تذكير بتضحيات الجيش الأردني في الحروب الماضية.
في هذه الأيام، التي تتنافس بها الدول العربية، في الوصول إلى الحضن الإسرائيلي قبل غيرها، أتذكر بكل أسى، تضحيات الجيش الأردني وما قدمه من شهداء ومصابين، في سبيل الحفاظ على فلسطين والأردن، ولكنها مع الأسف، ذهبت أدراج الرياح.
لم أجد في بداية هذا العام ما أكتبه، أفضل مما كتبه المؤرخ سليمان موسى - عليه رحمة الله - في كتابه " أيام لا تنسى "، مبينا من طرف محايد وصفًا لتلك التضحيات، فرأيت أن انقلها على هذه الصفحة، تذكيرا بها دون تعليق.
* * *
يقول الكاتب :
وأنتم يا إخواني جنود الجيش العربي وضباطه :
" لقد عشت معكم سنوات غالية من عمري، وأنا أتتبع الهضاب الوعرة التي قطعتم دروبها، والمعارك الدامية التي خضتم غمارها. سرت معكم بقلبي وعقلي أيام الحرب خطوة خطوة، عشتها معكم.
كنت شاهدًا على الدماء التي نزفت وبللت تراب الأرض، على الجراح التي أصابتكم هنا وهناك، على الآلام المبرحة، على العرق والدموع، على التأوهات الحزينة، والأشواق الضائعة.
كان هدفي أن أعطيكم بعض حقكم، لأن الذي أعطيتم - مهجكم العزيزة وأعماركم - أكبر وأعظم من يوفى حقه كاملا. كنتم المثل الأعلى للمحبة التي تعطي بسخاء وعن طيبة خاطر، تعطي كل شيء دون أن تأخذ شيئا.
وكيف أستطيع أنا أو يستطيع غيري أن يرد لكم جميلكم ؟ أنتم الذين وقفتم في وجه الموت، أنتم الذين ألقيتم بأنفسكم في لجة النار. ماذا يستطيع الوطن أن يصنع لكم ؟ أنتم الذين سهرتم وشقيتم بينما كان غيركم يغط في النوم.
على هذهالصفحات أحمل لكم اعتراف الوطن بجميلكم، لكي يبقى ذلك الاعتراف ما بقيت الكلمة، شاهدًا لكم علينا نحن الذين لم يكن لنا الشرف الذي نلتم : أن نحمل السلاح ونحارب الغزاة.
فلتكن الليالي الطويلة، التي سهرتها في رسم هذه الكلمات، باقة بين أيديكم. وليكن هذا الكتاب، شاهد حق مع أبنائكم وأحفادكم، لكي يقول كل واحد منهم بفخر : كان أبي جنديا من جنود الجيش العربي ".
عمان ٢٨ آب ١٩٨٢