحتاجها الاقتصاد الاردني ،رغم ما يشوبه من تسيس وغيرها من الصعوبات، وبذات الوقت يجب العمل على بناء سدود اضافية ، و وضع خطة دقيقه لتخفيف الفاقد المائي ،اضافة للمعضلة في أزمة المياه العالقة منذ نهاية ثمانينات القرن الماضي باتفاقيات مع الجانب السوري والتي لم يتلقى الأردن حصته الكاملة من حقوقه المائية الطبيعية ، أو من سد الوحدة الذي لا يزال يدفع الأردن فوائد قروض بنائه ، ولم يسمح السوريون بتفعيل جريان الماء فيه منذ إنشائه كما تم الاتفاق، يتضح اننا نعاني جدا في هذا المورد، كما نعاني من فاتورة النفط والغاز وغيرها من مشاكل اقتصادية ولكن الماء حياة لذلك يجب علينا ان نبدا اليوم وبالسرعة القصوى حتى لا تمر الايام ونكون امام عجز مائي كبير لا حل له ناتج عن قلة التخطيط المستقبلي ،لذلك يجب ايجاد حلول و تنفيذها للخروج من هذه الازمة بالسرعة القصوى.