عام جديد
ها هو عام 2021 يلملم أوراق رزنامته الأخيرة ويمضي مثقلا بهموم الناس في كل مكان من هذا العالم، الذي يواصل حربه على وباء الكورونا دائم التحول والتحور، ويحاول حلّ أزماته الاقتصادية والمالية التي تتفاعل على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية؛ إذ تبدو الآفاق مغلقة أمام كثير من الدول، باستثناء تلك التي ترفض الاستسلام لحالة الغموض والتردد والخوف من المستقبل.
العام المقبل 2022 لا يغير من الأمر شيئا، والمتحور الجديد " أوميكرون " يفرض على كثير من الدول العودة إلى إجراءات الإغلاق في مستويات مختلفة، وحال الاقتصاد العالمي تزداد تعقيدا نتيجة النكسات التي تُمنى بها إجراءات التعافي الاقتصادي؛ الأمر الذي عزز مفهوم التكافل والتضامن الدولي للتغلب على هذا الوضع الاستثنائي الخطير، من خلال التعاون الإقليمي، والقاري، والدولي.
ما الذي يمكن أن نفعله نحن هنا في الأردن من أجل التغلب على تلك التحديات؟ وما عناصر القوة التي نملكها كي نكسب معركة التعافي بأبعادها الصحية والاقتصادية؟ في اعتقادي أننا نملك الكثير من الإمكانات والمقومات التي تؤهلنا للتقدم خطوات إلى الأمام، وأنا أعرف مثلما يعرف الجميع أن ثقافة التذمر والانتقاد والتشكيك قد سادت جميع الأوساط، حتى إن البعض يتخذ موقفا مناهضا للطروحات الإيجابية وكأنها نوع من التضليل!
عندما بدأت الجائحة عام 2020 كان الأردن في مقدمة الدول التي تمكنت من السيطرة على فيروس كورونا ومحاصرته في حدود ضيقة، وتم اختبار نظامنا الوقائي والصحي الذي أظهر قدراته الفائقة، ولم يكن لإجراءات العزل والحظر الشامل، وتعطيل الحياة العامة أن تستمر لمدة أطول؛ فقد ضاق الناس ذرعا حين تعطلت الحياة العامة، وتضررت قطاعات بأكملها، وكانت مراكز الأبحاث العلمية تسرع الخطى لاختراع اللقاح الذي أنقذ بمسمياته المختلفة الملايين من البشر، وظل حتى الآن الوسيلة الوحيدة للتحصن من الوباء إلى جانب الإجراءات الوقائية الأخرى.
حين بدأ العالم يواجه الموجات المتلاحقة للوباء، ولم تسلم منها الدول التي تملك اللقاح والأنظمة والإمكانات الصحية الهائلة؛ ألغينا ذاكرتنا، ونسينا النجاح الذي حققناه في موجة الوباء الأولى ، فلم نُراكم على التجربة ونطورها بصورة مؤسسية متواصلة وفاعلة، ورغم اطلاعنا على حجم المعاناة التي مرت وتمر بها دول لا مجال للمقارنة بين قدراتنا وقدراتها، إلا أننا مِلنا نحو التشكيك واللوم وفقدان الثقة، وربما عززت التصريحات الرسمية وغير الرسمية المتناقضة تلك الحال لدى السواد الأعظم من الناس!
وكما حال التعافي بمعناه الصحي، كانت إجراءات التعافي الاقتصادي ومشاريعه تتعرض لانتقادات ظالمة، بل إن بعض المشروعات التي يجري تنفيذها على الأرض ليست محل اهتمام من قريب أو بعيد، والأخطر من ذلك أن بعض المشاريع الاقتصادية والاستثمارية الناجحة تتعرض لحملة منظمة من التشكيك والتشويه والاتهام، وفي اعتقادي أن الأمر يتسدعي التوقف طويلا عند ظاهرة من هذا النوع لمعرفة أهدافها الحقيقية.
قبل أيام تابعت عبر وسائل الإعلام مخرجات الخطة الإستراتيجية للعقبة للأعوام الخمسة المقبلة، التي عرضت بحضور جلالة الملك وسمو ولي العهد، والتي ستشكل إضافة نوعية للمدينة، في القطاعات السياحية، والصناعية، والتعليمية، والتكنولوجية، وفيها من تفاصيل المشروعات المدرجة على الخطة ما يبعث على الارتياح والأمل؛ مما أثار في نفسي أسئلة كثيرة حول غياب التغطية المناسبة لتلك المشاريع، وغيرها مما هو قائم في العقبة الاقتصادية وما حولها، وفي مناطق مختلفة من المملكة، بينما ينصب الاهتمام على تشويه الصورة، وترويج الإشاعات، والأخبار المزيفة!
مع مطلع كل عام جديد تغمرنا الأمنيات والتمنيات بأن يكون عاما واعدا بالخير والسعادة، وأنا بالطبع أتطلع لعام جديد أكثر أملا وتفاؤلا وإنجازا، على أنني سأواصل الحديث عن العقبة في مقال لاحق، وكل عام وأنتم جميعا بألف خير، وعافية، ومحبة، وسلام.