هل معدلات السرطان في الشرق الأوسط الأقل على مستوى العالم؟ .. الدكتور منصور يجيب

 


يتداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي فيديو بعنوان "لماذا الدول العربية في الشرق الأوسط فيها أقل معدّلات الإصابة بالسرطان على مستوى العالم؟"، فما مدى دقة المعلومات التي يوردها؟

عرض الفيديو على الدكتور عاصم منصور، مدير مركز الحسين للسرطان في الأردن وأحد أبرز الأسماء في مجال علم الأورام عربيا وعالميا، فقدّم رأيه حوله.

قال الدكتور منصور إن المعلومات في الفيديو غير دقيقة والمقاربة غير علمية، فالفيديو انطلق من معلومة صحيحة هي أن معدلات السرطان (incidence of cancer) في الشرق الأوسط أقل من الدول الغربية، والأرقام التي ذكرها صحيحة أو قريبة من الصحة، ولكن بقية الأمور التي يذكرها لا علاقة لها بالمنطق.

فمثلا، موضوع السكر والخلية السرطانية ليس صحيحا، خاصة أنه في الفيديو نفسه يقول إن السكان في منطقة الشرق الأوسط يستهلكون الكثير من السكر. أيضا حول دور الصيام، فصحيح أن الصيام له فوائد صحية كبيرة إلا أنه لا علاقة له بالسرطان، وفق الصورة التي زعمها الفيديو، والشخص يصوم شهرا واحدا في السنة، فماذا عن باقي أشهر السنة؟ أيضا هناك دول غير إسلامية، ولكن نسب السرطان فيها قليلة ومشابهة للدول العربية، مثل الهند.

ويؤكد الدكتور أن الصيام له فوائد صحية معروفة، ولكن الزعم أنه مسؤول عن انخفاض نسبة السرطان بهذا الشكل ليس صحيحا، وهناك عوامل أخرى.

وقال الدكتور منصور إن سبب ارتفاع نسب السرطان في الدول الغربية ناتج عن عدة عوامل، هي:
أولا. الشيخوخة
وهو العامل الرئيسي، إذ بعد بلوغ السبعين يصبح معدل السرطان واحدا من كل 3، وفي الدول الغربية فإن معدل العمر المتوقع عند الولادة هو 82-83 ، بينما نحن في معظم الدول العربية فإن معدل العمر المتوقع هو أقل من 70 عاما.

فالمجتمعات العربية هي أصغر عمرا وشابة أكثر من الغربية، وهذا يفسر انخفاض نسب السرطان فيها.

ويقول الدكتور منصور إن أهم عامل للإصابة بالسرطان هو الأعمار الكبيرة (advanced age). وعلى سبيل المثال، في الولايات المتحدة نسبة السرطان لمن هم أصغر من 20 سنة هي 25 لكل 100 ألف، لكن هذه النسبة تتضاعف 40 ضعفا، لتصبح ألف إصابة لكل 100 ألف بعد عمر الستين، وهذا يدل على أن تقدم العمر هو أهم عامل.

ومثلا في الأردن، فإن نسبة من هم فوق الستين هي 4.6% من السكان، ولكن هذه الفئة تستحوذ على نسبة أكثر من 60% من حالات السرطان.

ثانيا. الكشف
الكشف (Screening) والفحص المبكر هو العامل الثاني الذي يفسر ارتفاع نسب السرطان في الدول الغربية، إذ في الغرب التشخيص أفضل، والناس يعيشون أطول حتى يتم تشخيصهم بالسرطان.

مثلا في الدول الغربية، السرطان الأول بين الرجال هو سرطان البروستات، لكنه في الدول العربية ليس الأول، وفي بعض الدول العربية ترتيبه أكثر من 5 أو 6 أو 7، وفي بعض الدول أكثر من 10. وذلك لأنه لا يوجد كشف، ولا يعيش الناس طويلا حتى يصابوا بسرطان البروستات.

ثالثا. الدقة في تسجيل حالات السرطان
وقال الدكتور إن الدقة في تسجيل حالات السرطان (accuracy of cancer registry) يختلف من دولة عربية لأخرى، وهو من أسباب انخفاض نسب السرطان المسجلة. إذ قد تكون هناك حالات وفيات ناجمة عن السرطان، لكن لا يتم التعرف عليها أو تسجيلها نتيجة عدم الكشف أو التشخيص الصحيح، أو عدم تسجيل الحالة بعد كشفها.

في المقابل، لفت الدكتور عاصم إلى أنه في كثير من الدول العربية فإن نسب التدخين مرتفعة، وحتى عند النساء لدى بعض الدول، ولذلك فإنه يرى أنه مع ارتفاع معدل العمر المتوقع في الدول العربية، ومع عوامل الخطورة التي في مجتمعاتنا العربية مثل السمنة وقلة النشاط البدني والتدخين، فإن نسب السرطان سترتفع بشكل كبير في الوطن العربي، وقد تصبح خلال العقود الثلاثة القادمة مشابهة للدول الغربية.

وأكد الدكتور منصور أن الرسالة الصحيحة التي يجيب إيصالها للجمهور العربي هو أن هنالك عوامل تزيد خطر السرطان في المجتمعات العربية، بعضها يمكن التحكم به وتقليله، وذلك مهم لتقليل نسب السرطان، مثل:

التدخين واستعمال التبغ، إذ يجب الابتعاد عنه، لأنه مسؤول عن العديد من أنواع السرطانات.

السمنة، لذلك يجب تشجيع الأفراد على بلوغ وزن صحي والحفاظ عليه، مع ضرورة الغذاء الصحي الغني بالخضار والفواكه والحبوب الكاملة -وهي جزء أساسي من حمية منطقة الشرق المتوسط التقليدية- التي تحتوي على مضادات أكسدة تساعد في تقليل خطر بعض أنواع السرطانات.

الخمول وقلة النشاط البدني، ولذلك يجب الحرص على ممارسة الرياضة أو النشاط البدني وفق ما تسمح به صحة الشخص، يوميا أو 5 أيام في الأسبوع، بمعدل 30 دقيقة يوميا، أو وفق توصيات الطبيب المختص.

كما أكد الدكتور منصور على أهمية الكشف المبكر عن السرطان، وذلك لأن الكشف المبكر يعني تشخص المرض في بدايته، مما يساعد على علاجه مبكرا ويزيد من فرص تعافي المرضى ونسب بقائهم على قيد الحياة.

وقال الدكتور منصور إن ما يحدد نسبة السرطان في أي بلد هو عبارة عن تفاعل بين عدة عوامل، منها ما هو جيني ومنها ما هو بيئي ومنها ارتفاع عوامل الخطورة في ذلك البلد، وهذه مختلفة بين بلد وآخر وبين منطقة جغرافية وأخرى وبين عرقية وأخرى، فبعض أمراض السرطان تكثر في بعض الأماكن لزيادة عوامل الخطورة أو للاستعداد الجيني لها.

الجزيرة