قراءة في نتائج التصويت على تعديلات قانون نقابة المهندسين الأردنيين


بدايةً، الشكر الموصول لكافة الزملاء والزميلات الكرام في جميع أنحاء وطننا الحبيب على مشاركتهم الفاعلة في هذا العرس الديموقراطي.

و تحية لكل من شارك في هذا العرس الديمقراطي سواء كان (مع) أو (ضد) التعديلات على قانون النقابة والقادم أجمل إن شاءالله.

إن المتابع للشأن النقابي لا يخفى عليه الأزمة النقابية التي كانت تعيشها نقابة المهندسين خلال الفترة الماضية ، حيث بدا واضحا للجميع حجم الاتهامات المتبادلة بين التيارات النقابية ومجلس النقابة حول التعديلات المقترحة على قانون نقابة المهندسين والمحاولات الحثيثة لـ شيطنة الآخر والادعاء المتبادل أيضا بأن كل طرف يسعى لمصلحة المهندسين والنقابة سواء الداعم ام الرافض للتعديلات المقترحة.

وبعد النظر إلى حزمة التعديلات وجدنا أن الجميع متوافق عليها بشكل عام والخلاف على جزئيات شكلية أو أنها لا تلبي الطموح بتعديلات أشمل تواكب طموحات الشباب ، باستثناء تعديلات قانون الانتخاب (النسبية المفتوحة) الذي يرى فيه مجلس النقابة بأنه سوف يعزز التشاركية في العمل النقابي، ويرى فيه الطرف الآخر بأنه بشكله المقترح سيعمل على تفتيت النقابة وأنه شبيه بنظام انتخاب مجلس النواب الأردني وأننا إن سمحنا ب تمريره بهذه الصورة سيتم العبث به من قبل الحكومة ومجلس النواب.

إذن لماذا صوتت الهيئة العامة برفض كامل حزمة التعديلات؟؟
بالنظر إلى طريقة مجلس النقابة في طرح التعديلات وتوقيتها وطريقة تعاملهم مع الهيئة المركزية ومن ثم الهيئة العامة، نلاحظ ما يلي :

* تم طرح التعديلات مع نهاية فترة ولاية المجلس الحالي وقبيل الانتخابات القادمة ببضعة أشهر، مما اعتبرها البعض كنوع من الدعاية الانتخابية و بهدف ضمان تمثيل أعلى للتيار الحالي في الانتخابات القادمة.
* طرح المجلس التعديلات بدون التشاور مع الهيئات المنتخبة و النشطاء في العمل النقابي والقوى النقابية الأخرى كما هو متعارف عليه في الوسط النقابي.
* لم يأخذ المجلس ملاحظات الهيئة المركزية حول التعديلات في الاجتماع الأول، وجاء الاجتماع الثاني الذي تجاوز فيه المجلس الهيئة المركزية باتخاذه قرارعرض التعديلات على الهيئة العامة بدون حصول القرار على موافقة الأغلبية المطلقة (النصف+١) كما ينص قانون النقابة في مخالفة واضحة لنص قانون نقابة المهندسين.
* تم تأجيل التصويت على التعديلات المقترحة قبل موعد اجتماع الهيئة العامة المقرر ب ٢٤ ساعة فقط بل وتم تغيير آلية الانتخاب والفرز وهي مخالفة أخرى وتجاوز آخر غير مبرر لقانون النقابة.
* تجاهل نقيب المهندسين لرسالة النقباء الستة الذين نصحوه بتأجيل عملية الاقتراع في محاولة منهم لنزع فتيل الأزمة والخروج من حالة الصرع النقابي التي عشناها وبما يحفظ للجميع كرامته، بل ومحاولته إنكارها قبل أن يتدارك نفسه ويقول أنها جاءت متأخرة.

بعد كل ما سبق شعر المهندسون بالصدمة من تجاوز قانون النقابة و طريقة تعامل مجلس النقابة مع الهيئة المركزية ومن ثم الهيئة العامة صاحبة الولاية والتي فيها استخفاف واضح بعقولهم ومخالفة للأعراف النقابية والمهنية وسابقة خطيرة في التغول على سلطة الهيئة العامة صاحبة الشرعية المطلقة بإقرار القانون.

وما زاد الطين بلة وأثار عاصفة من التساؤلات لدى المجتمع الهندسي هو الدعم الرسمي غير المسبوق نحو إقرار التعديلات والصمت عن تجاوز القانون بل ومهاجمة الرافضين للتعديلات من خلال الصحف الرسمية والقنوات المحلية واتهامهم بأنهم من لون نقابي واحد يسعى للاستحواذ على النقابة وأنهم تيار اقصائي لا يعترف بالآخر وو..
 
شكل كل ذلك (فضلا عن أداء المجلس الضعيف على جميع الصعد المهنية والسياسية) ردة فعل رافضة تجاه هذه التعديلات و بدا ذلك واضحا من ارتفاع نسبة المشاركة غير المعهودة في التصويت (٩٢٠٠ مهندس شارك في التصويت).

طبعا ولا ننكر حالة التحشيد من جميع الأطراف باتجاه التصويت المتحيز باتجاه محدد (مع قناعتي بأن ذلك لا يتجاوز ٢٠٠٠ صوت لكل طرف) ، إلا أن الحسم كما أظهرت نتائج بعض الصناديق التي لم تكن يوما مع القائمة البيضاء كان للمستقلين من المجتمع الهندسي الذين لم يقتنعوا بطريقة التعامل ولا مبررات التعديلات ولا أداء المجلس الحالي ورفضوا التقليل من احترامهم عن طريق الاتهامات وتجاوز القانون ومحاولات فرض التعديلات بأي وسيلة.

وهي رسالة واضحة لكل من يسعى إلى الترشح للانتخابات القادمة بأن احترام الهيئة العامة واجب وأن كرامتها فوق كل اعتبار وان الاستخفاف بها ولغة التخوين والإقصاء وتجاوز القانون لن تخرج منها إلا مهزوما غير مأسوف عليك.

وهذه رسالة خاصة للمجلس القادم بضرورة بدء العمل منذ أول يوم على إقرار تعديلات واسعة للقانون تلبي طموح المهندسين و تطلعاتهم وتعزز من التشاركية في العمل النقابي، وأن يقوم بفتح جميع الملفات المهنية العالقة كملف مهندسي القطاع العام ومسارهم المهني وصندوق التقاعد و ملف المكاتب الهندسية وحماية حقوق الزملاء في القطاع الخاص والأهم من ذلك كله والملف الأكبر هو مشكلة البطالة المستشرية في صفوف المهندسين الأردنيين والذي بات هو الهاجس الذي يؤرق الجميع.

والله من وراء القصد